عرض مشاركة واحدة
قديم 03-27-2012, 05:26 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: Finland تاريخ فنلندا

جايسون لافري وكتاب تاريخ فنلندا

الكاتبFINRAQ

مؤلف هذا الكتاب هو الباحث جايسون لافري أستاذ علم التاريخ في جامعة ولاية اوكلاهوما في الولايات المتحدة الأميركية. وهو يقدم هنا لمحة تاريخية شاملة عن أحد البلدان الاسكندنافية: فنلندا. ومعلوم أن هذا البلد محاط ببحر البلطيق غربا وجنوبا. وله شواطئ طويلة جدا على هذا البحر وتبلغ ألف ومئة وستة وعشرين كيلومترا.

كما وتحده من الغرب السويد ومن الشرق روسيا ومن الشمال النرويج، وحدوده مع روسيا طويلة جدا إذ تتجاوز الألف وثلاثمئة كيلومتر. ولذلك فإن مشاكله معها كانت دائما صعبة ومعقدة قبل أن تتحسن أخيرا. وأما مع النرويج فتتجاوز السبعمئة كيلومتر ومع السويد تقارب الستمئة كيلومتر. وعاصمة فنلندا هي مدينة شهيرة تدعى «هلسنكي»، وفيها عقدت مؤتمرات دولية كبرى وبخاصة لتنظيم العلاقات بين الغرب والاتحاد السوفييتي قبل سقوطه. وأما عدد سكان فنلندا فلا يتجاوز الخمسة ملايين إلا قليلا. هذا في حين أن مساحتها كبيرة نسبيا وتتجاوز الثلاثمئة ألف كيلومتر مربع، أي مرة ونصف مساحة بلد كسوريا.

وأما عدد سكان العاصمة هلسنكي فيتجاوز النصف مليون نسمة. وأما متوسط دخل الفرد سنويا فهو مرتفع وأكبر منه في فرنسا لأنه يبلغ خمسة وعشرين ألف دولار، أي بمعدل ألفي دولار في الشهر أو أكثر قليلا. وهذا يعني أن فنلندا بلد غني ومتقدم ومزدهر كبقية البلدان الاسكندنافية. ولكن متوسط دخل الفرد في السويد أكبر لأنه يتجاوز السبعة وعشرين ألف دولار، وفي الدانمارك اثنين وثلاثين ألف دولار، وفي النرويج الأربعة وثلاثين ألف دولار. وهذا يعني أن فنلندا أفقر البلدان الاسكندنافية على الرغم من غناها وارتفاع مستوى الحياة فيها.


ثم يردف المؤلف قائلا: وفنلندا من أجمل بلدان العالم لأنه توجد فيها آلاف البحيرات والجزر: أكثر من مئة وسبعة وثمانين ألف بحيرة! وأكثر من مئة وتسعة وسبعين ألف جزيرة! فهل هناك من بلد واحد في العالم يحتوي على كل هذا العدد الهائل من البحيرات والجزر؟ مستحيل. يضاف إلى ذلك أن الغابات الخضراء تغطي معظم مساحات البلاد وسهولها وجبالها القليلة ووديانها وتلالها.

ولكن المناخ صعب وقاس. ففي الشتاء قد تنزل درجة الحرارة إلى أربعين أو أكثر تحت الصفر وبخاصة في الشمال. ولكن في الصيف قد ترتفع درجة الحرارة إلى تسعة وعشرين درجة. وربما كانت الانقلابات المناخية قد انعكست على فنلندا كغيرها من البلدان. فهناك ارتفاع لدرجة الحرارة في كل مكان.

وأما من ناحية الاقتصاد فإن غنى فنلندا يعود إلى الصناعة بالدرجة الأولى. فهي أول بلد في العالم من حيث إنتاج الهاتف النقال ذي الماركة الشهيرة: نوكيا. يضاف إلى ذلك أن تضم بعضا من أكبر الشركات العالمية الأخرى. وبالتالي فصناعاتها شهيرة وقادرة على منافسة البلدان الصناعية الأخرى.

وفنلندا بلد ينتمي إلى الاتحاد الأوروبي ويستخدم العملة الموحدة، أي اليورو منذ عام 1999. وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإن فنلندا تحتل المكانة الحادية عشرة من حيث التطور بالقياس إلى كل بلدان العالم. وهي مرتبة مرموقة وتحسد عليها.ولكن ماذا عن السياسة؟ على هذا السؤال يجيب المؤلف قائلا:إن فنلندا هي بلد ديمقراطي برلماني، ورئيس الجمهورية هناك يمتلك سلطات كبيرة ولكنه يلعب الآن دورا أقل أهمية مما كان عليه الحال قبل عشرين سنة. وبالتالي فالدور الأساسي يقع على كاهل الحكومة ورئيس الوزراء الذي يختار عادة من قبل البرلمان.

والبرلمان الفنلندي مشكل من مئتي نائب، وهو يمتلك بحسب نص الدستور السلطة التشريعية العليا في البلاد. ويستطيع أن يعدل الدستور أو يقيل الحكومة إذا شاء، بل ويستطيع حتى أن ينقض الفيتو الرئاسي. والقوانين التي تصدر عن البرلمان لا يمكن لأحد معارضتها، وبالتالي فيمكن القول بأن فنلندا بلد ديمقراطي من الدرجة الأولى لأن كل شيء يصدر عن الممثلين الذين ينتخبهم الشعب بكل حرية. ومدة الحياة البرلمانية هناك أربع سنوات، بعدئذ تحصل انتخابات جديدة.

ثم يردف المؤلف قائلا: والديمقراطية قديمة العهد في فنلندا لأنها تعود إلى مطلع القرن العشرين، أي عام 1906 تحديدا. وكانت تهيمن على البرلمان في البداية الأحزاب الزراعية لأن البلد كان زراعيا بالدرجة الأولى، ثم الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، ثم الحزب الشيوعي. ولكن يلاحظ أن الحياة السياسية الفنلندية تتميز بكثرة التيارات المضادة للاشتراكية والشيوعية نظرا للعداء المستحكم مع روسيا. والسبب هو أن الاتحاد السوفييتي غزا فنلندا واحتلها في بعض الفترات ولذلك فهناك رد فعل عنيف ضد كل ما هو شيوعي.

يضاف إلى ذلك أن حدود فنلندا مع روسيا طويلة جدا كما ذكرنا وبالتالي فالاحتكاك بين البلدين لم يكن جيدا على طول الخط. في الواقع أن الاتحاد السوفييتي هاجم فنلندا في 30 نوفمبر 1939، أي في بداية الحرب العالمية الثانية، والسبب هو الاختلاف الناشب حول الحدود. فكل بلد يدعي أحقيته في الأراضي المتنازع عليها. واضطرت فنلندا إلى توقيع معاهدة سلام عام 1940 وتقديم تنازلات أرضية كثيرة للاتحاد السوفييتي.

ولكن هجوم هتلر على الاتحاد السوفييتي عام 1941 جعل من فنلندا حليفا موضوعيا لألمانيا النازية. فكلا البلدين كان يناضل ضد عدو مشترك هو: الاتحاد السوفييتي والشيوعية. نقول ذلك على الرغم من أن فنلندا كانت تحارب روسيا لأسباب أخرى لا علاقة لها بالنازية. وقد هاجم الفنلنديون الاتحاد السوفييتي في نفس الوقت الذي هاجمه هتلر. ولكن الهزائم المتتالية للجيش الألماني هناك جعلت فنلندا تخشى من عواقب الأمور فغيرت موقفها ووقعت معاهدة سلام منفصلة مع الاتحاد السوفييتي عام 1944.

وقد اعتبر هتلر ذلك بمثابة طعنة في الظهر، فقرر الانتقام من فنلندا. وهذا ما حصل بالفعل، فجيوشه المتراجعة من روسيا راحت تكتسح فنلندا وتدمرها تدميرا. ولذلك خرجت فنلندا من الحرب العالمية الثانية وهي منهكة فعلا. وزيادة على ذلك فقد فرضت عليها معاهدات السلام بعد الحرب أن تدفع تعويضات ضخمة للاتحاد السوفييتي. ولكنها لم تفقد سيادتها واستقلالها على عكس دول البلطيق التي ضمها الاتحاد السوفييتي إليه وقضى على شخصيتها الوطنية لمدة خمسين سنة قبل أن تسترجعها مؤخرا بعد انهيار الكتلة الشيوعية.


وبالتالي فقد عانت فنلندا كثيرا في الماضي. ومع ذلك فقد استطاعت أن تبني نفسها بعد الحرب وتصبح إحدى أكثر الدول تقدما وازدهارا في العالم. وعاصمتها هلسنكي أصبحت إحدى عواصم العالم الكبرى. وكل ذلك يعود إلى نشاط أبنائها وتفانيهم في العمل وأخلاقيتهم الحضارية المسؤولة. وهذه هي الصفات التي تتمتع بها شعوب أوروبا الشمالية والاسكندنافية. ولذلك جعلت منها أرقى أمم الأرض.

فحتى فرنسا عندما تبحث عن نموذج لكي تقلده فإنها تتحدث عن السويد أو فنلندا أو النرويج أو الدانمارك. ثم يعود المؤلف إلى طبيعة البلاد ومناخها ويقول بما معناه: إن الشتاء طويل جدا هناك، كما أنه قاتم وحزين، ولذلك فعندما يجيئ فصل الربيع فإن الناس يشعرون بالفرح والسعادة كما لو أنهم ولدوا من جديد. نعم إن الربيع هناك يمثل الولادة الثانية والانبعاث وانتصار الحياة على الموت.

وأما البحيرات الفنلندية فمشهورة بمياهها النقية الصافية إلى درجة أن الناس يستحمون فيها دون أي مشكلة. بل إنهم يشربون منها لأنها غير ملوثة أبدا بأي شيء كان. والفنلنديون يحبون بحيراتهم كثيرا بعد أن رزقهم الله الكثير منها. وفي الشتاء لا تطلع الشمس لفترة طويلة فيتحول النهار إلى ليل لبضعة أشهر. وفي الصيف قد لا تغيب الشمس أبدا فيتحول الليل إلى نهار. وبالتالي فهناك مناخ خاص جدا في فنلندا ومعظم الدول الاسكندنافية.

والكثير من الفنلنديين يمتلكون منزلا (أو شاليه) على ضفاف إحدى البحيرات وأحيانا على الجزر. وبالتالي فهم يوزعون حياتهم بين المدن الكبرى والصغرى حيث يشتغلون ويكسبون رزقهم وبين الأرياف حيث تكثر البحيرات والجمال الطبيعي الأخاذ وبخاصة في الربيع والصيف.

هذه هي باختصار شديد قصة فنلندا، البلد الساحر بامتياز والذي يجذب إليه ملايين السياح. ولولا مناخه الصعب شتاء لكان عدد السياح أضعافا مضاعفة. ولكن يكفيه فخرا أنه استطاع أن يصبح واحدا من أرقى بلدان العالم على الرغم من كل ما حصل له من كوارث وحروب ونكبات.

*الكتاب:تاريخ فنلندا

تأليف :جايسون لافري

*الناشر: غرينوود بريس 3 – نيويورك 2006

*الصفحات: 216 صفحة من القطع الكبير

Cant See Links


رد مع اقتباس