عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2012, 11:58 AM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: كتاب:فقه الائتلاف. قواعد التعامل مع المخالفين بالإنصاف للدكتور محمود محمد الخزندا

محمود الخزندار .. داعية فقدناه

14/01/2002
بقلم : أحمد فاضل غندور
( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (الأحزاب:23) &n..

( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (الأحزاب:23)
نزحت أسرة الفقيد من فلسطين بعد نكبة سنة 1948م واستقرت بداية في مدينة جبلة السورية ، حيث ولد فيها بمسجد السلطان إبراهيم باشا سنة 1952م ، ثم توفي والده - رحمة الله عليه - بعد خمس سنوات من ولادته فذاق مرارة اليتم منذ نعومة أظفاره .
ترتيبه في الأسرة كان قبل الأخير ، ولكنه كان بمقام عميد الأسرة لأنه تحمل مسؤولياتها منذ صباه ، وتحمل ما تحمل في سبيل تأمين لقمة العيش لعائلة قاربت عشرة أفراد.
التزم مسجد ( زيد بن ثابت ) - رضي الله عنه - في مدينة دمشق فحفظ القرآن الكريم ، وتعلم العلوم الشرعية وهو لم ينه الصف الثاني الإعدادي بعد .
التحق بركب الدعوة الإسلامية مبكرًا ، فكان عنوانًا للخلق الإسلامي والداعية الناجح وأحبه كل من عمل معه ، وتأثر به الكثير من الناس .
عمل بالخطابة في مساجد دمشق، وعرفته منابرها خطيبًا مفوهًا وواعظًا ألمعيًا مالكًا لزمام العربية ، جريئًا بكلمة الحق ، لا يخاف في الله لومة لائم .
وكذلك عرفته منابر بيشاور باكستان ، ومنابر الدوحة ، وخاصة مسجد ( الجبر ) فيها فأحبه من سمع له ، وحرص على حضور خطبه.
درس في جامعة دمشق - كلية اللغة العربية وتخرج فيها سنة 1979م . إلى جانب عمله في بيع ( الخيطان ) قرب مسجد الخياطين في سوق الخياطين بمدينة دمشق .
- تزوج أختًا فاضلة من أسرة معروفة في دمشق / خريج في كلية الشريعة /.
- سجن عدة شهور ظلمًا ، وذاق ألوانًا من العذاب منها ضربه المبرّح على رأسه ، بل وكان زبانية السجن يأمرون السجناء بالمرور عليه دوسًا بنعالهم ، فكان يدعو الله تعالى أن يخفف عنه فيفقد وعيه مع أول المارين عليه ، لكي لا يحس بالباقين.
- خرج مدرسًا مع أهله إلى إحدى دول الخليج سنة 1981متعاقدًا مع مدرسة خاصة فيها ، وقد لاحظ الأستاذ محمود نشاطًا تنصيريًا في إحدى المدارس ، وقدّم فيها تقريرًا للمعنيين في هذا الشأن ، فانقلب الأمر عليه ، وأصابه من البلاء ما أصابه إلى أن تكفل بأمره عالم جليل من علماء تلك البلد - يرحمه الله تعالى - فأمّنه في بيته شهرين ، إلى أن تمّ إخراجه إلى باكستان (بيشاور) سنة 1984م - وخلال هذه المحنة في البلد الخليجي توفيت إحدى بناته ، ورزقه الله تعالى بعد وفاتها ابنة أخرى . عمل في جامعة الدعوة والجهاد في قرية ( بابي) الباكستانية متطوعًا دون مقابل ، يدرس عددًا من المواد التربوية والدعوية.
- كان شعلة نشاط ، متحرقًا على الإسلام والمسلمين ، فكتب بيراعه البارع عمودين اثنين في مجلة الجهاد ، وعلى مدار تسع سنوات تحت اسم (أبي أسامة ) كنيته و(عبد الرحمن السائح) تذكارًا ورمزًا لفلسطين الحبيبة ، وما خطه في كتابه ( هذه أخلاقنا حين نكون مؤمنين حقًا ) الذي طُبعَ عدة مرات ماهو إلا خلاصة فكره وفؤاده وعصارة قلبه ، تجربة عاشها في بيشاور.
- تولى منصب المدير العام - بالإنابة - في لجنة البر الإسلامية - بيشاور - لعدة شهور ، فكان نظيف اليد بالرغم من أنه كان يوقع ( شيكات ) بملايين الروبيات.
- وصار مديرًا لإدارتين في لجنة البر الإسلامية ، الإدارة التربوية والإدارة التعليمية ، وتقاضى على ذلك راتبًا واحدًا - احتسابًا للأجر والمثوبة عند الله تعالى- فكان مثالاً يحتذى للتعليم بالمحسوس ، وللتربية بالقدوة والواقع وفي أول كل شهر كان يحسم من راتبه مقدارًا من المال ثمنًا للكهرباء التي صرفها حسب تقديره في مدفأته الكهربائية الخاصة - بالرغم من شدة البرد - حرصًا منه على تحري الحلال والدقة فيه.
عرفناه دؤوبًا - رحمة الله عليه - في عمله ، علاوة على دعابة لطيفة جميلة يراها عن قرب كل من خالطه.

عانى فقيدنا الكريم من آلام شديدة في رأسه – وغيرذلك - لسنوات عدة ، ولم يعرف ذلك عنه إلا الخواص من أحبابه ، وتناول حبوبًا لذلك ؛ لكنه لم يكن يبدي مرضه بل كان يعلوه الحبور والبشر دائمًا.
عرفناه - أسكنه الله تعالى فسيح جنانه - معتدلاً متوازنًا في عقيدته وسلوكه وفقهه ، منهجه منهج الوسط ؛ فلا إفراط ولا تفريط ، ولا ابتداع ولا تكفير ولا تفسيق ، بل منهج أهل السنة والجماعة ، وقد تأثر وتربى على هذا المنهج من أساتذته الأفاضل الدكتور الشيخ محمد عوض ، والشيخ علي حمد الخشان مد الله تعالى في عمرهما ونفع الأمة بهما وبغيرهما .
كان حريصًا على وحدة المسلمين وائتلافهم وعدم تفرقهم واختلافهم ، وذلك بسبب قلة فقه طلبة العلم بأنواع الخلاف ، والعصبية التي أهدرت الأوقات ، وعموم الإجحاف في تقويم الرجال والفرق والكتب ، واستبعاد المغالين لكثير من عامة المسلمين من دائرة الملة الإسلامية بسبب جوانب من الخلاف ، وافتقاد كثير من المتفقهة للموازنة بين المصالح والمفاسد في التعامل مع المخالفين ، وعدم عذر المخالف بجهله أو اجتهاده .. وغلو كثير من المتفقهين في جميع صور حياتهم ( حبًا وبغضًا ، توثيقًا وتجريحًا ).
فكان لا بد من بيان توازن السلف رضوان الله عليهم - وحرصهم على الأهلية لخوض مسائل الخلاف ، فالعودة إلى نهجهم أحرى بإنصاف المخالفين وأضمن لوحدة صف الأمة ، فكان كتابه : ( فقه الائتلاف .. قواعد التعامل مع المخالفين بالإنصاف ) دواءً شافيًا لذلك .
وقد أعجب بهذا الكتاب العلامة الدكتور يوسف القرضاوي فاستعان بفصول منه لكتاب يعدّه مستقبلاً - أطال الله تعالى في عمره ، وهذه شهادة العلامة القرضاوي اعتز بها داعيتنا المغمور أبو أسامة … وشهدَ له الدكتور الراحل الشهيد عبد الله عزام - رحمة الله عليه – بأنه أفقه الناس بالعربية في ساحة بيشاور - باكستان آنذاك ، وهذه شهادة ثانية من عالم لأخينا الأستاذ محمود الخزندار - يرحمه الله تعالى - الذي لم يكن يبحث عن شهرة ولا أضواء .
- حرص الشيخ – رحمه الله تعالى - على تكميل تخصصه العلمي فقد نال درجة الماجستير في اللغة العربية من جامعة البنجاب سنة 1984م ، وسجل للدكتوراه في جامعة السند في باكستان وعمل لها ، لكن حرصه على العمل الإرشادي والدعوي حبسه عن متابعة ذلك .
- عُرفَ بعفة لسانه فلم يكن يغتاب أحدًا لا عدوًا ولا صديقًا ، بل يذكر الناس بالخير ، ويسدد ويقارب ، ويعفو عمن ظلمه.
وهو وفي لأحبابه - عليه الرحمة والمغفرة - يحاول ألا ينسى أحدًا منهم ، وخاصة في الملمات والمصائب .. وهذا قليل في زماننا!!
- عملَ في مدارس الأندلس سنة 1993 منذ تأسيسها في الدوحة - قطر حتى سنة 2000م وكانت له طموحات لتطوير المدرسة خلال تلك الفترة الطويلة إلا أنه لم يتمكن من ذلك للأعباء الملقاة على عاتقه - يرحمه الله تعالى - وعملَ عامًا كاملاً في (الجزيرة نت) 2000/2001م فكان مكان احترام ومحبة الجميع.
- حرصت إدارة مدارس الأندلس الخاصة لخبرته الطويلة وباعه الممتد لأكثر من ربع قرن في التربية والتعليم والإرشاد على إعادته مفتشًا للغة العربية للمراحل الثلاث ، فكان خير مثال يتأثر به الأساتذة ويحتذون به ، ويتحدثون عن لطفه وأسلوبه وخبرته الطيبة.
- في رمضان المبارك 1422 أصابته ظروف صعبة أثّرت عليه ، فكان يطلب مني أن أدعو له بالموت - ولم أفعل - ويدعو لنفسه بذلك ، ليرتاح مما يعانيه من آلام جسدية ومعنوية وبلاء أصابه ؛ فاستجاب الله تعالى له دعاءه ، وفارقت روحه الطاهرة جسده الطاهر صبيحة يوم الثلاثاء ، الثالث من شوال 1422هـ ، تغمده الله تعالى بواسع رحمته وفضله ، ونقول لك يا أخي أبا أسامة كما قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن القلب ليحزن ، وإن العين لتدمع ، وإنا على فراقك يا محمود لمحزونون ] ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .


Cant See Links


رد مع اقتباس