عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2020, 01:08 PM   رقم المشاركة : 23
الكاتب

عمر نجاتي

الاعضاء

عمر نجاتي غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









عمر نجاتي غير متواجد حالياً


رد: كتاب آداب المريدين




[(فصل) وأما الصبر]

فالأصل فيه قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [آل عمران: 200].

وقوله عز وجل: {واصبر وما صبرك إلا بالله} [النمل: 127].

وما روي عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الصبر عند الصدمة الأولى".

وما روي "أن رجلاً قال: يا رسول الله ذهب مالي وسقم جسمي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا خير في عبد لا يذهب ماله ولا يسقم جسمه، إن الله تعالى إذا أحب عبدًا ابتلاه، وإذا ابتلاه صبره".

وما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن الرجل لتكون له الدرجة عند الله عز وجل لا يبلغها بعمله حتى يبتلي ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك".

وما جاء في الخبر "أنه لما نزل قوله تبارك وتعالى: {من يعمل سوءًا يجز به} [النساء: 123] قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله كيف الفلاح بعد هذه الآية؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: غفر الله لك يا أبا بكر أليس تمرض؟ ألي يصيبك البلاء؟ أليس تصبر؟ أليس تحزن؟ فهذا ما تجزون به".

يعني أن جميع ما يصيبك يكون كفارة لذنوبك.

فالصبر على ثلاث أضرب:

أحدهما: صبر لله عز وجل، وهو على أداء أمره وانتهاء نهيه.

وصبر مع الله عز وجل، وهو الصبر تحت جريان قضائه وافعاله فيك من سائر الشدائد والبلايا.

وصبر على الله عز وجل، وهو الصبر على ما وعد من الرزق والفرج والكفاية والنصر والثواب في دار الآخرة.

وقيل: الصبر على قسمين:

أحدهما: صبر على ما هو كسب للعبد، وصبر على مال ليس بكسب له.

فالصبر على الكسب ينقسم على قسمين، أحدهما: على ما أمر الله به عز وجل، والثاني على ما نهاه عز وجل عنه.


وأما الصبر على ما ليس بكسب للعبد: فصبره على مقاساة ما يتصل به من حكم الله وقضائه فيما له فيه مشقة وألم في القلب والجسد.

وقيل: الصابرون ثلاثة: متصبر، وصابر، وصبار.

وقيل: وقف رجل على الشبلي رحمه الله تعالى فقال له: أي الصبر أشد على الصابرين؟ قال: الصبر في الله، فقال: لا، فقال: الصبر لله، قال: لا، قال: الصبر مع الله، قال: لا، قال: فأيش؟ قال: الصبر على الله، فصرخ الشبلي صرخة كادت روحه تتلف.

وقال الجنيد رحمه الله تعالى: السير من الدنيا إلى الآخرة سهم هين على المؤمن، وهجران الخلق في جنب الحق شديد، والسير من النفس إلى الله صعب شديد، والصبر مع الله أشد.


وسئل رحمه الله تعالى عن الصبر؟ فقال: تجرع المرارة من غير تعبيس.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد"، وقيل ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وقال ذو النون المصري رحمه الله تعالى: الصبر التباعد عن المخالفات، والسكون عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحة المعيشة.

وقيل: الصبر الوقوف مع البلاء بحسن الأدب.

وقيل: هو الفناء في البلوى بلا ظهور شكوى.

وقيل: الصبر هو المقام مع البلاء بحسن الصحة، كالمقام مع العافية.

وقيل: أحسن الجزاء على العبادة الجزاء على الصبر ولا جزاء فوقه، قال الله تعالى: {ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 96]، وقال عز وجل: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر: 10].

وقيل: الصبر هو الثبات مع الله عز وجل، وتلقي أذية بلائه بالرحب والدعة.

وقال الخواص رحمه الله تعالى: الصبر الثبات مع الله تعالى على أحكام الكتاب والسنة.

وقال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله تعالى: صبر المحبين أشد من صبر الزاهدين، واعجبًا كيف يصبرون؟ وأنشد:

الصبر يحمل في المواطن كلها ... إلا عليك فإنه لا يحمل

وقيل: الصبر ترك الشكوى.

وقيل: هو الاستكانة والاستعاذة بالله عز وجل.

وقيل: الصبر كاسمه.

وقيل: الصبر هو ألا يفرق بين حال النعمة والمحنة مع سكون الخاطر فيهما، والتصبر

هو السكون مع البلاء مع وجدان أثقال المحنة



.


رد مع اقتباس