أطفالنا وشبابنا في ظلّ التربية الإسلامية
فقد ورد عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أحبّوا الصبيان وارحموهم ) .
وقال ( صلّى الله عليه وآله ) أيضاً ليهوديّ : ( أمّا لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان ) .
وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ( من قبّل ولده كتب الله عزَّ وجلَّ له حسنة ، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة ) .
ب ـ المجتمع :
هو المحيط الثاني الذي يتلّقى الطفل ويحتضنه بعد أبويه وأسرته ، ويغرس فيه ماهيّته ، وينقل إليه عاداته ومفاهيمه وسلوكه .
وفي المجتمع يجتمع كل ما يحمله وينتجه الأفراد المعاصرون من أفكار وعادات وتقاليد وأخلاق وسلوكيّات وتصرّفات .
كما أنّه يعتبر الوارث الطبيعيّ للأسلاف والأجيال الماضية ، وهو الذي ينقل إلى الجيل الحاضر ما كان عليه آباؤه وأجداده من حالات وأوضاع .
لذا فإن للبيئة الاجتماعيّة دوراً كبيراً في قولبة شخصيّة الطفل وسلوكه .
والفرد المسلم في المجتمع الإسلاميّ يبحث دائماً عن البيئة الصالحة والمناسبة لنموّه ونشأته واستقامة شخصيّته ، ليوفر بذلك لنفسه وعائلته الأجواء والظروف اللازمة لنموّ شخصيته الإسلاميّة اجتماعيّاً نموّاً صالحاً سليماً .
فالصديق الذي يرافقه الطفل ويلعب معه يؤثر فيه ، وينقل إليه الكثير من أنماط السلوك ، ومعاملة الضيوف والأقارب وغيرهم .
وأما الاختلاط بهم ، والذهاب إلى المراكز العامة كالملاعب والنوادي والجمعيّات والمسارح ودور السينما ، والحدائق والمتنزّهات وسائر الأماكن العامّة .
أو المظاهر العامّة كالأعياد والمناسبات المختلفة ، التي يعيشها الطفل ويتعامل معها ، أو يرتادها .
فكلّ ذلك يزرع في نفسه مفهوماً خاصّاً ، ويوجّهه توجيهاً معيّناً ، وكذلك القصص والحكايات الشعبية والأمثال والنكت هي أيضاً تترك آثارها على شخصّية الطفل وسلوكه وأخلاقه .
والتربية الإسلاميّة تعتمد على المحيط الاجتماعي في التوجيه والإعداد ، وتهتمّ بإصلاح الطفل وتوجيهه توجيهاً صحيحاً سليماً .
والجديد بالذكر أنّ الانسجام التامّ وعدم التناقض بين حياة البيت والمدرسة والمجتمع يعتبر أمراً مهمّا وخطيراً جدّاً في العمليّة التربويّة ، لأن له أثره المهمّ والفعّال في سلامة الطفل من الصراع النفسيّ والتشتت وانقسام الشخصيّة وانفصامها .
والمجتمع الإسلاميّ الذي يؤمن بالإسلام فكراً وعملاُ وسلوكاً ، ينسجم تماماً مع الأسرة والمدرسة ، ويلقى الطفل فيه الحياة المتّزنة المستقرّة المنسجمة الهادئة المريحة .
كما أنّ الطفل أينما يولّي وجهه في البيت أو المدرسة أو المجتمع ، فإنّه يجد الأمّ والأصدقاء والمؤسّسة والمظهر الاجتماعيّ العامّ ، ووسيلة الإعلام وحياة الناس العامّة وسياسة الدولة ، كلّها تسير على قاعدة فكريّة وسلوكيّة واحدة ، ساعية إلى الخير والإصلاح والعزة والكرامة ، وتعمل بانسجام تامّ ، وتتعاون بشكل دقيق ومتقن ومنسّق ، على أسس فلسفة حياتية وفكريّة واحدة ، من أجل بناء الفرد الصالح النافع ، والمجتمع السليم القويم .
ج ـ المدرسة :
والمدرسة هي الحاضنة الأخرى للطفل ، ولها التأثير الكبير والمباشر في تكوين شخصيّته ، وصياغة فكره ، وبلورة معالم سلوكه ، وفي المدرسة تشترك عناصر أربعة أساسيّة في التأثير على شخصيّة الطفل وسلوكه ، وهي :
1 ـ المعلم :
إنّ الطفل يرى المعلّم مثالاً سامياً وقدوة حسنة ، وينظر إليه باهتمام كبير واحترام وفير ، وينزله مكانة عالية في نفسه ، وهو دائماً يحاكيه ويقتدي به ، وينفعل ويتأثر بشخصيّته .
فكلمات المعلم وثقافته وسلوكه ومظهره ومعاملته للطلاب ، بل وجميع حركاته وسكناته ، تترك أثرها الفعّال على نفسيّة الطفل ، فتظهر في حياته وتلازمه .
وإنّ شخصيّة المعلّم تترك بصماتها وطابعها على شخصيّة الطفل عبر المؤثرات التالية :
أ ـ الطفل يكتسب من معلّمه عن طريق التقليد والإيحاء الذي يترك غالباً أثره في نفسه ، دون أن يشعر الطفل بذلك .
ب ـ اكتشاف مواهب الطفل وتنميتها وتوجيهها وترشيدها .
ج ـ مراقبة سلوك الطفل وتصحيحه وتقويمه ، وبذا تتعاظم مسؤوليّة المربّي ، ويتعاظم دوره التربويّ في التربية الإسلاميّة .
2 ـ المنهج الدراسي :
وهو مجموعة من المبادئ التربويّة والعلميّة ، والخطط التي تساعدنا على تنمية مواهب الطفل وصقلها ، وإعداده إعداداً صالحاً للحياة .
ولكي يكون المنهج الدراسيّ سليماً وتربويّاً صالحاً ، فينبغي له أن يعالج ثلاثة أمور أساسية مهمّة في عمليّة التربية ، و يتحمّل مسؤوليّته تجاهها .
وهي :
أ ـ الجانب التربوي : إنّ العنصر الأساس في وضع المنهج الدراسيّ في مراحله الأولى خاصّة ، هو العنصر التربويّ الهادف .
فالمنهج الدراسيّ هو المسؤول عن غرس القيم الجليلة والأخلاق النبيلة في ذهن الطفل وفي نفسيّته ، وهو الذي ينبغي أن يعوّد الطفل على الحياة الاجتماعيّة السليمة ، والسلوك السامي ، كالصدق والصبر والحبّ والتعاون والشجاعة والنظافة والأناقة ، وطاعة الوالدين والمعلّم ، وإلخ .
وهذا الجانب التربوي هو المسؤول عن تصحيح أخطاء البيئة الاجتماعيّة وانحرافاتها ، كالعادات السيّئة والخرافات والتقاليد البالية .
ب ـ الجانب العلمي والثقافي : وهذا يشمل تدريس الطفل مبادئ العلوم والمعارف النافعة له ولمجتمعه ، سواء كانت الطبيعيّة منها أو الاجتماعيّة أو العلميّة أو الرياضيّة أو الأدبيّة أو اللغويّة أو الفنيّة وغيرها التي تؤهلّه لأن يتعلّم في المستقبل علوماً ومعارف أعقد مضموماً وأرقى مستوى .
ج ـ النشاط الجانبي : وهذا الجانب لايقلّ أهمية عن الجانبين السابقين ، إن لم نقل أكثر .
ويتمثل في تشجيع الطفل ، وتنمية مواهبه ، وتوسيع مداركه ، وصقل ملكاته الأدبيّة والعلميّة والفنيّة والجسميّة والعقليّة ، كالخطابة وكتابة النشرات المدرسيّة والرسم والنحت والتطريز والخياطة ، وسائر الأعمال الفنيّة الأخرى ، أوالرياضة والألعاب الكشفيّة والمشاركة في إقامة المخيّمات الطلابيّة والسفرات المدرسيّة ، بل ومختلف النشاطات الأخرى ، لدفعه إلى الابتكار والاختراع والاكتشاف والإبداع .
فإذا وضع المنهج الدراسي بهذه الطريقة الناجحة ، فإنه يستطيع أن يستوعب أهداف التربية الصالحة ، وأن يحقق أغراضها المنشودة في تنشئة الجيل الصالح المفيد .
3 ـ المحيط الطلاّبي :
ونعني به الوسط الاجتماعيّ الذي تتلاقى فيه مختلف النفسيّات والحالات الخلقيّة ، والأوضاع الاجتماعيّة من الأعراف والتقاليد ، وأنماط متنوّعة من السلوك والمشاعر التي يحملها الطلاب معهم إلى المدرسة ، والتي اكتسبوها من بيئاتهم وأسرهم ، وحملوها بدورهم إلى زملائهم .
فنرى الأطفال يتبادلون ذلك عن طريق الاحتكاك والملازمة والاكتساب .
ومن الطبيعيّ أن الوسط الطلابيّ سيكون على هذا الأساس زاخراً بالمتناقضات من أنماط السلوك والمشاعر ـ سيّما لو كان المجتمع غير متجانس ـ فتجد منها المنحرف الضارّ ، ومنها المستقيم النافع .
لذا يكون لزاماً على المدرسة أن تهتمّ بمراقبة السلوك الطلابيّ ، وخصوصاً من يسلك منهم سلوكاً ضارا ، فتعمل على تقويمه وتصحيحه ، ومنع سريانه إلى الطلاّب الآخرين ، وتشجيع السلوك الاجتماعيّ النافع كتنمية روح التعاون والتدريب على احترام حقوق الآخرين .
4- النظام المدرسي ومظهره العام :
حينما يشعر الطلبة في اليوم الأوّل من انخراطهم في المدرسة أنّ للمدرسة نظاماً خاصّاً ، يختلف عن الوضع الذي ألفوه في البيت ضمن أسرتهم ، فإنّهم – حينئذ – يشعرون بضرورة الالتزام بهذا النظام والتكيّف له .
فإذا كان نظام المدرسة قائماً على ركائز علميّة متقنة ، ومشيّداً على قواعد تربوية صحيحة ، فإنّ الطالب سيكتسب طباعاً جيّدة في مراعاة هذا النظام ، والعيش في كنفه .
فمثلاً لو كان الطالب المشاكس الذي يعتدي على زملائه ، والطالب الآخر المعتدى عليه ، كلاهما يشعران بأن نظام المدرسة سيتابع هذه المشكلة ، وأن هذا الطالب المعتدي سوف ينال عقابه وجزاءه .
فإنّ الطرفين سيفهمان حقيقة مهمّة في الحياة ، وهي أن القانون والسلطة والهيئة الاجتماعيّة يردعون المعتدي ، وينزلون به العقاب الذي يستحقّه ، وأن المعتدى عليه هو في حماية القانون والسلطة والهيئة الاجتماعيّة .
ولا ضرورة أن يكلّف نفسه في الردّ الشخصيّ وإحداث مشاكل يحاسب هو عليها .
إنّ هذه الممارسة المدرسيّة التربويّة تربّي في الطفل احترام القانون واستشعار العدل ومؤازرة الحقّ والإنصاف .
والنظام المدرسيّ الذي يتابع مشكلة التقصير في أداء الواجب ، والتغيّب عن الدرس والمدرسة ، ويحاول حل هذه المشكلة ، فإنّ الطالب في هذه المدرسة سيتعوّد ـ من خلال ذلك ـ الضبط والمواظبة على الدوام والالتزام بالنظام وأداء الواجب والشعور بالمسؤوليّة .
وكما أنّ للنظام أثره في تكوين شخصيّة الطفل وتنمية مشاعره وصقل قدراته وتقويم مواقفه وقيمه ، فإنّ للحياة العامّة في المدرسة أيضاً أثرها الفعّال في هذه المجال .
د ـ الدولة :
بعد أن تطوّرت بنية الدولة ومهماتها ، وتعقّدت الحياة البشريّة بمختلف مجالاتها ، صارت علاقة الإنسان بالدولة علاقة حيويّة ، فما من مرفأ من مرافئ الحياة إلاّ وللدولة أثر أو علاقة أو مشاركة فيه ، مباشرة أو غير مباشرة .
ويظهر أثر الدولة بشكل أكثر وضوحاً في التربية والتعليم والثقافة العامّة ، فالدولة اليوم هي التي تتولّى مسؤوليّة التربية والتعليم والثقافة ، وتخطّط لها مركزيّاً ، وتنهض بإدارتها وقيادتها .
أي أنّ الدولة تتبنّى مسألة إقامة البناء الإنسانيّ ، وتصحيح البنية الشخصيّة وتقويمها ، وتنمية الفكر ، وكذلك طريقة إعداد الإنسان للحياة .
وعليها مسؤوليّة إعداد المنهج المدرسيّ ، ورسم السياسة التربويّة العامّة ، وتوجيه الثقافة عن طريق الإذاعة والتلفزيون ووسائل النشر وأساليب الدعاية التي تؤثر بواسطتها في إعداد الإنسان فكريّاً ونفسيّاً وسلوكيّاً .
وبتلك الوسائل والإمكانات تستطيع الدولة التأثير على هوّية الإنسان التربويّة ، وتحديد معالم شخصيّته .
وبما أنّ الدولة الإسلاميّة هي دولة عقائديّة فكريّة ، لها خطّ فكريّ متميّز المعالم ، وفلسفة حياتيّة مستقلّة .
لذا فهي مسؤولة عن توجيه التربية ، و التخطيط لكلّ عناصرها و أجهزتها المدرسيّة والإعلاميّة ، لتسير في الخطّ الإسلاميّ الملتزم .
فتمهّد الطريق للطفل في أن يشقّ طريقه إلى الحياة المستقبليّة الكريمة ، وتساعد الشباب على تحمّل مسؤوليّاتهم المقدّسة ، ليكون لهم الدور الفعّال في ترسيخ أسس الدولة الإسلاميّة واستمرارها وبقائها ، والمشاركة في أخذ يدها نحو الخير والصلاح والعزّة والكرامة .
مسك الختام :
إنّنا حين نتطرّق لهذه العوامل بالشرح والتبسيط ، إنما نريد بذلك إرساء حجر الأساس لما ألزَمَناه الامام عليّ ( عليه السلام ) في منهاجه التربويّ .
فنوفر الأرضيّة الصالحة لنشأة الجيل على مبادئه و معتقداته وآماله ، معتمدين في ذلك على الهدف الذي رسمه لنا ، لتحديد معالم التربية وأ طرها الفكريّة والعاطفيّة .
فهذا هو نصّ ما جاء بخطابه لولده الحسن ( عليه السلام ) ، حيث قال : ( … فإنّي أوصيك بتقوى الله أي بُنيّ ، ولزوم أمره ، وعمارة قلبك بذكره ، والاعتصام بحبله ، وأيّ سبب أوثق من سبب بينك وبين الله ، إنْ أنت أخذت به ؟! ) .
( الباب الثاني )
شبابنا في ظل التربية الإسلامية
إن مرحلة الشباب مرحلة خطيرة جدّاً في حياة الإنسان ، و هي مرحلة تتخلّلها فترة المراهقة الحسّاسة ، و إن الحديث عنها والبحوث حولها عديدة و مكثفة ، فلهذا ارتأينا تقسيم البحث في هذا الموضوع إلى عدة فصول بحيث يخص كلّ واحد منها جانباً من جوانب التربية .
( الفصل الأول )
التربية الدينيّة والقرآنيّة
إن الله تبارك وتعالى خلق عباده وأودع فيهم مواهب وقدرات ، وخلق لهم السماء والأرض والبحار ، وسخّر لهم ما فيها جميعاً ، وأغدق على الإنسان نعمه المستفيضة ، ممّا يوجب طاعته والشكر له وعبادته ، وهو سبحانه القائل :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [ النور : 41 ] .
وإن العبادة تتّخذ أشكالاً منوّعة ، يؤدّيها كل مخلوق حسب خلقته وقدرته وإدراكه ، كما يفهم ذلك من قوله تعالى في الآية المتقدّمة : كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
والأفضل للمرء أن يتجه إلى ربّه في كل الأمور ، يسيرها وعسيرها ، فيعوّد نفسه منذ صغر سنّه على الصلاة وإقامتها في أوقاتها ، في السرّ والعلانية ، ليحصل على أكثر قدر ممكن من الثواب باكتساب فضيلتها .
وقد حبّب الله عزَّ وجلَّ للمصلّين أن يقيموها في أوقاتها الشرعيّة المخصّصة لها ، وبيّن الباري لهم فضل ذلك وأجره ، إذ قال عزّ من قائل : وَأَقِمِ الصَّلوةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [ هـود : 114 ] .
وقال ( صلّى الله عليه وآله ) : ( علّموا صبيانكم الصلاة ، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم ) .
كما أن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) كان يعّود الصبيان والشباب على إقامة الصلاة في وقتها ، وذلك لكسب فضيلتها وأجرها ، إضافة إلى أجر الصلاة ذاتها .
وقد روى أنّه ( عليه السلام ) كان يأمر مَنْ عنده من الصبيان بأن يصلّوا الظهر والعصر في وقت واحد ، والمغرب والعشاء في وقت واحد ، فقيل له في ذلك ، فقال ( عليه السلام ) : ( هو أخفّ عليهم ، وأجدر أن يسارعوا إليها ولا يضيّعوها ، ولا يناموا عنها ، ولا يشتغلوا ) .
وكان لا يأخذهم بغير الصلاة المكتوبة ( المفروضة غير المستحبّة ) ، ويقول ( عليه السلام ) في هذه المجال : ( إذا طاقوا الصلاة فلا تؤخّروها عن المكتوبة ) .
أمّا في مسألة تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، فقد ورد عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنه قال : ( من قرأ القرآن وهو شابّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزَّ وجلَّ مع السفرة الكرام البررة ) .
وينبغي أن نعي بأن الآباء لو ربّيا أبناء هم على ذكر الله عزَّ وجلّ ، وأداء الصلاة في أوقاتها ، والمواظبة على تلاوة القرآن الكريم ، فسيكون لهم عند الله جلّ وعلا أجراً عظيماً وثواباً كريماً .
وأن الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) قد حث الأبوين على تعليما أبنائهما المواظبة على تلاوة القرآن الكريم : ( … ومن علّمه القرآن دعي بالأبوين فيُكسيان حلّتين ، يضيء من نورها وجوه أهل الجنّة ) .
( الفصل الثاني )
التربية النفسيّة والسلوكيّة
يسعى الدين الإسلاميّ الحنيف إلى معالجة الأفراد معالجة نفسيّة ، وإعدادهم ليكونوا أعضاء صالحين نافعين في المجتمع الإسلاميّ .
وهو بذلك يرمي إلى غرس روح الثقة والاطمئنان والأمان والهدوء والراحة النفسيّة عند الإنسان ، خاصّة عندما يعده بالأجر والثواب والمغفرة وقبول التوبة والجنّة .
فعلى كل من الوالدين والأسرة والمعلّم والمجتمع والدولة والمتصدّين لعمليّة التربية ، أن يجتهدوا في زرع الثقة والطمأنينة في نفوس الأبناء .
فبذلك يتمكنوا أن يحررونهم من تأثيرات الخوف والاضطراب والقلق والشعور بالدناءة والضعة وكل ما يؤدّي إلى سحق شخصيّاتهم وانهيارهم ، النفسيّ ليخرجوا إلى المجتمع الإسلاميّ صحيحين سالمين وذو شخصيات قادرة على أداء دورها المسؤول والنافع بأفضل صورة ممكنة .
وتفيد بحوث وتجارب المحلّلين النفسانيّين والأطبّاء والعلماء وخبراء علم النفس وعلم الاجتماع ، بأنّ جانباً كبيراً من السلوك البشري يتكوّن من استجابة داخليّة لمؤثّرات خارجيّة ، مثل المال والجنس والجاه وغير ذلك .
وأنّ ردّ الفعل المتكوّن عند الإنسان لكلّ منها إنّما يتحدّد بطبيعة ملكته النفسيّة ، وقدرته على مجابهة ما يشعر بضرره له ، فلا ينقاد إليه ، وعلى هذا يتحدّد موقفه من هذا المؤثّر أو ذاك .
ومّما يذكر أن تربية الإنسان المتوازنة نفسيّاً وأخلاقـيّاً وسلوكيّاً لها أثرها الكبير على استقرار شخصيّته ، وسلامتها من الأمراض النفسيّة ، والعقد الاجتماعيّة والحالات العصبيّة الخطيرة وحالات القلق والخوف التي كثيراً ما تولّد لديه السلوك العدوانيّ ، فينشأ فرداً مجرماً خبيثاً مضرّاً فاسداً في المجتمع .
والشريعة الإسلامية ترى بأن من أهم الأمور المؤدية إلى طمانينة النفس وارتقاء مستوى وعي الإنسان وبالتالي إلى توازنه النفسي والمعيشة في ظل الحياة الطيبة هو ذكر الله ، وذلك لأن الذكر كما ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) : ( الذكر نور العقل ، وحياة النفوس ، وجلاء الصدور ) .
و لهذا ورد في الدعاء الذي علّمه الإمام عليّ ( عليه السلام ) لكميل بن زياد ( رضوان الله عليه ) : ( اللهمّ اجعل لساني بذكرك لهجاً ، وقلبي بحبّك متيّما ) .
وذلك ليبقى الإنسان المؤمن في ظل ذكره لله عزَّ وجلَّ متمتعاً بالصيانة التي تردعه عن ارتكاب ما يخل في توازنه النفسي أو اعتدال سلوكه .
( الفصل الثالث )
التربية العقليّة والعلميّة
قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( إنّ العلم حياة القلوب من الجهل ، وضياء الأبصار من الظلمة ، وقوّة الأبدان من الضعف ) .
وذكر الإمام علي ( عليه السلام ) في إحدى مراسلاته :
( إنّ قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته ، إنّ الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا ) .
فالإنسان مخلوق عاقل مفكّر ، يستطيع أن يدرك الأشياء ويتعلّمها بوعي ، و يمكنه الاكتساب وتعلّم المعارف والعلوم بواسطة إدراكه لعالم الطبيعة عن طريق تأمّله في الكون وفيما خلق الله عز ّوجلّ .
أطفالنا وشبابنا في ظلّ التربية الإسلامية
Cant See Links
أطفالنا في ظل التربية الإسلامية
Cant See Links