عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2010, 08:59 PM   رقم المشاركة : 6
الكاتب

أفاق : الاداره

مراقب

مراقب

أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









أفاق : الاداره غير متواجد حالياً


رد: التراث الشعبي هي الحصيلة الانسانية لكافة الشعوب

المادة :: الفصل الرابع - عادات الطعام

الأكلات الشعبية وآداب المائدة وطرق تناول الطعام الوجبة الرئيسية في مجتمع الإمارات هي (العيش) أي الأرز والسمك أو اللحم والتمر ويعتبر العيش أساسيا في كل وجبة ما عدا الإفطار. وتسمية الأرز محليا باسم (العيش) نابعة من كون المجتمع يعيش على الأرز كما هي الحال في بعض الدول العربية التي تعتبر الخبز هو العيش لأنه أساسي في وجباتها. وبجانب الأكلة الأساسية من العيش والسمك الذي قد يكون طبخة (المكبوس) أو طبخة (المحمر) وهو المطبوخ في الدبس مع الماء، فيصبح لونه أحمر وطعمه حلوا. وهناك (المشخول) وهو الأرز الذي ينقل في (المشخول) أي المصفاة ثم يوضع فيه اللحم أو السمك المحمر. و(المحشي) والذي يتم بفرك ذبيحة كاملة بالملح والكركم الأصفر بكثيرة وتركها ساعتين أو ثلاث ساعات حتى تجف من الماء ثم تحشى بالزبيب واللوز والبيض والهال والقرفة مع رأس الذبيحة ثم تقفل البطن على هذه المواد المغذية، وتفرك الذبيحة بالقرفة والهيل من أعلى لتوضع بعد ذلك في قدر كبير وتحتها خشب حتى لا تلتصق بقاع الجدر ثم تدفن في حفرة مليئة بالجمر حوالي 7-8 ساعات. وعادة يصنع هذا في عيد الأضحى لكثرة اللحم من الأضاحي. ويشترط السمين في الخرفان، كما يصنع في مناسبات الزواج والأعياد. ومن الأكلات الشعبية الشهيرة (الفريد) وهو عبارة عن خبز ومرق ولحم. و(المشوي) و(الهريس) المكون من اللحم والبر وهو القمح ويؤكل بعد الطحن. وهناك (المرقوق) المكون من عجين يجفف ويقطع قطعا صغيرة ويوضع في مرق اللحم أو السمك بحيث يفور مع المرق. و(الجريش) وهو أشبه بالبرغل من القمح. و(النييرة) وهو بر مغلي مع السمك أشبه بالعصيد وفيه اللومي الحامض والبهارات والسمن. أما (العصيد) فهو مثل (الخبيص) لكنه اكثر ليونة. ويصنع (الخبيص) من طحين الأرز أو البر مع السكر والسمن البلدي والهيل. وهناك (الممروس) وهو خبز محلي يمرس مع التمر. وهناك (الحلوى العمانية) المصنوعة من خلاصة البر (النشا) والسكر والسمن البلدي وماء الورد والهيل والزعفران كما تزين باللوز والفستق. و(الرهش) وهو أشبه بالحلاوة الطحينية (السكرلمة) وهي أقراص تشبه كعك العيد الذي يصنع في البلاد العربية. وللأطفال هناك بعض الانواع التي كانوا يقدمون عليها مثل (كل واسكت) وهي خليط من السكر والفول السوداني وتتميز بطعمها اللذيذ. و(الجبيط) ويصنع من عسل النحل مع السمسم ويقوم ببيعه بائع متجول وهو ينشد : (يالجبيط يالحالي .. يالمشتت بأحوال ي وأنا في السكة أتالي) وهناك (ملبس بوظبي) ويصنع في أبوظبي بصفة خاصة والحبة منه في حجم بيضة الدجاجة وهو خليط من السكر والطحين وملبس من الخارج بالسكر. و(المنفوش) وهو من السكر ويصنع في شكل خيوط الشعر المنفوشة. و(الزلابية) وهي من السكر والطحين والخميرة وتشبه كثيرا البقلاوة في البلدان العربية. ومن العادات المتوارثة حتى وقتنا الحاضر تناول الطعام بكف اليد دون استخدام أي أداة للأكل كالمعلقة والشوكة والسكينة وطريقة تناول الطعام تتم باليد اليمنى، فقد تربى عليها الآباء وتعلمها الأبناء كطريقة لتناول الطعام، ولابد لمن يأكل بيده أن يغسلها جيدا قبل كل طعام وبعده. ومن آداب المائدة وطرق تناول الطعام الاجتماع حول (السرود) أي السفرة، وهي عبارة عن قطع دائرية مصنوعة من ورق النخيل وهي (المائدة) وتوضع عليها صينية فيها الأرز، وقد تكون الصينية كبيرة الحجم أو متوسطة أو صغيرة على حسب عدد الأفراد، ويوضع (الحلى) و(الإدام) والسمك و هو طبق رئيسي كالأرز لأهل المدن إلا أنه في المناسبات (كالأعياد وفي رمضان وعند الزواج أو للضيوف) قد تذبح الذبائح، ومع كل وجبة لابد من وجود التمر. يبدأ أهل الإمارات الأكل مثلهم مثل بقية المسلمين بقولهم (بسم الله)، وإن كانت الوجبة لضيف فلا يمد الجميع يده قبل الضيف، وإن كان أحد الأبناء موجودا فلا يمد يده على اللحم أو السمك أو يباشر الأكل قبل الجماعة. وأكبر الأفراد سناً مقدم على الجميع. ومن الضروري كسر رأس الذبيحة، وعندما يهم احدهم بكسر الرأس يتوقف الجميع عن الأكل حتى ينتهي من هذه المهمة. وقد يقطع اللحم ويقدم للضيف تقديرا واحتراما له. وعند الانتهاء من الطعام يتوجب الصبر حتى ينتهي الضيف وعندها يقوم أصغر الموجودين بصب الماء على يد الجميع ليغسلوها. وبعد الأكل يقدم الشاي والقهوة العربية. ويتحدث الجميع ويمرر (المبخر) ويسمى (المدخن) أيضاً حيث توضع عليه كسر من خشب شجر العود فينبعث منه دخان ذو رائحة لطيفة وقد تعود المجتمع على استعماله، ويبدأ المبخر من الضيف أو الأكبر سناً ويدور على الجميع بعد ذلك، وجدير بالإشارة إلى ان النساء يأكلن مع بعضهن بعضا في العائلة والرجال والأولاد مع بعضهم. إعداد المشروبات تعتبر القهوة المشروب الرئيسي لأهالي المنطقة، بها يطيب السمر والحديث، وكانت رفيقة البدوي والحضري في الحل والترحال، في الصباح وفي الجلسات العائلية وفي الأمسيات الحميمة. والقهوة مشروب للفقراء مثلما هي للأغنياء، للنساء مثلما هي للرجال. ويعتقد أهالي المنطقة ان للقهوة فوائد عديدة، فإلى جانب أنها تمنح شاربها نشاطا ملحوظا، تشفي العديد من الأمراض وتوقف نزيف الدم، وغير ذلك من فوائد. وتعد القهوة من أقدم المشروبات التي عرفها أبناء الإمارات، يليها الشاي، قبل ان يعرف الناس مشروبات أخرى مثل الزعتر والزنجبيل وبعض المشروبات الغازية كالنامليت والكوثر وهما قريبان من المشروبات الغازية المعروفة اليوم، ويعتبران مشروبين للصيف، ينعشان شاربهما، غير انهما اختفيا مع انتشار مصانع المياه الغازية الأجنبية. اما الشاي فيعرف بعدة أسماء، فالبعض يطلق عليه اسم (جاي)، والبعض يسميه (شاهي)، فضلا عن تسميته العربية الفصحى شاي. ويعتقد اهالي الإمارات ان الشاي يساعد على هضم الطعام، لذا كانوا يحرصون على احتسائه بعد تناول الطعام. أما الزنجبيل فهو مشروب ساخن يشرب في الشتاء، ويتناوله الناس إما منفردا أو مع الحليب، لكن شربه بالحليب كان للمقتدرين بشكل أساسي نسبة لارتفاع سعر الحليب يومها لندرة الماشية والابقار قياسا إلى عدد الناس. وكانت بعض الأسر تشرب الزنجبيل مع الحليب صباح كل جمعة من كل أسبوع كعادة محببة لأفراد الاسرة جميعا، الصغار منهم والكبار. والاعتقاد الشعبي السائد ان الزنجبيل له فوائد صحية كثيرة أشهرها علاج حالات الإصابة بالبرد. ويشرب الأهالي الزنجبيل في الكؤوس الكبيرة على خلاف القهوة التي تشرب في فناجين صغيرة. اما مشروب الزعتر فكان أكثر انتشارا من الزنجبيل، وكان السكان الحضر يقبلون على شربه خاصة في الشتاء. وعرفت المنطقة كذلك مشروبا آخر كانت له جاذبية كبيرة هو مشروب (شاي لومي)، ويحضر هذا الشاي من الليمون صغيرة الحجم بعد تجفيفه بشكل مشابه لطريقة تحضير الشاي العادي تماما. وهناك نوع آخر من المشروب هو (شاي الدارسين)، حيث كان البعض يطلق عليه مشروب (الكرفة) وهو عبارة عن عيدان الدارسين الجافة تكسر إلى قطع صغيرة، ثم تغسل وتوضع في الإبريق المعدني، وهذا المشروب معروف في بعض البلاد العربية باسم (القرفة).



المادة :: أدوات صنع المشروبات


الغوري :

ويسمى أيضا الغوري، وكذلك الإبريج، تحريفا للكلمة العربية الإبريق، وفيه يسخن الحليب ويغلي الماء عند الحاجة.

السماور :

وهو مصنوع من النحاس وكان يستخدم كوعاء لغلي الماء، سواء العمل الشاي أو للاستحمام أو لأي غرض آخر تحتاج فيه الأسرة للماء الساخن.

المهباش :

ويشبه الماشة أو الملقط الذي يحرك به الجمر ف ي الكوار أو لنقل قطع الجمر الصغيرة لوضعها في المبخرة، ويصنع من الحديد.

التاوة :

وهي نوعان : الاول كبير وعميق وفيه يصنعون الفقاع واللقيمات الخنفروش. وهي أكلات شعبية معروفة في الإمارات. أما النوع الثاني فهو أصغر حجما، وذو عمق متوسط، ويستخدم في تحميص القهوة. والتاوة تصنع من الحديد.

المحماس :

وهو من الحديد أو النحاس، ويستخدم في تقليب القوة اثناء تحميصها، أو لرفع أنواع من الخبز من على المخبز مثل خبز الخمير.

المخباط :

وهو قطعة من الحديد أو من خشب الأبنوس تقلب بها حبوب القهوة عند تحميصها في التاوة أو المحماس.

الكير أو المنفاخ :

يستخدم لزيادة اشتعال النار، ويصنع من جلود الحيوانات التي عرفتها المنطقة.

المنحاز :

الهاون الذي يستخدم في تنعيم وترقيق المأكولات الخشنة، وتطحن فيه القهوة، ويصنع من الخشب أو الحديد، وله أشكال مختلفة، ولكن شكله العام هو المخروطي العميق في الجزء السفلي والضيق في الأعلى.

الاستكان :

وهو كأس الشاي الزجاجية التي يشرب بها أبناء الإمارات والخليج، وهي صغيرة الحجم تقترب سعة ما تحتويه من سعة فنجان القهوة، وبعض أنواع الاستكان يكون مزخرفا بالنقوش الجميلة وأنيقة التصميم.

البيالة :

وهو نوع آخر من كؤوس الشاي الزجاجية، صغيرة الحجم، مستقيم الحواف وبه يد صغيرة يمسك بها.

السلة أو المعاميل :

وهي مجموع أدوات عمل القهوة من دلال وقدور وفناجين ومحماس وغيرها.

الكوار :

ويطلق عليه كذلك المنقلة أو (المنكلة) بلهجة أهل الخليج وهو وعاء معدني يوضع فيه الجمر، ويستخدم لإبقاء القهوة والشاي ساخنين دائما، وقد يستخدم كذلك في تدفئة (المخازن) غرف النوم في الشتاء، ويوضع عادة في مكان خاص بأحد جوانب الغرفة، ويزود بمسمار المحماس. وقد يكون الكوار مستدير الشكل أو مستطيلا، وبه ثلاثة أو أربعة ارجل ترفعه عن الأرض. ويوجد نوع آخر من الكوار يصنع من الخشب ويوضع في وسطه ما يشبه الجص، ويخصص فيه موضع للفحم توضع عليه الاشياء الخفيفة الخاصة بالمدخن أو المبخرة والعود، وبه فتحة أشبه بالباب في الوجه المقابل لمستخدمه، ويستعمل هذا النوع في تحميص القهوة أو إعداد الخبز بسرعة، وكذلك لتسخين الحليب. وتوضع داخل باب الكوار مستلزمات صناعة القهوة والشاي كالبن والهيل والزعفران وغيرها.

الرشاد :

هو عبارة عن الاداة التي تستخدم في الدق والتنعيم بالمنحاز ويصنع من الخشب أو الحديد أو النحاس ويعرف أيضاً بالهاشمي ويستخدم في دق حبوب القهوة.

الدلال :

ومفردها دلة. وهي معروفة منذ القدم لصناعة القهوة العربية وتقديمها، وكانت تصنع من الفخار، ولها صناع مهرة في المناطق الجبلية، قبل ان تنتشر الانواع المعدنية، وخاصة المصنوعة من النحاس. وللدلال أسماء شتى مثل الدلال (الحساوية) نسبة إلى مدينة الإحساء بالمملكة العربية السعودية، والدلال (العمانية) التي تصنع في عمان وتعرف كذلك باسم الدلال العربية، كما كان بعضها يصنع في الإمارات، وهي عادة ما تكون ذات رأس عريض ومقدمة عالية وتسمى (كريشية).
وهناك أيضاً الدلال (الرسلانية)، وسميت كذلك نسبة إلى المعدن المستخدم في صناعتها، وهو النحاس الأصفر الذي يعرف باسم (رسلان)، ويعتقد كذلك ان هذه التسمية نسبة إلى صناعتها في سوريا من قبل عائلة رسلان، ويصنع هذا النوع كذلك في كل من البحرين والسعودية، وهناك أيضاً الدلة (القرشية) التي تصنع في مكة المكرمة والخليج، هي دلة نحاسية بأحجام مختلفة وبزخارف رائعة.
وتنقسم الدلال تبعا لاستخدماتها المختلفة إلى ثلاثة أنواع :
1- الخمرة : وهي أكبر حجما من دلال القهوة العادية، وتوضع دائما فوق الجمر على الكوار وبها الماء الساخن وما تبقى من بقايا الهيل والبن.
2- الملكمة : وهي الدلة المتوسطة الحجم، والتي يتم فيها تلقيم القهوة بعد نقل جزء من الماء الساخن من الدلة الكبيرة – الخمرة – فيرفع البن من قاعها ويقال : (لكم) القهوة، أي جهزها تمهيداً لصنعها.
3- المزلة : وهي أصغر الدلال المستخدمة في عمل القهوة، وتستخدم بعد طبخ القهوة في الدلة المتوسطة، حيث يصب فيها صافي القهوة، ويقال (زل) القهوة، ثم يوضع بها الهيل، وتستخدم لتقديم القهوة حيث تصب في الفناجين، وبالعامية يقال (فناييل)، ومفردها (فنيال). وتوضع فناجين القهوة عادة في إناء صغير يسمى (الملة) به ماء لغسلها.

المادة :: أدوات إعداد الطعام

تعكس الادوات والطرق التي استخدمها ابناء الإمارات في تحضير غذائهم طبيعة العادات والتقاليد والآداب المرعية، وكذلك البيئة المحيطة، لأن المواد الغذائية والادوات تؤخذ وتصنع مما تقدمه البيئة المحلية ومما يستطيع الناس شراؤه من بيئات أخرى.

المادة :: أدوات تحضير الأغذية للطهي

الرحى :

تعتبر من أقدم أدوات تجهيز الأغذية استعدادا لطهيها، وهي عبارة عن قطعتين مستديرتين من الحجارة الصلبة توضعان الواحدة فوق الاخرى، ويوجد في القطعة العلوية ثقب تثبت به قطعة من الخشب، وذلك لتدويرها، حيث يمكن طحن الحبوب الموجودة بين الحجرين حتى تصبح مسحوقة تماما، جاهزة للطهي.

الجفير

السلة التي تحمل بها الاشياء، ومنه نوعان : نوع صغير يخصص لإحضار احتياجات المنزل من السوق، أما النوع الآخر الكبير فهو مخصص لنقل الأسماك من موقع صيدها في البحر إلى الاسواق لبيعها ويسمى (مزماة)، ويصنع الجفير من سعف النخيل، وكان الشائع ان تقوم النساء بصنعه وذلك كجزء من العمل الذي كن يقمن به في مجتمع الإمارات. وقد يقوم بصناعته بعض الرجال أحيانا. وتستخدم في صناعة الجفير مادة اسمها عضف تجلب من مكران، أما (المنجلة) أو المنقلة فهي قطعة من الخشب تحمل بها المزماة.

السف :

وهو كالصينية، يوضع به الطعام والمأكولات عند تقديمها للضيوف.

المسف :


وهو أشبه بصينية كبيرة، وكانت النسوة تصنعه من الحصير أو سعف النخيل، وكن يستخدمنه في تنظيف الأرز وتخليصه من القشور العالقة به أو من الأتربة، وذلك قبل طبخه. وكانت المرأة تقوم بهذه العملية عن طريق وضع الأرز في نهاية المسف ثم تدفعه إلى أعلى، وخلال ذلك تقوم بالنفخ فيه بشدة، فتتطاير القشور والأوساخ، وتكرر هذه العملية حتى ينظف الأرز.

المنحاز :

وهو الهاون الذي سبق أن أشرنا إليه سابقا عند حديثنا عن أدوات إعداد القهوة، ونضيف هنا أن المنحاز الخاص بإعداد الطعام كان يصنع أحياناً من جذوع الأشجار الضخمة وتسمى باللهجة المحلية (يوان). وكان يقوم بدق الأشياء في المنحاز شخصان، حتى يتمكنا من إنجاز العمل المطلوب بسرعة. وفي بعض مناطق الإمارات كان المنحاز عبارة عن حفرة كبيرة تقارب في مقاساتها ومواصفاتها المنحاز الخشبي الكبير، وكانوا يطلقون على يد الهاون التي تستخدم للدق (رشاد).

المنخل :

وهو من الأدوات التي يستعان بها في إعداد الطعام للطهي، وهو ما ينخل به أو يغربل الدقيق، فيساعد على تنقيته من السوس والمواد العالقة به.

التاوة :

وهي التي سبق أن تحدثنا عنها في فصل أدوات القهوة، وفي بعض المناطق بالإمارات يسمونها الطاوة. ومن بين استخداماتها الضرورية عمل الخبز المعروف باسم (المجدب)، وهو الذي يسمى في بعض البلاد العربية الأخرى بالرقاق أو ما يسمى بالخبز المحلي.

الجفنة :

ويطلق عليها أيضاً (اليفنة) بقلب الجيم ياء كما هو جار في اللهجة المحلية، وهي طبق طعام مستوي الشكل، كبير الحجم، يصنع من الخشب عادة، ويستخدم لتقديم الطعام في الموائد الكبيرة، خاصة الموائد الرمضانية اليومية ويطلق على هذا الطبق عند البدو اسم قدح أو (جدح).

المجبة :

وتنطق محليا ايضا (المكبة) وهي غطاء يستخدم لتغطية أطباق الطعام، ويصنع من سعف النخيل، ويكون عادة مزيناً بالألوان والنقوش، والبعض يسميه المغطاة.

المضراب :

ويستخدم لخلط وترقيق اللحم مع الحب بعد أن ينضجا على النار لإعداد الهريس.

المثعاب :

وهي مغرفة مدببة الطرف تستخدم في إضافة السمن الساخن أو المرق على الأرز أو على أي نوع آخر من الطعام الذي يلزمه السمن عند طهيه.

المادة :: أدوات إشعال النار والأفران

الملبكة :

وتطلق على ما يشعل النيران مثل عيدان الكبريت، وعلى الولاعات التي تستخدم الكيروسين أو البنزين أو الغاز.

القراعة :

وهي عبارة عن قطعتين من الحصى، يصدر عند احتكاكهما ببعضها بعضا بسرعة وقوة شرار تؤدي إلى إشعال النيران في الحطب الجاف جدا أو في العيدان المبللة بالكيروسين.

فش النغر (الصلبوخ) :

ويسميها البعض اختصاراً (فش) وهي عبارة عن صخور بحرية هشة توضع أسفل عيدان الحطب أو الفحم المشتعل، ولا يتأثر هذا النوع من الصخور بالنيران الملتهبة، وهي ذات قدرة كبيرة على تحمل الحرارة وتركيزها باتجاه القدر بدلا من تشتتها.

الماقد :

وهو المكان الذي يجهز لوضع صخور (فش النغر) المستخرجة من قاع البحر، وفوقها الحطب أو عيدان الاشجار الجافة أو الفحم ثم إشعالها، فتصبح موقد النار الذي يستخدم للطهي.

المشب :

وهو أداة لتحريك الجمر دائري الشكل له استخدامات عدة، منها تخفيف حرارة الطعام الذي خرج من الفرن أو من فوق النيران ووضع على المائدة على الفور، ويساعد أيضاً على اشتعال النار وتأججها في الموقد، وذلك بتحريكه يمنة ويسرة فتزداد النار بذلك اشتعالا، ويطلق الاسم ايضا على الحطب الجاف الذي يوضع فوق الفحم فيساعد على إشعال الفحم، أي انه اشبه بالكيروسين الذي يوضع فوق الفحم الجاف للمساعدة على إشعاله.

التنور :

ويسمى ايضا (هندوي) في اللهجة المحلية، وبه فتحة يوضع فيها الحطب تسمى (دمي) وهو أقرب إلى الفرن منه إلى الموقد، وعرفت منه أنواع ثلاثة :
تنور الهريس : وهو عبارة عن حفرة في الأرض أكبر في مقاساتها من القدر المستخدم للطهي، ثم توضع الجمرات وفوقها قدر الهريس ويغطى بالرمال.
التنور الثابت : ويصنع من الطين أو الجص والأسمنت ، ويختار له موقع ثابت في ساحة البيت ويخصص بصفة مستمرة للطهي.
التنور المتحرك : وهو عبارة عن ثلاثة أحجار قريبة من بعضها بعضا يوضع بينها الخشب الجاف أو الفحم أو قطع الخشب القابلة للاشتعال، وفوقها يوضع الموقد، وبإمكان ربة البيت تحريكه إلى المكان الذي تريده.

المحاور :

ويطلقون عليه اسم (المركة)، وكذلك (المركية) في مناطق متعددة بالإمارات، وهو أشبه بالتنور أو الموقد، فهو يتكون من طوق حديدي مثبت به ثلاثة أرجل، ويوضع عليه القدر الموجود به الطعام المطلوب لطهيه، ويوضع بين الأرجل الثلاثة الحطب أو الفحم.

المخبز :

وهو قطعة من الحجر أو الحديد، توضع فوق الجمرات وتستخدم لعمل الخبز الرقاق والمحلي والخبز و(الجباب)، وليس له أحجام ثابتة، بل تعده كل أسرة حسب حاجتها.

المادة :: أدوات طهي الطعام

القدور :


وهي الأوعية أو الأواني التي تستخدم لطهي الطعام، وكانت تصنع من مواد تقاوم اللهب مثل النحاس أو الفخار أو الألمنيوم الذي دخل إلى المنطقة في العقود الأخيرة وأهم أنواع القدور التي عرفت بالمنطقة : القدر الفخاري : وهو أقدم أنواع القدور في الإمارات على الإطلاق، وكان أكثر الانواع شيوعا، خاصة في النصف الاول من القرن العشرين وما سبقه، ويستخدم في طهي الطعام، وهو يصنع محليا، خاصة في محارق الفخار التي كانت منتشرة في رأس الخيمة. البرمة : وجمعها البرام : وهو الآخر قدر يستخدم للطهي، ويصنع من الفخار المحروق. الطابي : وهي التسمية المحلية للمقلاة التي تستخدم لقلي الطعام وهي دائرية الشكل ذات حواف عالية، واستخدمت لقلي السمك وغيره بالزيت والسمن. الصفرية : وهي القدر المصنوع من النحاس ذو أحجام متفاوتة. بينها الكبير الذي يمكن ان يطبخ فيه كمية تكفي عائلة كبيرة، وبينها الصغير. والملاس : وهي الأداة التي تستخدم لتقليب الطعام خلال طهيه، كما تستخدم كمغرفة لإخراج الطعام بعد أن يجهز. قديماً كان الملاس يصنع من عيدان الخشب، ثم بعد ذلك صار يصنع من النحاس الذي يغلف بمقابض خشبية، وفي وقت لاحق اصبح يصنع من الالمنيوم. المشخلة : أو المصفاة وتستعمل لتصفية الطعام من السوائل أو المياه التي توجد بها بعد الطهي، مثل تخليص الارز من الماء بعد طهيه عن طريق غليه في الماء، أو تخليص (البلاليط) الشعرية من الماء. الكفشة : وهي الملعقة الكبيرة التي يطلق عليها كذلك (الخاشوكة) وتستخدم لنقل الطعام المطهي من القدر إلى أواني المائدة. الأدوات المستخدمة لتقديم الطعام وتناوله رغم البساطة التي كانت عليها المائدة في مجتمع الإمارات فيما مضى، إلا أنها كانت مرتبة ومنوعة وتضم أدوات مخصصة لتناول الطعام ولا تستخدم في أي أمر آخر حفاظاً على نظافتها وحرصا على الاحتفاظ بها مدة أطول. ومن بين هذه الادوات : السرود : عبارة عن حصيرة مستديرة الشكل أو مستطيلة مصنوعة من سعف النخيل، وتكون عادة مزخرفة باشكال جميلة وألوان متعددة مقبولة ومحببة لأبناء الإمارات، وتقوم ربات البيوت بصنعها. وعادة تجتمع الأسرة حول السرود لتناول الطعام، ويجتمع معها الضيوف كذلك، الرجال وحدهم، والنساء وحدهن. وتكون للضيف عادة الصدارة حول السرود، وكان الجالسون حول السرود لتناول الطعام يقعدون فوق حصير كبير. اللقن : وتنطق محليا (اللكن)، وهي الصواني التي توضع فيها أطباق الطعام وتوضع فوق السرود، وتكون كبيرة الحجم تستوعب كمية كبيرة من الأطباق. الخنجة : وهي الطبق الكبير الذي يقدم فيه الطعام، خاصة الأرز واللحم أو السمك، وهي ذات شكل بيضاوي.

المادة :: أدوات حفظ المياه واستخداماتها

أدرك إنسان الإمارات منذ زمن بعيد أهمية المياه وضرورة الحفاظ عليها وترشيد استهلاكها، وكان في سعي دائم وراء أماكن تواجدها، بسبب ان المياه كانت شحيحة وخاصة في سنوات الجفاف، لا سيما وأن المصدر الأساسي للمياه في الإمارات هو الأمطار التي تهطل أحياناً على شكل سيول عنيفة تشق طريقها بقوة، جارفة أمامها كل ما يعترضها. فهذه المياه كانت تتسرب إلى باطن الأرض فتغذي المياه الجوفية، مما يسهل فيما بعد أمر إخراجها من جوف الأرض عن طريق العيون والآبار التي يحفرها الإنسان. وكان البعض يحاول ادّخار مياه الأمطار من خلال مجار مخصصة في أسقف البيوت تنتهي عند مزاريب خاصة يضعون أسفلها أواني فخارية تتجمع بها المياه. ومن الأدوات التي كانت تستخدم في حفظ الماء : الحِبْ : ويصنع من الفخار أو الطين المحروق، وهو آنية فخارية لتبريد المياه المخصصة للشرب، وحجمه كبير يستوعب عدة جالونات من المياه. اليحلة : وتصنع من الفخار أو الطين المحروق، وهي عبارة عن زير الماء الصغير الذي يوضع أسفل (الحب) الكبير، فتتلقى قطرات الماء التي تتسرب والتي تكون نقية جداً وأكثر برودة من المياه الموجودة في (الحب). واليحلة كروية الشكل ولها رقبة قصيرة، وينطقها البعض (الجحلة)، وجمعها (يحال) أو (جحال). البرمة : وتصنع هي الأخرى من الفخار أو الطين المحروق، وتوضع كما اليحلة تحت الحب الكبير لتلقي المياه التي يرشحها، كما أن لها استخداماً آخر مهما، إذ يوضع فيها الحليب للتخمير ويتحول إلى لبن رائب. الخرس : ويصنع من الفخار أو الطين المحروق، ويستخدم لتخزين الماء وتبريده، كما كانت بعض أنواعه تستخدم في تخزين التمر، فقد كان يتسع لما وزنه 60-90 منّاً (المن هو أربعة كيلو غرامات). الجربة : أي قربة الماء، المصنوعة من جلد الماشية، ومن جلود الأغنام، وكانت فوهة الجربة تربط بحبل يسمى حبل (الوجه). أي الوكاء في الفصحى. المزود : قربة الماء كبيرة الحجم. الشنة : وهو الاسم الذي كانوا يطلقونه على قرب الماء القديمة. ولهذه القربة ميزة خاصة، فهي أسرع في تبريد الماء من القربة الجديدة. الكروة : وتصنع من الفخار، وتخصص لتبريد المياه المخصصة للشرب في فصل الصيف وهي كروية الشكل من الاسفل ولها عنق طويل، وبين العنق والكرة توجد قطعة فخارية هي امتداد لجدار الكروة لمنع دخول الحشرات إلى الماء. الدلو : وهو كالجربة يصنع من جلد الحيوانات، وكان الدلو الكبير يطلق عليه اسم (القرب)، ويصنع من جلد البعير. وشكل الدلو دائري ويربط من ثلاث جهات، ويستخدم لاستخراج المياه من الآبار وعيون الماء، وفي البادية كان البدو يطلقون لفظ (سحلك) على الدلو أو سطل الماء. الكوز : وهو آنية فخارية صغيرة كانت تستخدم لنقل المياه من الأواني الكبيرة لاستخدامها في شتى الأغراض، وخاصة الوضوء للصلاة، ثم تطور أسلوب صناعة الكوز من الفخار ليصنع من المعدن، ويصنع في الوقت الراهن من البلاستيك. المغسل : وهو وعاء يتجمع فيه الماء بعد غسل اليدين، كان يصنع قديماً من الفخار، ثم تطور ليصنع من المعدن وهو دائري الشكل عليه غطاء مخرم وعنق بسيط يؤدي إلى شكل كروي يتجمع فيه الماء المستخدم بعد غسل اليدين حين الانتهاء من تناول الطعام، خاصة عند وجود الضيوف. الطشت : ويستخدم لغسيل الملابس، وأحياناً تكون له استعمالات أخرى كإعداد كميات كبيرة من الخبز ويصنع عادة من المعدن، خاصة معدن الألمنيوم. الجدح : وهو القدح الذي يستخدم لشرب الماء


المادة :: الفصل الخامس - الفرد في المجتمع المحلي

الأسرة والجماعة والقبيلة


يعد العرب طوال تاريخهم الطويل وحتى اليوم من أكثر الأمم اندماجاً وحباً لحياة الجماعة، وأكثر شغفا بالجلوس والسفر جماعات ومواجهة التحديات بروح الجماعة أيضا. وهذا السلوك الحضاري يتجسد في اشكال عديدة، وقد ظل العرب يتوارثونه جيلا بعد جيل ولم يتعرض هذا السلوك إلى تغير كبير إلا في جوانب لا تستحق الذكر.
من ضمن العادات الاجتماعية التي حافظ عليها العرب طويلا عادة الجلوس في حلقات للحديث عن شؤون الدين والدنيا. وقديما كانت أمسيات الشتاء الباردة تعقد فيها حلقات حول النار التي توقد لأغراض التدفئة وتخفيف وطأة البرد القارس في جوف الصحراء، ولأغراض أخرى اكثر أهمية واكثر ارتباطا بعادات شاعت وذاع صيتها بين العرب، وهي استخدام النار علامة من بعيد تهدي المسافرين وعابري السبيل والتائهين الذين فقدوا طرقهم والمحتاجين إلى الطعام والماء والإيواء وهذه علامة على كرم وعطاء وشهامة العربي.
لقد خلقت الصحراء الواسعة حب الحياة والحركة عند ساكنيها، ومع هذه الحرية والحركة في الصحراء طور البدوي مجموعة من القيم تتناسب والحركة، أهمها الوفاء بالعهد، ويتمثل هذا الوفاء في مجموعة من القيم مثل : الكرم والمروءة والشجاعة والإجارة والنجدة. والبدوي يتوقع أن يعامله الآخرون بمثل ما يعاملهم به. لقد أصبحت فضائل الكرم والضيافة بين أهم القيم التي يتمسك بها البدو. إن كثرة العدد عند البدو تعوض في كثير من الأحيان الإنسان الطبيعي في مواجهة مشاكل الطبيعة. وفي المجتمع البدوي تصبح الجماعي هي قيم الانتماء إلى الجماعة. فالبدوي وإن كان بعيداً جغرافيا عن بقية أفراد جماعته إلا أنه يشعر بأنه جزء لا يتجزأ من الكل أي القبيلة، فهو يتوقع الكثير من جماعته كما يتوقعون هم منه الكثير.
لهذه القيم الجماعية عند البدوي إيجابياتها فهي تؤكد على التعاون والتعاضد والالتزام الشامل إضافة إلى تحقيقها الطمأنينة النفسية، فالإنسان في الصحراء لا يشعر بالوحدة حتى ولو كان بعيداً مكانياً عن بقية افراد القبيلة، فهو يشعر دائماً بان هناك مجيراً له في هذه الصحراء يعتمد عليه عند الحاجة، وعموما تمثل القبائل في الصحراء وحدات اجتماعية كبيرة وهي بدورها تنقسم إلى وحدات قرابية صغيرة، حيث تنقسم هذه الأخيرة إلى وحدات أصغر حتى تصل إلى مستوى تقف عنده وهو الأسرة أو العائلة.
كان لابد من هذه المقدمة النظرية الموجزة ونحن مقبلون على خوض تفاصيل محور النظام الاجتماعي للبادية في دولة الإمارات وخصائص هذا النظام والعادات والتقاليد المرتبطة بالمجالس العربية الشعبية التي كانت تمثل ظاهرة اجتماعية جلية في مجتمعنا المحلي ولا تزال تعبر عن الكرم والجود والضيافة العربية الرحبة.
تعتبر الأسرة أصغر تنظيم اجتماعي ضمن القبيلة البدوية. وتتضح هذه الوحدة في افضل صورها أثناء الرحلة الشتوية للقبائل الرحل حيث تنفرد كل أسرة بمجموعة صغيرة من الخيام هي خيمة الاب وخيم أبنائه وزوجاتهم، وتكون هذه المجموعة وحدة اقتصادية واجبها رعي القطيع وسقايته وتوفير الحماية له. والاسرة البدوية تمثل النموذج الامثل للأسرة الابوية التي تكون فيها السيادة المطلقة للأب وتحتل المرأة مكانة ثانوية، ولا تناقش في العادة سلطة الأب المطلقة من قبل ابنائه كما لا تطمع المرأة لان ترقى في أهميتها الاجتماعية أو السياسية إلى مستوى الرجل. ويهتم البدوي بالنسب ويباهي به فهو الذي يحدد مدى ارتباطه بالقبيلة. ومن أبرز مفاهيم البدوي الاجتماعي المحافظة على الاعراف والتقاليد والمثل البدوية التمسك بها، تلك المثل التي يأتي على رأسها المروءة والكرم والشرف والشجاعة وحماية الجوار والدفاع عن العرض واحترام الكبير والأخذ بالثأر. وتعتبر هذه المثل قوانين البدوي غير المكتوبة. كما يتصف البدوي بالصراحة والباسطة وحب الحرية، لذلك فهو زاهد في الاستقرار والخضوع لحكومة مركزية. ولا يعرف البدو الفروق بين الطبقات فهو ينظر إلى رئيسه وكأنه على قدم المساواة معه اجتماعيا وماديا، كما يتصرف في حضوره في ألفة طبيعية.
يميل البدوي إلى الزواج المبكر، وفيما عدا الشيوخ فمن النادر ان يحتفظ البدوي بأكثر من زوجة واحدة، وهو يحب كثرة الاولاد، ومن عادة البدوي ان يتزوج في سن العشرين لا سيما إذا كان الأب مقتدرا ماليا وفي استطاعته ان يوزع بعض رؤوس قطيعه من الإبل عليهم، وإلا فقد يتأخر زواجهم حتى الثلاثين. ويكون الزواج عادة من الاقارب ولا سيما بين ابناء العمومة. وقد تبقى الفتاة عانسا طوال حياتها ان لم يوافق احد اقاربها على زواجها، غير أن هذا التقليد كان ضعيفا في الغالب.
وتتجمع العشائر في مضارب متقابلة تتصاهر مع بعضها كما انها دائمة الترحال. وتقوم المرأة باعمال المنزل وتساعد زوجها في رعي الاغنام والإبل. وكذلك يساعد الأبناء والبنات على قدر طاقتهم. كما أن الاسرة البدوية أكثر قابلية لاستقبال الضيوف حيث ان المرأة في الاسرة البدوية تستقبل ضيف زوجها، وتعد له الطعام وتكرمه في غياب زوجها حتى عودته، بعكس نساء القرى والمدن الساحلية، حيث ان المرأة اقل اندماجاً وأكثر ابتعاداً عن المقابلات مع الغرباء وضيوف زوجها. وكما سبق القول فإن الرعي وغزل الصوف وصناعة منتجات الألبان وإنتاج الفحم النباتي وتقطيع الحطب وتسويقه تعتبر من اهم الأعمال التي تقوم بها الأسرة البدوية. ويعتبر النشاط الرعوي محور حياتها ويلعب دورا اساسيا في اقتصاديات الاسرة البدوية فتربي الإبل والأغنام والماعز ومن خلال توالدها يتم بيع العديد منها. وللبيئة الصحراوية عرف وعادات وتقاليد تمس جوانب اجتماعية للبدو وهم أكثر إحساسا بها وقد لا تعيرها المناطق الأخرى أي اهتمام.
ويلي الأسرة في التنظيم الاجتماعي البدوي مجموعة من الأسر وثيقة الاتصال ترتبط بروابط النسب ويمثلها (الفخذ) أو (البطن). ويفيدنا معالي الشيخ الخزرجي أن (الفريق) يقال لكل حي من أحياء البادية لبعدهم عن الآبار ويرحلون من موضع إلى موضع جميعا ويحملون المعوزين على ظهور إبلهم عند النقلة، وفي قضاء حوائجهم وللكسب على عائلاتهم ويخصصون لهم من ذوات اللبن ناقة أو ناقتين وتسمى الواحدة (منيحة) وجمعها (منائح) وإذا ارتحلوا من موضع قالوا شدّوا) ويقال (ظعنوا) والظعن في الفصيح أي الارتحال، وقطار الإبل يسمى (الجافلة) وهو في الفصيح : القافلة).
أما العشيرة فتتكون من مجموعات من الافخاذ أو البطون وترتبط فيما بينها بروابط نسب بعيدة أو أحياناً بمجرد المصالح المشتركة أو الخضوع إلى زعامة موحدة أو المشاركة في القتال. وتتكون القبيلة من مجموعة العشائر.
والقبيلة تنظيم سياسي أكثر منها تنظيما اجتماعيا وهي ترتكز على ركنين اساسيين هما الرئاسة أو المشيخة والعصبية القبلية. فأما المشيخة فتتمثل بالشيخ وهو الأب الروحي للقبيلة البدوية. ولكل عشيرة أو فخذ أو بطن رئيس يعترف به الجميع ويسمى (شيخ) أيضاً وكذلك مقدم، وهو يعتبر نائبا لشيخ القبيلة الاعلى. والحقيقة ان قلة من الشيوخ يستطيعون ان يضمنوا لانفسهم مركز شيخ القبيلة، أو شيخ مشايخ العشائر وعادة ما تثبت لهم هذه المكانة في أوقات الحروب التي يثبتون فيها تفوقهم على شيوخ العشائر الاخرى. وحينذاك يسمى (التميمة) أي شيخ مشايخ كل العشائر والبطون والأفخاذ.
ويفيدنا الشيخ الخزرجي ان لكل أهل قرية أو حارة أو عشيرة زعيما يقلدونه امرهم إما لكونه من سلالة زعمائهم أو لعلمه أو لكبر سنه وخبرته أو لكرمه وحسن خلقه. ينفذون امره ويقبلون قوله ويسعى إلى حل مشاكلهم وإصلاح ذات بينهم، وينوب عنهم بالمطالبة بحقوقهم وقضاء حاجاتهم عند حاكم الإمارة التي ينتمون إليها أو شيخ القبيلة التي هم من عشائرها وبطونها. وإذا حدث امر أضر بكرامتهم جميعا أو بعضهم ولو فرداً واحداً طالبوا بحقوقهم، فإن لم يجدوا تجاوبا انتقلوا تاركين وراءهم غير المنقول من العقارات حرصا على كرامتهم، وعند ذلك يقوم اهل البلد الذين هم جزء من سكانها أو القبيلة التي تهم من بطونها فور علمهم، ويسارعون إلى حاكم الإمارة أو رئيس القبيلة يطالبونه بإرضائهم والتسامح معهم، فيرحب بوساطتهم ويعدهم خيرا وربما أرسل أحد أقاربه لمفاوضتهم والوصول إلى حل مرض. فإن أبى أو تغافل عن أمرهم أدى ذلك إلى تعصب جيرانهم أو بعض بطون القبيلة معهم فيضطر إلى الأخذ بالوسائل المرضية.
وإن تم انتقالهم إلى بلدة أخرى ركب أهل بلدهم على ظهور السفن أو الإبل أو الخيل قاصدين تلك البلدة فينزلون ضيوفاً على حاكمها فيكلمونه في الموضوع الذي جاؤوا من أجله، فيقول باللهجة الشعبية (أرضوهم ونحن ما نحب بينكم خلاف) فعند ذلك ينتقلون إلى منازلهم المقيمين فيها فيدور فيما بينهم حوار يؤدي في غالب الأحوال إلى رجوعهم إلى وطنهم وبعد الاتفاق يذهبون إلى الحاكم الذي آواهم ليطلبوا منه الإذن في الرجوع فيرد عليهم (يسرنا اتفاقكم ونرحب بجمع كلمتكم والبلد بلدكم ولا شيء يفرق بيننا)، وتسمى هذه (المشية). والمشية تسقط كثيرا من الحقوق ويقع بسببها التسامح والوئام ونتيجتها التقدير والاحترام.
وقد جرت العادة في اختيار شيخ القبيلة أو حاكم الإمارة من اسرة سبق وان حكموا الإمارة أو تزعموا قيادة القبيلة ويبايعه الزعماء والاعيان ويدير أموره مستقلا ويعين القضاء وموظفي إمارته. وإذا حزبه أمر شاور أهل الرأي والحنكة في مخرج منه أو الاهتداء إلى الغاية المقصودة. وإذا ضعف الشيخ عن الأمر المناط به أو توفي، خلفه أكبر أبنائه فإن لم يعقب أو كانوا صغارا فأحد أخوته أو بني عمه. وهكذا، وهذا القول يسري على البادية والحضر.
وفي تعليق للدكتور حسن قايد يقول (إن النظام السياسي في البادية لا يقوم على اساس قواعد منظمة كما يحدث في الدولة الحديثة. حيث لا يجوز لاي نظام ان يحصل على ثقة إلا إذا توفر له الدستور والبرلمان والمؤسسات الديمقراطية الاخرى. أما النظام القبلي في البادية فيحكمه وينظمه العرف والعادات والتقاليد التي تضرب في الجذور العميقة لتاريخ هذه القبائل. ان النظام القبلي الذي يتحكم بنواميس البادية أشد صرامة وأكثر احتراماً وتقديساً من قبل افراد القبيلة من ذلك الاحترام الذي نراه للنظم الوضعية. والسبب ان التزام البدوي بعادات القبيلة ينبع من اقتناع يصل إلى حد التعصب لكل ما اتفق عليه الضمير الجمعي في القبيلة، ولكل ما انحدر من تراث موغل في القدم وينحدر من عهود الأجداد الأوائل الذين اسسوا هذه العادات وبدؤوا يمارسون هذا السلوك إلى غير ذلك من الأسباب والعوامل).
ثم يصف الدكتور حسن شيخ القبيلة بانه عادة ما يكون مثالا للذكاء والدهاء وصواب الرأي، وفي نطاق القبيلة يكون الشيخ اكثر إلماما بأحوال القبيلة ومتطلباتها ومشاكلها وأهم من هذه كله تاريخها وتاريخ علاقاتها الودية أو غير الودية مع القبائل المجاورة.
ويأتي تكوين الشيخ الثقافي بالتدريج نظرا لأنه ينشأ في منزل أبيه الشيخ الأكبر حيث يتجمع حوله كبار رجال القبيلة وتدور بينهم وبين الشيخ أحاديث في شؤون الدنيا والدين وفي شؤون ادارة القبيلة. والشيخ الصغير ينصت جيدا إلى ان تتكون لديه الحصيلة السياسية التي لا تتوافر لدى سواه من شباب القبيلة. ويبدأ والده يؤهله لإدارة دفة الحكم ولا يأتي دوره في استلام زمام الحكم إلا ويكون قد امتلك مؤهلات القيادة وإدارة القبيلة بحنكة ومقدرة وحسن تقدير.
والنظام الاجتماعي في البادية نظام حضاري أجمع كثير من المفكرين الذين قاموا بأبحاثهم حولها على انه احد النظم الراقية المعمول بها في المجتمع البشري المنظور.
ويقول الدكتور شاكر خصباك إن الشيخ يحكم في قبيلته أو عشيرته مستندا إلى مكانته فيها وعلى منعته التي توفرها له عصبته وأقرباؤه الاقربون. وهذا المنصب في العادة وراثي حسب النظام التسلسلي حيث يرثه الابن الاكبر أو الذي يليه عن أبيه بعد وفاته حتى لو كان صبيا صغيرا. إلا أنه ينحصر عملياً في أكثر الأسر البدوية ثراء ليستطيع الشيخ مواجهة النفقات التي يتطلبها مركزه، وفي أحيان نادرة تلغى قاعدة الوراثة لمصلحة شخص تتوافر فيه مؤهلات القيادة بدرجة أعظم. أما بالنسبة للاتحادات القبلية الضخمة فإن العادة المتبعة ان يختار (شيخ المشايخ) من أسرة معينة بواسطة المجلس القبلي الذي ينتخب أكثر الاشخاص لباقة دون الخضوع إلى قاعدة النسب التسلسلي المشار إليها أعلاه. ويحكم الشيخ في عشيرته حسب أحكام القرآن والتقاليد والأعراف البدوية، ويعاونه في الحكم مجلس استشاري من الرجال الكبار ذوي المشورة أو من رجال الدين، أو من رؤساء الأفخاذ الثانويين وهو مسؤول عن تطبيق العدل بين أبناء قبيلته.
ويفيدنا الشيخ الخزرجي عن الخصومات التي تنشأ بين أفراد القبائل الذين لا تضبطهم إدارة مركزية، وهم الرحل الذين يسكنون خيام الشعر وظلال الاشجار يبحثون عن الكلأ حيثما أمطرت السماء، حصونهم ظهور إبلهم وأسوارهم ملافظ بنادقهم، اكتسبوا أدبهم من البيئة الصحراوية فقست قلوبهم وقوي عودهم وارتفعت إرادتهم، فلا خضوع ولا خنوع، بل حسن خلق في لباقة، ومحبة في إخلاص، كلامهم صريح، يحمون الجار ويدافعون عن الذمار، أخلاقهم سليمة وأعمالهم جميلة يطمئن الانسان إلى صحبتهم ولا يخشى خيانتهم، لهم نظام قبلي يتقيدون به ولا يخرج عنه إلا من شذ، ولهم عرف يقال له (السالفة) يرجعون إليه عند اختلافهم يحكم به رجل ضليع في الأعراف والعادات، يترافعون إليه في الحقوق والدعاوى وفي الحوادث ونظام الحروب وعندما يرى أي إنسان تقصيرا من الآخرين في ضيافته أو إهانته بوسيلة من الوسائل.
ويعطي الخزرجي أمثلة على ذلك بقوله : (إذا اعتدى طرف على إبل طرف آخر لمطالبته بحق مالي أو بعض الاعتبارات الإنسانية ويسمى هذا (الوخيذ) يقوم الطرف الثاني بالطلب، ويجتمعون بأهل الرأي والحل والعقد من قومهم فإن لم تحصل التسوية سلميا ذهبوا إلى السالفة. فإن اثبت المطالبة وعدم إعطائه حقه أو محاكمته أخذ الإبل فلا مطالبة لهم في إبلهم ويجري الحكم في الحقوق فقط. وإن أنكر المدعي عليه دعوى المدعي طلب الحكم البينة، وهي عند علوم البينة اليمين، ولكن يحلف خمسة من المدعى عليهم أو يردون الدعوى ويحلف خمسة من أهل الدعوى.
وعند تلف الإبل يرد ثمنها بتقويم خمسة أشخاص ويسمى هنا التقدير (الذيال). وغير الإبل يكفي في تقدير ثمنها رجل عدل مقبول لدى الأطراف المختلفة. أما دعوى الدماء فلا يثبت إلاّ بخمسة عشر رجلا يحلفون أن دم فلان بن فلان عند المذكورين وللمدعى عليهم الحلف بنفس العدد عند عجز أهل الدعوى وإن كانت الدعوى بين الفرقاء.
فيما يتعلق بالاعتبارات الإنسانية كحق الجار والضيف و(الربيع) أي الصديق فإن (المشية) تحل المشكلة وهي ان يأتي القوم معترفين بالخطأ إلى منازل أهل الدعوى واضعين أسلحتهم أمامهم تقديرا واحتراما. وصفة ذلك أنه بعد أن يستقر بهم المجلس يضعون البنادق بين أيدي القوم الذين قصدوا منازلهم قائلين لهم (نحن حالنا واحد ولا يخرب بيننا اليهال). ويقوم أهل المنزل برفع البنادق لأصحابها. والمشية لها غاية نبيلة لأنها تصلح ذات البين، وتجمع الكلمة، وتبعد الخلاف ثم ترد لجارهم أو ضيفهم أو ربيعهم حقوقه المأخوذة بعينها ان كانت موجودة أو أثمانها تقدر بحسب ما أسلفنا ذكره.
وأما دم الجار والضيف والربيع (أي الصديق) والزبين (أي اللاجئ) فلذويهم عندما يكون الاعتداء عليهم في غير دفاع مشترك مع المذكورين، فالمطالبة بالدم لعشائرهم فإما مادية أو خلاف مشتعل أو ذخر أي إرجاء الدعوى والمطالبة بالدم حتى يقع من أولياء الدم قتل سواء كان متعمدا أو وقع صدفة لحافز آخر فيسقط دم القتيل.
وإذا وقع اعتداء في حدود قبيلة أو حدود إمارة فلهم المطالبة برد جميع ما أخذ من المعتدى عليهم فقط لأنهم في حمايتهم. وهذا حق مطلق لكل من أصيب في الحدود ويقال له الحرم وهو الحريم لأن لكل إمارة أو سكن قبيلة حريما له أحكام وحقوق مذكورة في محلها من كتب الفقه.
وفي هذا السياق لنا وقفة ايضا مع ما يشير إليه المقدم عبدالله حمد راشد في كتابه (التطور العائلي في مجتمع الإمارات) إذ يقول : عندما تحدث مشكلة يرى من خلالها الفرد بأن حاكمه قد هضم حقه ولا يستطيع ضمان حق من حقوقه، يلجأ إلى ما يعرف بعملية (المراضجة) وتعني التجاء هذا الفرد لأحد شيوخ (حكام) الإمارات القريبة طالبا اعتباره من ضمن رعيته ورفيقاً لهم. فإذا ما وافق وحصل على مبتغاه عاد ثانية إلى إمارته وأحضر عائلته للهجرة منها. وتعني (المراضجة) الرفقة والبقاء تحت تصرف الحاكم وكثيرا ما يقوم حاكم الإمارة الموافق على (مراضجة) الفرد بِأن يوفر لعائلته أو للأسر القادمة سكناً ويؤمن بعض احتياجاتهم الضرورية. وغالبا ما يتدخل كبار أهل المجتمع في هذه المشكلة لحلها. وبشكل عام فإن شيخ القبيلة لا يمكن أن يفرض ما لا تقبله هذه القبائل والعشائر. ومن هنا نرى ان القيادة السياسية في القبيلة الحاكمة ذات حنكة وحسن تصرف ورأي سديد تجاه حل المشاكل. وقد تعتمد على كبار السن ذوي المراكز الاجتماعية والاقتصادية للتشاور معهم حول بعض المشاكل التي تواجه القيادة السياسية في القبيلة الحاكمة وتحاول عدم التفريط في أبناء المجتمع وحل مشاكلهم الاجتماعية. ومن ناحية أخرى تستقبل المهاجرين إليها (المراضجين) وتقدم لهم المساعدة العينية اللازمة والهدف من ذلك زيادة عدد السكان من ناحية والقوة الدفاعية للبلد من ناحية أخرى.

المادة :: المجالس

يندرج ضمن الحياة الجماعية ومظاهر التكافل والتواصل وصور الكرم وعادة الضيافة عند أبناء البادية في الإمارات العربية المتحدة، موضوع المجالس. فقد درجت العادة أن يدير كل شيخ من شيوخ القبائل مضيفاً يعتبر منتدى أبناء القبيلة، فيه يجتمعون ويناقشون شؤونهم ويتناقلون الاخبار والحكايات. ويسمى المجلس عندنا (البرزة) فيقال : (الشيخ بارز) إذا كان جالساً في برزته.
ويحق لكل فرد من أفراد القبيلة ان يحضر في هذه المنتدى وان يدلي بوجهة نظره في الشؤون المتعلقة بعشيرته، والشيخ هو المسؤول عن نفقات المضيف وهو لا يتقاضى شيئا لقاء ذلك من أفراد قبيلته بل ينفق عليه من موارده الخاصة. غير ان بعض الشيوخ يفرضون على أفراد قبيلتهم ضرائب على حيواناتهم لسد نفقات المضيف.
وقد يكون هذا المضيف عبارة عن بيت من الشعر قرب بيت الشيخ أو في منتصف (الفريج) أي الحي أو المخيم البدوي، وقد يكون المجلس البدوي (المضيف) عبارة عن حظيرة محاطة من ثلاث جهات بغصون الاشجار من السمر والغاف وغيره يقي النازل من الرياح القوية وتصاعد الرمال. والحظيرة هي الاكثر انتشارا بين قبائل البادية الرحل تخصص واحدة لكل مخيم أو فريق أو عدد من البيوت المجتمعة مع بعضها بعضا في موقع واحد من الصحراء.
كما يمكن ان تكون إحدى اشجار الغاف الكبيرة المتميزة بظل وارف (مجيلة) أي مقيلة (يلجأ إليها القوم وقت القائلة أي بعد الظهر) مضيفاً للاستقبال. لكن العربي كان على الدوام عاشقا للخلاء محبا لعناصر الطبيعة الثلاثة التي وجد نفسه يتعامل معها والتي وهبها له الله وهي الصحراء في البر والقمر والنجوم في المساء. لذا نجد أبناء البادية يجتمعون خلال الليالي المقمرة والأمسيات المنعشة في حضن الليل للسمر والسهر وتناول القهوة وحليب النياق التي يشترك في توفيرها وجلبها (للبرزة) كانت تجمعهم صباح كل يوم في مجلس مشترك لتناول القهوة العربية النكهة ويشارك الجميع في المساهمة بدلال القهوة و (فناجيلها).
وإذا قصد الضيوف مساكن أهل البادية فإنهم يقصدون المضيف (الحظيرة) أو غيرها من أشكال المجالس السابقة الذكر والمعدة للضيوف، حيث يستقبلهم اهل الحي بكل سرور فإذا أنزلوا أمتعتهم عن ظهور رواحلهم أقبل أهل الحي (بالعتاد) وهو الحطب والدلال والقهوة والتاوة والمحماس وأضرموا النار في جانب قريب من الحظيرة وحمسوا القهوة ثم بعد دقها وضعوا الدلة على التراكيب أي الأثافي، فإذا غلي الماء وضعوا القهوة الناعمة فيها ويقال لها (تلقيمة). والغالب ان الدلال تكون ثلاثا الكبيرة يقال لها الخمرة ثم التلقيمة ثم المزلة التي تصب فيها القهوة بعد ان تكون جاهزة ثم تدار على الضيوف في (فناجيل) أي أكواب صغيرة.
وإكرام الضيف يكون بالمناوبة على سكان الحي فمثلا إذا جاء ضيف وقام بكرامته زيد من الناس ثم جاء ضيف فعلى عمرو ثم هكذا حتى يؤدي كل أهل بيت واجبهم تجاه الضيوف الذين ينزلون في الحظيرة لأنها مجلس الجميع.
ويكون الإكرام خاصا، أما الدعوة الموجهة من قبل أفراد الحي أو صداقة أو قرابة فمثل هذه الكرامة يقال لها (مقصورة) ولا تدخل في حدود المناوبة، ولا تؤثر على وضعها بل تلك جارية على حسب ما قدمناه ولا تعارض بينهما، فالذبيحة المقصورة لا تسقط عن أهل البيت (النائبة) بل هي حق على جميع سكان الحي، فقد يأتي ضيف في اليوم نفسه وقد ذبح الرجل (مقصورة) لآخرين فيلزمه ذبح (النائبة) لأنها حق عليه يلتزم به الجميع، والكرامة الاولى تصرف خاص.
ثم إذا قدموا الكرامة للضيوف والعادة ان يأتي رجل إلى الحظيرة ليصحبهم إلى البيت الذي فيه (النائبة) فإذا فرغوا نادي جيرانه للأكل ويسمى هذا الوضع أو هذه الدعوة (مهالة) وهي حق للجيران. وإذا لم يجد الضيوف أحياء البادية في المواضع التي قصدوها تطلعوا إلى مساكنهم من رؤوس الرمال أو آكام الشعاب فإن لم يروا معالم تدلهم على الاحياء قالوا (لاشيفة ولا ديسة). وإذا وردوا على ماء من آبار البادية وجدوا الرشاء قريبا من البئر على طريق صدرهم ووردهم فاستدلوا بآثارهم على مساكنهم فإن كانت آثار القوم قد عفت، فهو دليل على رحلتهم وارتحالهم عن الماء إلى ماء آخر.
وللجار والضيف والربيع – أي رفيق الطريق – حقوق وعليهم مثلها كما يشرحها الشيخ الخزرجي بقوله : (إن القبيلة لا تألو جهداً من أجل حماية حقوق الجار وحفظ كرامته). ولا يحضرون طعام وليمة إلا بجارهم وينتظرونه عند قهوة الظهر والصبح، حيث يجتمع الجيران من اهل الفريج أو الحي الواحد ويأتون بالرطب في الصيف والتمر في الشتاء مع اللبن وذلك في الصباح، وبعد صلاة الظهر، وربما أحضروا بعض الطعام. وإذا سافر الجار فحدث عليه حادث اعتداء قاموا بطلب ما ذهب عنه وإن أصابته نكبة ساعدوه، بحسب وسعهم، وإن أخطأ تحملوا خطأه وصفحوا عنه لحق الجوار. وإذا رجع إلى بلده بقي جواره ذكرى صداقة حتى بين أبنائهم. و(الربع) رفاق الطريق كالضيوف لا يصل إليهم سوء، ويولونهم العناية الكاملة، ويؤثرونهم في جميع الحالات.
وإذا رحل الضيف أو الربيع أو الجار فإنه يظل لمدة يوم وليلة تحت حماية من فارقهم ويعتمدون في مطالبتهم بحجة بقاء الطعام الذي أكلوه جميعا في بطونهم هذه المدة المذكورة، ولهم حق الربع ولذويهم المطالبة بدمائهم وأموالهم.
والربع حق متعارف عليه بين القبائل وهو الجاه والسلطة وعلى سلطة الربع تتبوأ القبيلة أو الإمارة مكانة مرموقة وله صور شتى أنه يكون عندما يريد قوم مسافرون اجتياز أرض أهلها أعداء لهم فيطلبون ربيعا من قبيلة يصحبهم ويقاتل لهم المربع. ومنها الربع على الجار ورفيق الطريق والضيف والزبين فإذا كان الواقع اعتداء على النفس فالربع نصف دية المقتول، وأما الدم ف من حق اهله وعشيرته وإن كان مالا فالربع مشية المعتدين وهي سعي لإرضائهم.
ومن العادات التي ورثها مجتمع الإمارات من الصحراء عادة التحية عن طريق حك ولمس الأنف بين الرجال. ويسمى الأنف (الخشم). وتتم هذه التحية حين يتقدم أحد الافراد ويلامس كل منهما أنف الآخر مع ترديد كلمات التحية ويقبل الابن انف والده وجبهته، وكذلك من هم أكبر منه سنا وخاصة أقرباءه وعشيرته.
ويعتبر الأنف (الخشم) دلالة على السمو والتعالي، وفيه كرامة الفرد ومن هنا اعتبر التبادل بالتحية عن طريق ملامسة الانف بالانف رمزا للتقدير بين الرجال، وبدأت هذه التحية تأخذ شكلا آخر مساويا لما قدمناه حيث يحيي الأفراد الحاكم أو من في مستواه بتقبيل أنفه.
ومن العادات التي تتأصل في نفوس أبناء مجتمع الإمارات الاحترام والتقدير فإذا ما دخل أحدهم مجلساً أو (برزة) فإنه سرعان ما يتجه إلى وسط المجلس حيث يجلس كبير القوم سنا أو مكانة فيسلم عليه ثم يصافح من هو على يمينه واحدا تلو آخر وهكذا.
وفي مجلس الحاكم (الشيخ) وتسمى (البرزة) وقد تكون داخل القصر أو خارجه وغالبا ما تكون غرفة داخلها على شكل كراسي طويلة يجلس الحاكم للنظر في أمر رعيته ويحل مشاكلهم مشافهة فإذا ما قدم أحد الافراد لمجلس الحاكم (البرزة) أو لمجلس من المجالس فيتوجه للسلام على الحاكم ويقف الحاكم لرد التحية وكذلك يقف من كان في (برزته) ومن ثم يتجه للسلام على الآخرين. وإن قدم أحد الشيوخ إلى أحد المجالس فإن الجميع يقفون للسلام. ويتجه لأكبر الموجودين سنا أو لصاحب المجلس. وعندما يجلس الحاكم يجلس الجميع. كذلك عندما ينتهي القادم من السلام على آخر شخص في المجلس يدعى – ان كان حضوره للمرة الأولى – للجلوس في صدر المجلس لأخذ (علومه) أي اخباره وخاصة إذا كان غريبا أو قادما من سفر. وبالرغم من ان مجلس الحاكم (البرزة) يشهد أكثر من قادم لقضاء حاجته أو للسلام، فإن الحاكم (الشيخ) لا يمل من الوقوف كلما حضر شخص للمجلس، وكذلك كل من حضر (البرزة).
ولما كانت الضيافة سمة من سمات مجتمع الإمارات بصفة عامة في البادية والحضر على حد سواء، والكرم عادة توارثها الآباء عن الاجداد، فقد حافظت المجالس على قيمتها منذ البعيد كرمز لذلك الكرم وصورة من صور التواصل والتكافل والتعاضد الاجتماعي، فإن هذا المجتمع قد عرف ولا يزال المجالس الشعبية المنتشرة في كل بقاعه الصحراوية والزراعية والريفية والجبلية والساحلية، ويكثر عادة التجمع في المجالس غالبا في ليالي رمضان في حلقات الذكر أو في حضور احد العلماء أو الحكام ولهذا تزداد المجالس رواجا في هذه الاوقات. وحين يأتي الربيع، يبدأ الكثيرون في الالتجاء إلى معشوقتهم الأولى الصحراء، ولا يلبث العربي ابن الامارات حين تبدأ نسمات الربيع ان يرتمي في أحضان الطبيعة ويبدأ ممارسة عاداته العريقة.
إن ظاهرة المجالس في المدن والمجتمع الساحلي المستقر موضوع مستقل بذاته وذلك لتنوع تلك المجالس وكثرة التفاصيل المرتبطة بها منذ أن كانت بيوت السكان تبنى من جذوع وسعف النخيل. لكن بشكل عام يمكن ان نؤكد بأن المجلس هو بحق ديوان للزوار والضيوف، حيث يحل الضيف على أحد المجالس فيستقبل بترحيب ويبدأ بتوضيح مقصده من زيارة المدينة سواء للتجارة في اللؤلؤ أو لشراء بعض السفن أو ان يكون قاصدا الزواج أو للزيارة أو أي أمر آخر. فتستقبل العائلة التقليدية في مجلسها المعد لذلك الضيوف والاصدقاء وأصحاب الحاجات للسلام وللضيافة وتظل أبواب الدار مفتوحة لأن المجلس دائما يكون قرب الباب المؤدي للمنزل. فإذا كان القادم قد حضر من أجل معرفة موقع مسكن أحد من أهل الفريق ويريد ان يرشد إليه لن يخرج من المجلس إلا بعد ان يأكل طعام الغداء أو العشاء أو الإفطار، ويرتشف القهوة ثم يرشد للمكان المقصود. وإن كان القادم ذا مكانة في بلده كأحد التجار أو الشيوخ أو من ذوي المكانة الاجتماعية، فإن الخبر ينتشر ويفد الجيران ويبدأ الكل باستقباله وضيافته لمأدبة يقيمونها له سواء على وجبة غداء أو إفطار ويبلغ صاحب المنزل ليبلغ بدوره الضيف، وتلك عادات أصيلة للكرم العربي التصقت بابناء المجتمع من البادية العربية، فتتبارى كل عائلة بأن تعد وليمة للضيف ومن معه من الجيران وصاحب المنزل الذي نزل الضيف عنده كذلك يدعى لهذه الوليمة (العزيمة) بعض كبار أهل المدينة مكانة كالشيوخ والتجار وكبار رجال العشائر. كما جرت العادة أن تقدم للضيف الفواكه إن وجدت ثم القهوة، وبعدها طعام الغداء أو العشاء ثم يدار الشاي وبعد القهوة ثم يمرر (مدخن العود) أي المبخرة وبعدها تنتهي الوليمة.
ومن الملاحظ ان كل شخص يحاول تقديم أفضل ما عنده لترتفع سمعته بين أفراد المجتمع وينتشر صيته لدى الآخرين لان الكرم الذي يلاقيه الضيف سوف ينقله ويصوره للآخرين في بلده.
وتختلف المجالس من حيث نوعية بنائها فقد يكون البناء من السعف ويستخدم فيه جريد النخل وقد يكون من الاحجار والصخور البحرية المحشوة بالطين وقد يكون المجلس عبارة عن خيمة مصنوعة من السعف ومغطاة بمواد تدخل فيها أوراق سعف النخيل وتسمى (السحيم) وتفرش من الداخل بالسجاجيد والحصران على جوانبها، ويعلق في الخيمة (السراج) وهو مصباح الإنارة الذي يعمل بالكيروسين ويسمى (الفنر). وتستقبل هذه المجالس فئات مختلفة من الناس. وتتنوع المجالس، فهناك المجالس الثقافية التي كثيراً ما تكون مكان إشعاع للشعر بأنواعه المختلفة، العامي والفصيح. ونجد بين الحضور رواة للتاريخ والحكايات الشعبية وغيرها من الاهتمامات الثقافية. وهناك المجالس العامة ومنها مجلس صيادي الاسماك والبحارة، ومجالس تجار اللؤلؤ (الطواويش) وغيرها. وهكذا تنوعت المجالس ولكنها مخصصة لاستقبال الضيوف والزوار ورمز للكرم والضيافة ولقد عرفت مساكن بعض العائلات الكبيرة في المجتمع عدة مجالس في بيت واحد. إلى جانب المجالس أو الحلقات الجماعية التي تقام في المساجد للتعليم.
ولقد كان للمجالس عموماً دور إيجابي في حل الخلافات والمشكلات التي تنشأ في المجتمع حيث يتحاكم المتنازعون أمام أحد كبار السن هناك، كما ان هناك مجالس لحل مشاكل معينة، ولهذا كان دور المجلس بارزا في خدمة أبناء القبيلة أو الفريق، وهي وظيفة ذات أهمية اجتماعية للدفاع عن حقوق الافراد كما أنها تحاول الإصلاح وحل النزاعات وخلق روح الوئام بين المتنازعين بالطرق السلمية. وكانت المجالس هي المدرسة الاجتماعية التربوية للأبناء حيث كانوا يشاركون آباءهم في حضور هذه اللقاءات الجماعية.
ولنساء الحي والفريق أو الحارة اجتماعات عند المناسبات كالعرس والعيد على القهوة. فعند كل صباح ومساء تأتي كل واحدة بما أعدته لهذه المناسبة. وفي أيام عيد الاضحى والفطر يجتمعن عند الغداء والريوق أربعة أيام متوالية، لكن هذه العادة قلت في بعض المناطق. وهذه الاجتماعات بالنسبة للنساء ملزمة ولا تتخلف عنها إلا صاحبة عذر، وكذلك تقوم النساء في العرس والختان بمساعدة صاحبة المنزل في الطبخ وإيقاد النار والخبز وغير ذلك. وفي بعض المناطق إذا كان أوان حصاد الحنطة أو الذرة فتجتمع النساء كل يوم في مزرعة للمساعدة في الحصاد ويقطعن الحب من الأرض وينشدن نشيدا بأنغام وأصوات عذبة وجميلة تطرب وتزيل التعب وتبعث على النشاط والاسترسال في العمل.
وترتبط بعادات المجالس والضيافة الزيارات ومن أهمها التي تتم في المناسبات كالأعياد والاعراس والعزاء وفي المرض وقد تتم بشكل ودي دائما ويوميا وخاصة بين الاقرباء والجيران والاصدقاء. ويراعي الزائر أوقات الزيارة المألوفة وتكون غالبا في الصباح وبعد العصر، وبعد صلاة العشاء. ومن المعيب ان تكون الزيارة بعد الظهر أو بعد المغرب. وتقدم القهوة و(الفوالة) أي وجبة وفي الغالب التمر أو الرطب او الحلوى البلدية ثم القهوة. وتتبادل النساء الزيارات العادية حيث يجتمعن يوميا صباحا بعد ذهاب رب البيت لمهنته فتقوم كل واحدة منهن بإحضار إفطارها ويجلسن في مسكن واحد للحديث، وعند إعداد الغذاء يذهبن ويكون لقاؤهن الثاني عصرا ومساء بعد صلاة العشاء وهذه اللقاءات تتم في المنازل المتجاورة والقريبة من بعضها.
والقسم الثاني من الزيارات هي التي تتم خارج البلد التي يقيم فيها الزائر وتسمى (خطارة) سواء كانت لقريب أو صديق للاطلاع والتعرف، والخطارة مأخوذة من الخطر أي الشرف والقدر والمنزلة والجمع (خطار) لكون الزائر يشرف ويعلو قدره وترفع منزلته عند أهل الدار. وإذا كانت الزيارة بدعوة أو كان الزائر زعيما أو من اشراف قومه فلهذه الزيارة وضع خاص، حيث يخرج أهل الحي أو القرية للاستقبال (برقصة الحربية) مكللة بأصوات طلقات البنادق ويرد القادمون بالمثل ويقفون في الميدان لإطلاق الابل أو الخيل مثنى مثنى وتسمى (الركض) لركضها برجل الراكب استحثاثا لها على العدو والإسراع.
عموما إذا استقر الضيوف في المجلس جلس أهل الدار والجيران دونهم في المجلس احتراما لهم وتقديرا، ويسألونهم عن احوالهم، وعن أهل بلدهم وذويهم. وتدور بينهم الاخبار الودية حتى توضع بين أيديهم (الفوالة) فإذا أكلوا وشربوا القهوة سألهم أكبر القوم سنا أو مكانة عن (العلوم) أي الاخبار التي جاؤوا من اجلها مثلا، أو سمعوا عنها في طريقهم أو في بلدهم مما تهم الطرفين الزائر والمزار. ثم ان كانت عند الضيوف اخبار سمعوها أو جاؤوا من أجلها ذكروها. وبعد ذلك يقدم الجيران كل بحسب قدرته (فوالة) للضيوف تتبعها القهوة وربما دامت على هذا النحو حتى يحضر الطعام المعد للضيوف للغداء أو العشاء.
وأهم طعام الضيوف الذبيحة. وقد تذبح أكثر من واحدة على حسب عدد الضيوف أو مكانتهم كزعماء أو رؤساء أو علماء أو اعيان. وأفضل الطبخ أكلة اسمها (الفوقة) وهي تقدم للكرامة الرسمية. وإذا أراد احد الجيران دعوة الضيف على غداء أو عشاء استأذن صاحب الدار ثم اخبر الضيوف ولا تتم الدعوة إلا بعد هذه الاجراءات.

القهوة العربية ... رمز الكرم في المجالس

القهوة مشروب اساسي في حياة الأجداد والآباء وهي ذات قيمة معنوية واستهلاكية ورمزية عالية وكبيرة بين كل الفئات والطبقات الاجتماعية. ويمكن الاكتفاء بإكرام الضيف بعدة فناجين من القهوة، ولكن من العيب ان يكرم الضيف بمائدة عامرة بدون قهوة، فالقهوة رمز الكرم العربي. وقد جرت العادة في البادية خاصة انه إذا التجأ أحدهم إلى مجلس أو بيت عندهم وتناول رشفة من قهوتهم فإنه بذلك يكون في حمايتهم حتى ولو كان جانيا، ويبررون ذلك بقولهم (ما كان بيننا وبينك مشربة وفنجان قهوة).
وإذا تزوج أحدهم امرأة واكتشف أنها ناقصة الخبرة بشؤون التدبير المنزلي وصفها بقوله : (هذه ما تتعاشر حتى فنجان قهوة ما تعرف تسوي). وكان الرجل إذا ما أراد ان يؤكد لصاحبه انه صادق فيما يقول ويروي يقول له : (إذا رايت كلامي موب صدق رد عني فنجانك). ورد الفنجان عن الرجل يعد إهانة له وخاصة في المجالس، كما ان البيت الذي يخلو من القهوة يعتبر صاحبه شاذا وقاصرا.
والى جانب تلك الرموز فقد استخدمت القهوة أحياناً كدواء شعبي، فمن المعتقدات ان القهوة على الريق من شأنها ان تقتل ديدان الامعاء. كما كانوا يستعملون القهوة لإيقاف نزيف الدم إذا ما أصاب أحدهم، وذلك بصب بودرة القهوة أو القهوة المعدة للشرب على موقع النزيف في الجسم. وإذا ما تعرضت حيواناتهم لإسهال فانهم يسقونها (خرّة) القهوة أي حثالتها. كما تؤخذ حثاله القهوة وتجفف وتستعمل للمسح على لحروق في جسم الإنسان.
وكانت حبات القهوة ايضا وسيلة العد والحساب لتجار اللؤلؤ وممولي سفن الغوص وتجار التمور والمواد الغذائية وتجار المياه في الماضي.
وكانت قد جرت العادة في الماضي ان تصنع القهوة ثلاث مرات في اليوم. الأولى قبل أذان الفجر، والثانية بعد الظهر، والثالثة عند المغرب. ولم تكن القهوة وأدوات تحميصها وطحنها وحفظها والدلال والفناجين تفارق الانسان أينما حل أو رحل، ففي سفن الغوص ورحلاتها كانت القهوة وأدوات صنعها تحتل المكانة الأساسية والبارزة بين مواد التموين، وكذلك في رحلات السفن الشراعية البعيدة المدى للتصدير والاستيراد، وفي تنقلات البادية يقوافلها بين البراري، وخلال مسيرات القوافل وتنقلاتها ليلا أو نهارا تسمع بعضهم ينادي جماعته قائلاً : (تصوعنا) أي أصبنا بالصداع. فتتوقف القافلة حيث يقوم أفرادها بجمع قليل من الحطب وإشعال النار به ويعدون القهوة ويحضرون التمر، ويرتشف الواحد منهم عدة فناجين منها مع بعض حبات التمر ويقولون (خاز الصوع) أي زال الصداع والهوس، ثم تستكمل القافلة مسيرتها وهكذا حتى يتجدد (الصوع) مرة أخرى، لتقف القافلة وتشرب القهوة من جديد وهكذا.
تصب القهوة في (فناجيل) يديرها الساقي على الجالسين بيده اليمنى وفي يسراه الدلة يبدأ بالزائر إلا إن كان حاضراً من هو أجل منه قدرا فيقدم عليه أو يقدمه الزائر على نفسه. وقد يعزم كل واحد صاحبه بأخذ (الفنجال)، وإذا اشتد الأمر قال أحدهم للآخر (ورفجة لتأخذ). فيأخذ (الفنجال) ولا يمكن تأويل (الرفجة) أو محاولة إلغائها لأنها ملزمة والأصل فيها الحرمة والجاه.
ولتحضير القهوة فنونها ومراحلها وأدواتها مما سنشرحها لاحقا. أما في سياق الحديث عن آداب تقديمها والتي منها كما أشرنا تقديم القهوة إلى الشيخ أو كبير القوم أولا أو من كان من خارج نطاق العشيرة أو البلد وإن كان والد الساقي موجودا في المجلس فعلى ولده ان يتوجه نحوه أولا ويقدم له القهوة. وإن كان هناك شيخ أو ضيف فعلى الوالد ان يؤشر له بيده بتقديم القهوة له أولا. وإذا كان المجلس كبيرا وكان شيوخ القوم ووجهاؤهم قد توسطوه يتقدم اربعة سقاة مرة واحدة اثنان يتجهان إلى حيث الوسط وواحد يتجه شمالا والآخر يمينا. ويكون الساقي خبيرا بمهنته حيث تراه يصف قرابة واحد وخمسين فنجانا على طول زنده ثم يدور على الجالسين ويصب لكل واحد قطرات من القهوة ولابد أن ينحني قليلا ويمد الفنجان وتلك من عادات وفنون صب القهوة.
ومن العادات في المجالس الشعبية ان يقوم صاحب البيت بصب القهوة بنفسه إذا ما غاب ابنه أو الخدم ولا يجوز مغادرة المجلس والدلة تدور. ولذة القهوة ان تحتسي بعد التمر أو الرطب.
ومن الاصول في تقديم القهوة عدم ملء الفنجان فهذا عيب، بل الحد المتعارف عليه هو صب القهوة في الفنجان إلى اقل من النصف، ويحتسي الشارب فنجانين إلى ثلاثة فناجين متتالية فإن شرب الرابع فقد يكون ذلك من المآخذ عليه. ومن العادات تقديم القهوة تباعا على فترات، وبين المرة والمرة ما يقارب عشرة دقائق. أما علامة الاكتفاء من شرب القهوة فهي هز الفنجان الفارغ يمينا وشمالا عدة مرات وهو بين السبابة والإبهام. ويقدر بعض الآباء والاجداد من الرواة الاستهلاك اليومي للفرد الواحد من القهوة في الماضي ما بين عشرين وثلاثين فنجانا، علما بان كمية القهوة في كل فنجان تكون ربعه فقط كما أشرنا أما النساء فيتناولن أكثر من ربع الفنجان حتى نصفه.
ويتم إعداد القهوة بعد شراء البن من السوق ثم تفرش في الصواني من أجل تنقيتها من الاوساخ والشوائب العالقة بها وبعد ذلك تحمص حبوب البن على النار بأن توضع في (البراحة) وهي تشبه المدخن حيث يحمص كل يوم قليل منها، وبعد (تحميصها) أي قليها تدق في الهاون (الرشاد والمنحاز) ثم توضع في الدلة. وهناك نوعان من الدلال الحساوية وهي مدببة الرأس والعمانية وهي التي يكون رأسها عريضا وذات مقدمة عالية.
وتسمى الدلة الاولى التي توضع فيها القهوة (الحمزة) حيث تفور القهوة مع الماء في هذه الدلة. ثم تصب القهوة في دلة اخرى تسمى (دلة التلجيمة)، ثم تصب مرة أخرى من هذه الدلة إلى دلة أخرى تسمى (المزلة) ويكون بها الهيل و (المسمار) أي القرنفل حيث تصفى القهوة في هذه الدلة الأخيرة.
وعودة لمجالس القهوة وآدابها وتقاليدها ورموزها المتوارثة عبر مئات السنين والتي لا يجوز اختراقها نضيف هنا اولا إنه مع قدوم ضيوف طارئين يفرض صنع قهوة جديدة لهم. ففي البادية مثلا إذا ما حل ضيف استقبلوه في مجلسهم (الحظيرة) وأحضروا له الحطب وأشعلوا النار، وجاؤوا بالدلة والرشاد والمنحاس والتاوة والمحماس وأعدوا له القهوة أمامه أو تركوه يعدها بنفسه وعلى مزاجه ولا يأتون له بقهوة جاهزة معدة مسبقاً فيتذوق الضيف نكهتها عند القلي والغلي على النار ثم يحتسيها بمزاج وغالباً ما تكون ثلاث دلال ولا يستعمل عند البدو غير دلة واحدة بعكس أهالي الساحل.

المادة :: الفصل السادس - المعتقدات والمعارف الشعبية

مقدمة :


تعد المعتقدات والمعارف الشعبية من المصطلحات وثقة الصلة بالعادات لدرجة أن البعض عرف المعتقدات من خلال تعريفهم للعادات، حيث كانت رؤيتهم ان العادة ليست سوى تعبير عن معتقد معين. والمعتقدات الشعبية موروثات احتلت عقول الناس، وشغلت حياتهم. وقد شغفت بها نفوسهم، وملكت قلوبهم وأمسى التسليم بها والخضوع لحكمها بديهياً ومن المسلمات التي لا يمكن ان يرقى إليها الشك، ولا يمكن لتجريح أو نقد ان ينال منها كحقيقة ويقين. فقد أخذت هذه المعتقدات سبيلها إلى قلوب الناس ونفوسهم، عامتهم وخاصتهم، منذ لحظة بداية عمرها الطويل في تعاقب الاجيال وتداول الأزمان إلى ان رسخت في الوعي وأضحت جزءا هاما من الوجدان الشعبي ودخلت في عداد المأثور الشعبي.
وتكثر المعتقدات الشعبية في المجتمعات النامية فهي تساعد على الوصول إلى الوسائل الفعالة – من وجهة نظرهم – التي تعينهم على التحكم في البيئة والاستعداد لمواجهة بعض الأحداث الطارئة.
ولكن طالما ان المعتقدات والمعارف الشعبية تكمن في أعماق النفس الإنسانية، لذا فهي موجودة في كل مكان سواء عند الريفيين أو الحضريين وفي كافة الطبقات وعلى كافة المستويات وإن تفاوتت النسب.
وتدور موضوعات المعتقدات الشعبية عموما حول الكائنات فوق الطبيعية والطب الشعبي والأحلام والجسم الإنساني والحيوان والنبات والأحجار والمعادن وأخرى تدور حول الأماكن وأوائل الأشياء وأواخرها والاتجاهات والألوان والاعداد والنظرة إلى العالم وغيرها.
وتختلف المعتقدات بين مجتمع وآخر وبين ثقافة فرعية وأخرى داخل المجتمع الواحد كما قد يتشابه بعضها في كافة أنحاء العالم وهو ما اصطلح على تسميته (بالنظائر الثقافية).
وسنتناول بإيجاز موضوع الطب الشعبي، وموضوع الحروز والعقود في المعتقدات الشعبية.

المادة :: الطب الشعبي

الطب الشعبي هو خلاصة مجموعة من التجارب الشعبية حول طرق العلاج وأساليبها وأنواع الامراض الشائعة في المجتمع وانتشارها. والاعتماد الاساسي في هذا العلاج على النباتات والأعشاب الطبية. وتحديدا فإن المصادر الاساسية للطب الشعبي هي البيئة والحياة الاجتماعية والاتصال الإنساني عبر العصور والإرث العربي الاسلامي بما تحمله هذه المصادر من تنوع وثراء في استيعاب ظروف الحياة والاستفادة من خبرات وتراكمات طرق وأساليب العلاج عبر التاريخ. فعلى سبيل المثال كان لأهل الامارات عمليات علاجية منها الكي والعلاج السحري والتجبير.
لقد كانت ولا تزال الثقافة الطبية الشعبية مبنية إلى حد كبير عند الممارسين على تجريب الصحيح من الخطأ في الممارسة وربما يكتشفون كل يوم جديدا يؤهلهم للاستحواذ على ثقة الناس.
يحاول كل ممارس ان يغرس حب المهنة فيمن يعلمه إياه، ومن المعروف ان الاسفار البحرية كانت تذهب بهم إلى شرق إفريقيا، وكذلك إلى الهند وكل احتكاك مع البيئة الجديدة يمثل دواء جديدا سواء كان في الاستشكاف أو المشاهدة ثم إنهم يتعرفون على الادوية وانواع العلاج، وعندما يعود الواحد منهم يبدأ في تطبيقه ويضيف تراكم التجربة خبرة جديدة إلى ما اكتسبه من الممارسة السابقة.
وممارسات الطب الشعبي متنوعة ومرتبطة بالأدوات المستخدمة في العلاج ودور الممارس أو الطبيب الشعبي، ويمكن تقسيم أنواع الممارسات كالتالي :
المطوع أي رجل الدين : ويعتمد في علاجه على تلاوة القرآن الكريم والادعية النبوية الشريفة وكتابة المحو.
الحواج : هو بائع الادوية الشعبية في السوق، وهو ما يسمى في زماننا المعاصر الصيدلاني أو في الزمن القديم (العشاب) أو (العطار).
الكواي : وهو الذي يعالج المريض بكيه بالنار، وتسمى محليا الوشم.
المجبر : وهو من يجبر الكسور، ولا بد له من معرفة بأنواع الكسور وكذلك بالعظام.
المختن : وهو من يقوم بختان الصبية.
الحجام : وهو من يستخرج الدم الفاسد، ووظيفته تسمى (الحجامة).
الجراح : وهو من يستخدم العقاقير والادوية والمركبات الطبية لعلاج الجروح الخفيفة أو العميقة.
الكحال : وهو بائع الكحل الذي تزين به العين، وليست هي مهنته الوحيدة كما يفهم من ارتباطها بالكحل، بل يبيع زينة المرأة عموما، بجانب علاجه للرمد.
المساح : وهو يستخدم المسح أو التدليك في المعالجة.
المرفع : وتسمى (المدغر) أو (المقمز) لكونه يقوم بعلاج اللوزتين.
الداية : وهي القابلة التي تقوم بتوليد النساء مع الإشراف على المولود وأمه.
ومن الملاحظ أن معالجة النساء تتم بواسطة امرأة مثلها.

المادة :: أسماء الامراض

للأمراض مسميات عدة، وتختلف من مكان إلى آخر على الرغم من تشابهها في العلامات والآثار، والسبب في ذلك يعود إلى التوافق الذي يراه المعنيون بالتسمية على الاصطلاح فيما بين المرض وعلاقته بالموضع أو آثاره، وما يتطلبه ذلك من انغراس للفظ في محليته، وإغراق دلالة المصطلح في البيئة فهما واستيعابا. وهنا سنورد مجمل أمراض شعبية اللفظ وجدت في بيئة الإمارات والتي على أساسها ازدهرت فترة التطبيب الشعبي.
الصداع، رمد العيون، (ابو حميّر) السعال الديكي، إمساك البطن (القبض)، الزكام (النشلة)، علاج لدغة الأفعى، أم عصيبة، الفتاق، السمط، الفالول (الثالول)، الصفرا (بوصفار)، أم الصبيان، القفعة، كودني (عقر عقر)، عرق الرضاخ (السرة)، آلام البطن (المغص)، (بوبريجع) شلل الوجه، العاسوق، الحمى، المستجي، عصبة الضامر، (بوينيب) بوجنيب، لغو، أمراض الأمزجة، الحصبة (الحمكة)، لدغة العقرب، الباطل، الضلعية، الفصال، اليامعة، خاز باز، علاج الأسنان، حفاة، الفلعة، ظبظوب، أم لزيقة (أم لزيكة)، ابو خويط، أو طميج، ابو كرى (القرح)، خراي أي الخراج، حثوة، الغالج (الغالي)، الفشاع (الفشع)، الحزازه، السكري، البواسي، علاج الضعف الجنسي، اللصة، علاج الفرك.

المادة :: مسميات الادوية الشعبية


أما الادوية الشعبية فقد راجت في المحلات القديمة التي كانت تستخدم كمحلات للعطارة وبيع الادوية للناس، والعطارة كانت مهنة يقوم بها الذين صقلت خبرتهم في كيفية الخلط والمزج التجارب الكثيرة، وقد حاز هؤلاء ثقة الناس مما جعل تجارتهم تروج. وقد احصى البعض الكثير من الادوية التي كان الحواجون يقومون ببيعها في هذه المنطقة ومنها على سبيل المثال :
أثل، يريهيو، تانيرباد، جعده، حرمل، خروع، دامر، رشوش، زيبر، سركة صالح، شكاع، صدو، طبيخة، ظيه، عاقوله، فوقلة، قارماهانق، كسط، مروخشن، نيل، وطيه، هليلي، يوزتيار.


رد مع اقتباس