عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2010, 02:31 PM   رقم المشاركة : 19
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

عليه زوجتاه من الحور العين فيقولان الحمد لله الذي أحياك لنا و أحيانا لك فيقول ما أعطى أحد مثل ما أعطيت و في صحيح مسلم من حديث المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه عن النبي قال سال موسى ربه من أدنى أهل الجنة منزلة فقال هو رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب و كيف و قد نزل الناس منازلهم و اخذوا اخذاتهم فيقال له أترضى إن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقال ذلك لك و مثله و مثله و مثله و مثله ومثله فيقول في الخامسة رضيت رب فيقول لك هذا و عشرة أمثاله و لك ما اشتهت نفسك و لذت عينك فيقول رضيت رب قال فأعلاهم منزلة قال ذلك الذي أردت غرس كرامتهم بيدي و ختمت عليها فلم تر عين و لم تسمع أذن و لم يخطر على قلب بشر و مصداقه في كتاب الله فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين
الباب التاسع و الستون
و هو باب جامع فيه فصول منثورة لم تذكر فيما تقدم من الأبواب فصل في لسان أهل الجنة قال ابن أبي الدنيا حدثنا القاسم بن هاشم ثنا صفوان بن صالح حدثني رواد ابن الجراح العسقلاني ثنا الاوزاعي عن هارون ابن زباب عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف و على ميلاد عيسى ثلاث و ثلاثون سنة و على لسان محمد جرد مرد مكحلون و روى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال لسان أهل الجنة عربي و قال عقيل قال الزهري لسان أهل الجنة عربي فصل في احتجاج الجنة و النار في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال احتجت الجنة و النار فقالت هذه يدخلني الجبارون و المتكبرون

و قالت هذه يدخلني الضعفاء و المساكين فقال الله عز و جل لهذه أنت عن ابي أعذب بك من أشاء و قال لهذه أنت رحمتي ارحم بك من أشاء و لكل واحدة منكما ملؤها و في رواية أخرى تحاجت النارو الجنة فقالت النار اوثرت بالمتكبرين و المتجبرين و قالت الجنة ما مالي لا يدخلني ألا ضعفاء الناس و سقطهم و عجزهم فقال الله سبحانه للجنة أنت رحمتي ارحم بك من أشاء من عبادي و قال للنار أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي و لكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ و ينزوي بعضها على بعض و لا يظلم الله من خلقه أحدا و أما الجنة فان الله عز و جل ينشئ لها خلقا فصل في إن الجنة يبقى فيها فضل فينشىء الله لها خلقا دون النار و في الصحيحين عن انس بن مالك عن النبي قال لا تزال جهنم يلقى فيها و تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض و تقول قط قط بعزتك و كرمك و لا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة و في لفظ مسلم يبقى من الجنة ما شاء الله إن يبقى ثم ينشىء الله سبحانه لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة وفي لفظ مسلم يبقى من الجنة ما شاء الله ان يبقى لمما يشاء و أما اللفظ الذي وقع في صحيح البخاري في حديث أبي هريرة و انه ينشئ للنار من يشاء فيلقى فيها فتقول هل من مزيد فغلط من بعض الرواة انقلب عليه لفظه و الروايات الصحيحة و نص القران يرده فان الله سبحانه و اخبر انه يملا جهنم من إبليس و اتباعه فانه لا يعذب ألا من قامت عليه حجته و كذب رسله قال تعالى كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شيء و لا يظلم الله أحدا من خلقه فصل قي امتناع النوم على أهل الجنة روى ابن مردويه من حديث سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر

رضي الله عنه قال قال رسول الله النوم أخو الموت و أهل الجنة لا ينامون و ذكر الطبراني من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال سئل نبي الله فقيل أينام أهل الجنة فقال النبي النوم أخو الموت و أهل الجنة لا ينامون فصل في ارتقاء العبد و هو في الجنة من درجة إلى درجة أعلى منها قال الإمام احمد ثنا يزيد أنبانا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول يا رب إن لي هذه فيقول باستغفار ولدك لك
فصل في إلحاق ذرية المؤمن به في الدرجة و إن لم يعملوا عمله قال
تعالى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم و ما التناهم من عملهم من شيء و روى قيس عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقربهم عينه ثم قرا و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم و ما التناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين قال ما نقصنا الآباء مما أعطينا البنين و ذكر ابن مردويه في تفسيره من حديث شريك عن سالم الافطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال شريك أظنه حكاه عن النبي قال إذا دخل الرجل الجنة سال عن أبويه و زوجته و ولده فيقال انهم لم يبلغوا درجتك أو عملك فيقول يا رب قد عملت لي و لهم فيؤمر بالإلحاق بهم ثم تلا ابن عباس و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان إلى آخر الآية و قد اختلف المفسرون في الذرية في هذه الآية هل المراد بها الصغار أو الكبار أو النوعان على ثلاثة أقوال و اختلافهم مبني على إن قوله بإيمان حال من الذرية و التابعين أو المؤمنين المتبوعين فقالت طائفة المعنى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم في إيمانهم فأتوا من الإيمان بمثل ما أتوا به و الحقناهم بهم في الدرجات قالوا و يدل على هذا قراءة من قرا و اتبعتم ذريتهم فجعل الفعل في الاتباع لهم قالوا و قد أطلق الله سبحانه

الذرية على الكبار كما قال و من ذريته داود و سليمان ^ قال ^ ذرية من حملنا مع نوح و قال و كنا ذرية من بعدهم افتهلكنا بما فعل المبطلون و هذا قول الكبار و العقلاء قالوا و يدل على ذلك متا رواه قول سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه إن الله يرفع ذرية المؤمن إلى درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه فهذا يدل على انهم دخلوا الجنة بأعمالهم و لكن لم يكن لهم أعمال يبلغوا بها درجة آبائهم فبلغهم إياها و إن تقاصر عملهم عنها قالوا أيضا فالأيمان هو القول و العمل و النية و هذا إنما يمكن من الكبار و على هذا فيكون المعنى إن الله سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه إذ هذا حقيقة التبعية و إن كانوا دونه في الإيمان رفعهم الله إلى درجته إقرارا لعينه و تكميلا لنعيمه و هذا كما إن زوجات النبي معه في الدرجة تبعا و إن لم يبلغوا تلك الدرجة بأعمالهن و قالت طائفة أخرى الذرية ههنا الصغار و المعنى و الذين آمنوا و اتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء و الذرية تتبع الآباء و إن كانوا صغارا في الإيمان و إحكامه من الميراث و الدية و الصلاة عليهم و الدفن في قبور المسلمين و غير ذلك ألا فيما كان من أحكام البالغين و يكون قوله بإيمان على هذا في موضع نصب على الحال من المفعولين أي و اتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء قالوا و يدل على صحة هذا القول البالغين لهم حكم أنفسهم في الثواب و العقاب فانهم مستقلون بأنفسهم ليسوا تابعين الآباء في شيء من أحكام الدنيا و لا أحكام الثواب و العقاب لاستقلالهم بأنفسهم و لو كان المراد بالذرية البالغين لكن أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم و تكون أولاد التابعين البالغون كلهم في درجة آبائهم و هلم جرا إلى يوم القيامة فيكون الآخرون في درجة السابقين قالوا و يدل عليه أيضا انه سبحانه جعلهم معهم تيعا في الدرجة كما جعلهم تبعا معهم في الايمان ولو كانوا بالغين لم يكن ايمانهم تبعا بل ايمان استقلال قالوا ويدل عليه ان الله سبحانه و تعالى جعل المنازل في الجنة بحسب الأعمال في حق المستقلين و أما الاتباع فان الله سبحانه و تعالى يرفعهم إلى درجة أهليهم و إن لم يكن لهم أعمالهم كما تقدم وايضا فالحور العين والخدم في درجة اهليهم وان لم يكن لهم عمل بخلاف المكلفين البالغين فانهم يرفعون إلى حيث بلغتهم أعمالهم و قالت فرقة منهم الواحدي الوجه إن تحمل الذرية الصغار و الكبار لان الكبير يتبع الأب بإيمان نفسه


و الصغير يتبع الأب بإيمان الأب قالوا والذرية تقع على الصغير و الكبير و الواحد و الكثير و الابن و الأب كما قال تعالى و آية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون أي آباءهم و الإيمان يقع على الإيمان التبعي و على الاختياري الكسبي فمن وقوعه على التبعي قوله فتحرير رقبة مؤمنة فلو اعتق صغيرا جاز قالوا و أقوال السلف تدل على هذا قال سعيد بن جبير عن ابن عباس إن الله يرفع ذرية المؤمن في درجته و إن كانوا دونه في العمل لتقربهم عيونهم ثم قرا هذه الآية و قال ابن مسعود في هذه الآية الرجل يكون له القدم و يكون له الذرية فيدخل الجنة فيرفعون إليه لتقر بهم عينه و إن لم يبلغوا ذلك و قال أبو مجلز يجمعهم الله له كما كان يحب إن يجتمعوا في الدنيا و قال الشعبي ادخل الله الذرية بعمل الآباء الجنة و قال الكلبي عن ابن عباس إن كان الآباء ارفع درجة من الأبناء رفع الله الأبناء إلى الآباء و إن كان الأبناء ارفع درجة من الآباء رفع الله الآباء إلى الأبناء و قال إبراهيم أعطوا مثل أجور آبائهم و لم ينقص الآباء من أجورهم شيئا وقال ويدل على صحة هذا القول إن القراءتين كالآيتين فمن قرا واتبعتهم ذريتهم فهذا من حق البالغين الذين تصح نسبة الفعل إليهم كما قال تعالى و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار ا و الذين اتبعوهم بإحسان و من قرا و اتبعناهم ذرياتهم فهذا في حق الصغار الذين اتبعهم الله إياهم في الإيمان حكما فدلت القراءتان على النوعين قلت و اختصاص الذرية ههنا بالصغار اظهر لئلا يلزم استواء المتأخرين بالسابقين في الدرجات و لا يلزم مثل هذا في الصغار فان أطفال كل رجل و ذريته معه في درجته و الله اعلم
فصل في إن الجنة تتكلم قد تقدم قوله احتجت الجنة و النار و
قوله قالت الجنة يا رب قد أطردت انهاري و طابت ثماري فعجل على بأهلي و قال إسماعيل ابن أبي خالد عن سعيد الطائي أخبرت إن الله تعالى لما خلق الجنة قال لها تزيني فتزينت ثم قال لها تكلمي فتكلمت فقالت طوبى لمن رضيت عنه و قال قتادة لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي فقالت طوبى للمتقين و قال الطبراني حدثنا احمد بن علي ثنا هشام بن خالد ثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس

282 رضي الله عنهما قال قال رسول الله لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمي فقالت قد افلح المؤمنون فصل في إن الجنة تزداد حسنا على الدوام قال عبد الله بن احمد ثنا خلف بن هشام ثنا خالد بن عبد الله عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن كعب قال ما نظر الله إلى الجنة ألا قال طيبي لأهلك فتزداد ضعفا حتى يدخلها أهلها فصل في إن الحور العين يطلبن أزواجهن اكثر مما يطلبهن أزواجهن كما تقدم حديث معاذ بن جبل في ذلك و قول الحوراء لامرأته في الدنيا لا تؤذيه فيوشك إن يفارقك ألينا حديث عكرمة عن النبي في قول الحور العين اللهم اعنه على دينك و اقبل بقلبه على طاعتك و ذكر ابن أبي الدنيا عن أبي سليمان الداراني قال كان شابا بالعراق يتعبد فخرج مع رفيق له إلى مكة فكان إن نزلوا فهو يصلي و إن أكلوا فهو صائم فصبر عليه رفيقه ذاهبا وجائيا فلما أراد إن يفارقه قال له يا أخي اخبرني ما الذي هيجك إلى ما رأيت قال رأيت في النوم قصرا من قصور الجنة و إذا لبنة من فضة و لبنة من ذهب فلما تم البناء إذا شرافة من زبر جدة و شرافة من ياقوت و بينهما حوراء من حور العين مرخية شعرها عليها ثوب من فضة ينثني عليها معها كلما تثنت فقالت جد إلى الله في طلبي فقد و الله جددت إليه في طلبك فهذا الذي تراه في طلبها قال أبو سليمان هذا في طلب حوراء فكيف بمن قد طلب ما هو اكثر منها فصل في ذبح الموت بين الجنة و النار قال الله تعالى و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة وهم لا يؤمنون و عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله يجاء بالموت كأنه كبش املح فيوقف بين الجنة و النار فيقال يا أهل الجنة هل


تعرفون هذا فيشرأبون و ينظرون و يقولون نعم هذا الموت ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرأبون و ينظرون ويقولون نعم هذا الموت قال فيؤمر به فيذبح قال ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت ثم قرا رسول الله و أنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر و هم في غفلة و هم لا يؤمنون متفق عليه و في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال يدخل اهل الجنة الجنة و يدخل أهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول يا أهل الجنة لا موت و يا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه و عنه قال قال رسول الله إذا صار أهل الجنة إلى الجنة و صار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين النار والجنة ثم ينادى مناد يا أهل الجنة لا موت و يا أهل النار لا موت فيزداد اهل الجنة فرحا و يزداد أهل النار حزنا إلى جهنم و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار أتي بالموت ملبيا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة و أهل النار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مبشرين يرجون الشفاعة فيقال لأهل الجنة و أهل النار هل تعرفون هذا فيقول هؤلاء و هؤلاء قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السور ثم يقال يا أهل الجنة خلود لا موت و يا أهل النار خلود لا موت رواه النسائي و الترمذي و قال حديث حسن صحيح و هذا الكبش و الإضجاع و الذبح و معاينة الفريقين ذلك حقيقة لا خيال و لا تمثيل كما أخطأ فيه بعض الناس خطا قبيحا و قال الموت عرض و العرض لا يتجسم فضلا عن ان يذبح و هذا لا يصح فان الله سبحانه ينشئ من الموت صورة كبش يذبح كما ينشئ من الأعمال صورا معاينة يثاب بها و يعاقب و الله تعالى ينشئ من الأعراض أجساما تكون الأعراض مادة لها و ينشئ من الأجسام أعراضا كما ينشئ سبحانه و تعالى من الأعراض أعراضا و من الأجسام أجساما فالأقسام الأربعة ممكنة مقدوره للرب تعالى و لا يستلزم جمعا بين النقيضين و لا شيئا من المحال و لا حاجة إلى تكلف من قال أن الذبح لملك الموت فهذا كله من الاستدراك الفاسد على الله و رسوله و التأويل

الباطل الذي لا يوجبه عقل و لا نقل و سببه قله الفهم لمراد الرسول من و كلامه فظن هذا القائل أن لفظ الحديث يدل على أن نفس العرض يذبح و ظن غالط آخر أن العرض يعدم و يزول و يصير مكانه جسم يذبح و لم يهتد الفريقان الى هذا القول الذي ذكرناه و أن الله سبحانه ينشئ من الأعراض أجسام و يجعلها مادة لها كما في الصحيح عنه تجيء البقرة و آل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان الحديث فهذه هي القراءة التي ينشئها الله سبحانه تعالى غمامتين و كذلك قوله في الحديث الآخر أن ما تذكرون من جلال الله من تسبيحه و تحميده و تهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن ذكره احمد و كذلك قوله في حديث عذاب القبر و نعيمه للصورة التي يراها فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح و أنا عملك السيء و هذا حقيقة لا خيال و لكن الله سبحانه أنشأ له من عمله صورة حسنة و صورة قبيحة و هل النور الذي يقسم بين المؤمنين يوم القيامة إلا نفس إيمانهم أنشأ الله سبحانه لهم منه نورا يسعى بين أيديهم فهذا أمر معقول لو لم يرد به النص فورود النص به من باب تطابق السمع و العقل وقال سعيد عن قتادة بلغنا أن نبي الله قال أن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة و بشارة حسنة فيقول له من أنت فوالله أنى لاراك أمرا الصدق فيقول له أنا عملك فيكون له نورا و قائدا إلى الجنة و أما الكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة وبشارة سيئة فيقول ما انت فوالله اني لاراك امرا السوء فيقول له انا عملك فينطلق به حتى يدخله النار و قال مجاهد مثل ذلك و قال ابن جريج يمثل له عمله في صورة حسنة و ريح طيبة يعارض صاحبه و يبشره بكل خير فيقول له من أنت فيقول أنا عملك فيجعل له نورا بين يديه حتى يدخله الجنة فذلك قوله يهديهم ربهم بإيمانهم و الكافر يمثل له عمله في صورة سيئة و ريح منتنة فيلازم صاحبه و يلاده حتى يقذفه في النار و قال ابن المبارك ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن انه ذكر هذه الآية افما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى و ما نحن بمعذبين قال علموا أن كل نعيم بعده الموت انه يقطعه فقالوا افما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى و ما نحن بمعذبين قيل لا قالوا أن هذا لهو الفوز العظيم و كان يزيد الرقاشي يقول في كلامه أمن أهل الجنة من الموت فطاب لهم العيش و آمنوا من الأسقام فهنا هم في جوار الله طول يبكي حتى تجري دموعه على لحيته

فصل في ارتفاع العبادات في الجنة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي قال كل يأكل أهل الجنة فيها و يشربون و لا يتخمطون و لا يتغوطون و لا يبولون و يكون طعامهم ذلك جشاء و رشحا كرشح المسك يلهمون التسبيح و الحمد كما يلهمون النفس و في رواية التسبيح و التكبير كما تلهمون بالتاء المثناة من فوق أي تسبيحهم و تحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون انتم النفس فصل قي تذاكر أهل الجنة ما كان بينهم في دار الدنيا قال الله تعالى و اقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم اني كان لي قرين الآيات و قد تقدم الكلام عليها و قال تعالى فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا و وقانا عذاب السموم و ذكر ابن أبي الدنيا من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن عن انس يرفعه إذا دخل أهل الجنة الجنة فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض فيسير سرير هذا إلى سرير هذا وسرير هذا الى سرير هذا حتى يجتمعا جميعا فيتكىء هذا او يتكىء هذا فيقول أحدهما لصاحبه تعلم متى غفر الله لنا فيقول صاحبه نعم يوم كذا و كذا و موضع كذا و كذا فدعونا الله فغفر لنا و إذا تذاكروا ما كان بينهم فتذاكرهم فيما كان يشكل عليهم في الدنيا من مسائل العلم و فهم القرآن و السنة و صحة الأحاديث أولى و أحرى فان المذاكرة في الدنيا في ذلك ألذ من الطعام و الشراب و الجماع فتذاكر في الجنة اعظم لذة و هذه لذة يختص بها أهل العلم و يتميزون بها على من عداهم
الباب السبعون في ذكر من يستحق هذه البشارة دون غيره قال الله تعالى
و بشر الذين آمنوا و عملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها و قال تعالى ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم و قال تعالى أن الذين قالوا ربنا

الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة إلا تخافوا و لا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون و قال تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب و قال تعالى الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم اعظم درجة عند الله و أولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا أن الله عنده اجر عظيم و قال تعالى و الذين آمنوا و عملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قال تعالى إنما تنذر من اتبع الذكر و خشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة و اجر كريم و قال تعالى يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و بشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا و قال تعالى و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم و لا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله و فضل و أن الله لا يضيع اجر المؤمنين و قال تعالى أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الإنجيل و القرآن و من أوفى بعده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم و قال تعالى و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات و بشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا أنا لله و أنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون و قال تعالى و أخرى تحبونها نصر من الله و فتح قريب و بشر المؤمنين و قال في الجنة أعدت للمتقين و قال أعدت للذين آمنوا بالله و رسله و قال أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا و قال تعالى قد افلح المؤمنون إلى قوله ^ أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ^ و في المسند و غيره أن النبي قال قد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم تلا قد افلح المؤمنون حتى ختم العشر آيات و قال تعالى أن المسلمين و المسلمات إلى قوله اعد الله لهم مغفرة و آجرا عظيما و قال تعالى التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون

الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين و قال تعالى ^ تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ^ و قال تعالى و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم و من يغفر الذنوب ألا الله و لم يصروا على ما فعلوا و هم يعلمون أولئك جزاءهم مغفرة من ربهم و جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها و نعم اجر العاملين و قال تعالى يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم أن كنتم تعلمون إلى قوله و بشر المؤمنين و قال تعالى و لمن خاف مقام ربه جنتان و قال تعالى و أما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى و هذا في القرآن كثير مقداره على ثلاث قواعد إيمان و تقوى و عمل خالص لله على موافقة السنة فأهل هذه الأصول الثلاثة هم أهل البشرى دون من عداهم من سائر الخلق و عليها دارت بشارات القرآن و السنة جميعها و هي تجتمع في اصلين إخلاص في طاعة الله و إحسان إلى خلقه و ضدها يجتمع في الذين يراءون و يمنعون الماعون و ترجع إلى خصلة واحدة و هي موافقة الرب تبارك و تعالى في محابه و لا طريق إلى ذلك ألا بتحقيق القدوة ظاهرا و باطنا برسول الله و أما الأعمال التي هي تفاصيل هذا الأصل فهي بضع و سبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و بين هاتين الشعبتين سائر الشعب التي مرجعها تصديق الرسول في كل ما أخبر به و طاعته في جميع ما أمر به إيجابا و استحبابا كالإيمان بأسماء الرب و صفاته و أفعاله و آياته من غير تحريف لها و لا تعطيل و من غير تكييف و لا تمثيل كما قال الشافعي رحمه الله الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه و فوق ما يصف به خلقه و كأنه أخذ هذا من قول النبي اللهم لك الحمد كالذي تقول و خيرا مما تقول و قد ذكرنا في اول الكتاب جملة م مقالات أهل السنة و الحديث التي اجمعوا عليها كما حكاه الاشعري عنهم و نحن نحكي اجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام احمد عنهم بلفظه قال في مسائله المشهورة هذه مذاهب أهل العلم و أصحاب الأثر و أهل السنة المتمسكين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب

النبي إلى يومنا هذا و أدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز و الشام و غيرهم عليها فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع خارج عن الجماعة زائل عن منهج السنة و سبيل الحق قال و هو مذهب احمد و إسحاق بن إبراهيم و عبد الله بن مخلد و عبد الله بن الزبير الحميدي و سعيد بن منصور و غيرهم كمن جالسنا و أخذنا عنهم العلم و كان من قولهم أن الإيمان قول و عمل و نية و تمسك بالسنة و الإيمان يزيد و ينقص و يستثنى من الإيمان غير أن لا يكون الاستثناء شكا إنما هي سنة ماضية سد العلماء فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت فانه يقول انا مؤمن أن شاء الله أو مؤمن ارجوا و يقول أمنت بالله و ملائكته و كتبه ورسله و من زعم أن الإيمان قول بلا عمل فهو مرجىء و من زعم أن الإيمان هو القول و الأعمال شرائع فهو مرجئ و من زعم أن الإيمان يزيد و لا ينقص فقد قال بقول المرجئة و من لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ و من زعم أن إيمانه كإيمان جبريل و الملائكة فهو مرجئ و من زعم أن المعرفة في القلب و أن لم يتكلم بها فهو مرجئ و القدر خيره و شره و قليله و كثيره و ظاهره و باطنه و حلوه و مره و محبوبه و مكروهه و حسنه و سيئه و أوله و آخره من الله عز و جل قضاء قضاه على عباده و قدر قدره عليهم لا يعدوا واحد منهم مشيئة الله و لا يجاوزه قضاؤه بل هم كلهم صائرون إلى ما خلقهم له واقعون فيما قدر عليهم و هو عدل منه جل ربنا و عز و الزنا و السرقة و شرب الخمر و قتل النفس و أكل المال الحرام و الشرك و المعاصي كلها بقضاء الله من غير أن يكون لأحد من خلقه على الله حجة بل لله الحجة البالغة على خلقه لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون و علم الله عز و جل ماض في خلقه بمشيئة منه سبحانه و تعالى فهو سبحانه قد علم من إبليس و من غيره ممن عصاه من لدن عصى الله تبارك وتعالى إلى قيام الساعة المعصية و خلقهم لها وعلم الطاعة اهل الطاعة وخلقهم لها فكل يعمل لما خلق له له و صائر إلى ما قضى عليه لا يعدو أحد منهم قدر الله و مشيئته و الله الفعال لما يريد و من زعم أن الله سبحانه و تعالى شاء لعباده الذين عصوه و تكبروا الخير و الطاعة و أن العباد شاءوا لانفسهم الشر و المعصية فعملوا على مشيئتهم فقد زعم أن مشيئته العباد اغلب من مشيئة الله تعالى و أي افتراء على الله اكبر من هذا و من زعم أن الزنا ليس بقدر قيل له أرايت هذه المرأة حملت من الزنا و جاءت بولد هل شاء الله عز و جل أن يخلق هذا الولد و هل مضى في سابق علمه فان قال لا فقد زعم أن مع

الله خالقا و هذا الشرك صراحا و من زعم أن السرقة و شرب الخمر و أكل المال الحرام ليس بقضاء و قدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره و هذا صراح قول المجوسية بل أكل رزقه الذي قضى الله أن يأكله من الوجه الذي أكله و من زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله عز و جل فقد زعم ان المقتول مات بغير اجله و أي كفر أوضح من هذا بل ذلك بقضاء الله عز و جل و ذلك عدل منه في خلقه و تدبيره فيهم و ما جرى من سابق علمه فيهم و هو العدل الحق الذي يفعل ما يريد و من اقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر و المشيئة على الصغر و القماءة و لا نشهد على أحد من أهل القبلة انه في النار لذنب عمله و لا لكبيرة أتاها إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء في حديث ولا بنص الشهادة و لا نشهد لأحد انه في الجنة بصالح عمله و لا لخير أتاه إلا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي و لا بنص الشهادة و الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان و ليس لأحد من الناس أن ينازعهم فيها و لا نخرج عليهم و لا نقر لغيرهم بها إلى قيام الساعة و الجهاد ماض قائم مع الأئمة بروا أو فجروا لا يبطله جور جائر و لا عدل عادل و الجمعة و العيدان و الحج مع سلطان و أن لم يكونوا بررة عدو لا اتقياء وأتقياء و دفع الصدقات و الخراج و الأعشار و الفيء و الغنائم إليهم عدلوا فيها أو جاروا و الانقياد لمن والاه الله عز و جل أمركم لا تنزع يدا من طاعته و لا تخرج عليه بسيف حتى يجعل الله لك فرجا و مخرجا و لا تخرج على السلطان و تسمع و تطيع و لا تنكث بيعته فمن فعل ذلك فهو مبتدع مخالف مفارق للسنة للجماعة و أن أمرك السلطان بأمر فيه لله معصية فليس لك أن تطيعه البتة و ليس لك أن تخرج عليه و لا تمنعه حقه و الإمساك في الفتنة سنة ماضية واجب احترامها فان أبتليت فقدم نفسك دون دينك و لا تعن على الفتنة بيد و لا لسان و لكن اكفف لسانك و يدك و هواك و الله المعين و الكف عن أهل القبلة فلا تكفر أحدا منهم بذنب و لا تخرجه عن الإسلام بعمل إلا أن يكون في ذلك حديثا كما جاء و ما روى فتصدقه و تقبله و تعلم انه كما روى نحو كفر من يستحل نحو ترك الصلاة و شرب الخمر و ما أشبه ذلك أو يبتدع بدعة ينسب صاحبها إلى الكفر و الخروج من الإسلام فاتبع ذلك و لا تجاوزه و الأعور الدجال خارج لا شك في ذلك و لا ارتياب و هو اكذب الكاذبين و عذاب القبر حق يسال العبد عن دينه و عن ربه و عن الجنة و عن النار و منكر و نكير حق و هما فتانا القبر نسال الله الثبات و حوض محمد حق حوض ترده أمته و لهم آنية يشربون بها منه و الصراط حق

يوضع على سواء جهنم و يمر الناس عليه و الجنة من وراء ذلك و الميزان حق يوزن به الحسنات و السيئات كما شاء الله أن يوزن و الصور حق ينفخ فيه اسرافيل فتموت الخلق ثم ينفخ فيه الأخرى فيقومون لرب العالمين للحساب و فصل القضاء و الثواب و العقاب و الجنة و النار و اللوح المحفوظ يستنسخ منه أعمال العباد لما سبق فيه من التقادير و القضاء و القلم حق كتب الله به مقادير كل شيء و أحصاه في الذكر و الشفاعة يوم القيامة حق يشفع قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار و يخرج قوم من النار بعدما دخلوها و لبثوا فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار و قوم يخلدون فيها أبدا و هم أهل الشرك و التكذيب و الجحود و الكفر بالله عز و جل و يذبح الموت يوم القيامة بين الجنة و النار و قد خلقت الجنة و ما فيها و خلقت النار و ما فيها خلقهما الله عز و جل و خلق الخلق لهما و لا يفنيان و لا يفنى فيهما ما فيهما أبدا فإذا احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز و جل ^ كل شيء هالك إلا وجهه ^ و بنحو هذا من متشابه القرآن قيل له كل شيء مما كتب الله عليه الفناء و الهلاك هالك و الجنة و النار خلقهما الله للبقاء لا للفناء و لا للهلاك و هما من الآخرة لا من الدنيا و الحور العين لا يمتن عند قيام الساعة و لا عند النفخة و لا أبدا لان الله عز و جل خلقهن للبقاء لا للفناء و لم يكتب عليهن الموت فمن قال خلاف هذا فهو مبتدع ضل عن سواء السبيل و خلق سبع سماوات بعضها فوق بعض و سبع أرضين بعضها اسفل من بعض و بين الأرض العليا و السماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام و بين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام و الماء فوق السماء العليا السابعة و عرش الرحمن عز و جل فوق الماء و الله عز و جل على العرش و الكرسي موضع قدميه و هو يعلم ما في السماوات و الأرضين و ما بينهما و ما تحت الثرى و ما في قعر البحر و منبت كل شعرة و شجرة و كل زرع وكل نبات و مسقط كل ورقة عدد كل كلمة و عدد الرمل و الحصى و التراب و مثاقيل الجبال و أعمال العباد و أثارهم و كلامهم و أنفاسهم و يعلم كل شيء و لا يخفى عليه من ذلك شيء و هو على العرش فوق السماء السابعة و دونه حجب من نار و نور و ظلمة و ما هو اعلم به فإذا احتج مبتدع أو مخالف بقول الله عز و جل و نحن اقرب إليه من حبل الوريد و قوله تعالى ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك ولا اكثر إلا هو معهم أينما كانوا و نحو هذا من متشابه القرآن فقل إنما يعني بذلك العلم أن الله عز و جل على العرش فوق السماء السابعة العليا يعلم ذلك كله و هو بائن

من خلقه لا يخلو من علمه مكان و لله عز و جل عرش و للعرش حملة يحملونه و الله عز و جل مستو على عرشه و ليس له حد و الله عز و جل سميع لا يشك بصير لا يرتاب عليم لا يجهل جواد لا يبخل حليم لا يعجل حفيظ لا ينسى و لا يسهو قريب لا يغفل و يتكلم و ينظر و يبسط و يضحك و يفرح و يحب و يكره و يبغض و يرضى و يغضب و يسخط و يرحم و يعفو و يغفر و يعطي و يمنع و ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا كيف شاء ليس كمثله شيء و هو السميع البصير و قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء و يوعيها ما أراد و خلق آدم بيده على صورته و السموات و الأرض يوم القيامة في كفه و يضع قدمه في النار فتنزوي و يخرج قوما من النار بيده و ينظر إلى وجهه أهل الجنة يرونه فيكرمهم و يتجلى لهم و تعرض عليه العباد يوم القيامة و يتولى حسابهم بنفسه و لا يلى ذلك غير الله عز و وجل والقرآن كلام الله الذي تكلم به وليس بمخلوق فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر و من زعم أن القرآن كلام الله و وقف و لم يقل ليس بمخلوق فهو اخبث من القول الأول و من زعم أن ألفاظنا و تلاوتنا مخلوقة و القرآن كلام الله فهو جهمي و كلم الله موسى تكليما منه إليه و ناوله التوراة من يده إلى يده و لم يزل الله عز و جل متكلما و الرؤيا من الله و هي حق إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس ضغثا فقصها على عالم وصدق فيها فأولها العالم على اصل تأويلها الصحيح و لم يحرف فالرؤيا تأويلها حينئذ حق و قد كانت الرؤيا من الأنبياء وحيا فأي جاهل اجهل ممن يطعن في الرؤيا و يزعم أنها ليست بشيء و بلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام و قد روى عن النبي أن رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده و قال أن الرؤيا من الله و ذكر محاسن أصحاب رسول الله كلهم و الكف عن ذكر مساويهم التي شجرت بينهم فمن سب أصحاب رسول الله أو واحدا منهم أو نقصه أو طعن عليه أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا بل حبهم سنة و الدعاء لهم قربة و الاقتداء بهم وسيلة و الأخذ باثارهم بها فضيلة و خير الأمة بعد النبي أبو بكر وعمر بعد ابي بكر و عثمان بعد عمر و علي بعد عثمان و وقف قوم على عثمان و هم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله بعد هؤلاء الأربعة خير الناس لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم و لا أن يطعن في واحد منهم بعيب و لا نقص

فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه و عقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه و يستتيبه فان تاب قبل منه و أن لم يتب أعاد عليه العقوبة و خلده في الحبس حتى يموت أو يرجع و نعرف للعرب حقها و فضلها و سابقتها و نحبهم لحديث الرسول الله فان احبهم إيمان و بغضهم نفاق و لا نقول بقول الشعوبية و أراذل الموالي الذين لا يحبون العرب و لا يقرون لهم بفضل فان قولهم بدعة و من حرم المكاسب و التجارات و طلب المال من وجهه فقد جهل و أخطأ و خالف بل المكاسب من وجوهها خلال قد احلها الله عز و جل و رسوله فالرجل ينبغي له أن يسعى على نفسه و عياله من فضل ربه فان ترك ذلك على انه لا ير الكسب فهو مخالف و الدين إنما هو كتاب الله عز و جل و اثار و سنن و روايات صحاح عن الثقات بالإخبار الصحيحة القوية المعروفة يصدق بعضها بعضا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله و أصحابه رضي الله عنهم و التابعين و تابعي التابعين و من بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم المتمسكين بالسنة و المتعلقين بالآثار و لا يعرفون ببدعة و لا يطعن فيهم بكذب و لا يرمون بخلاف إلى أن قال فهذه الأقاويل التي وصفت مذاهب أهل السنة و الجماعة و الأثر و أصحاب الروايات و حملة العلم الذين أدركناهم و أخذنا عنهم الحديث و تعلمنا منهم السنن و كانوا أئمة معروفين ثقات أهل صدق و أمانة يقتدى بهم و يؤخذ عنهم و لم يكونوا أهل بدعة و لا خلاف و لا تخليط و هو قول أئمتهم و علمائهم الذين كانوا قبلهم فتمسكوا بذلك و تعلموه و علموه قلت حرب هذا صاحب احمد و إسحاق و له عنهما مسائل جليلة و أخذ عن سعيد بن منصور و عبد الله بن الزبير الحميدي و هذه الطبقة و قد حكى هذه المذاهب عنهم و اتفاقهم عليها و من تأمل المنقول عن هؤلاء و أضعاف أضعافهم من أئمة السنة و الحديث وجده مطابقا لما نقله حرب و لو تتبعناه لكان بمقدار هذا الكتاب مرارا و قد جمعت منه في مسالة علو الرب تعالى على خلقه و استوائه على عرشه وحدها سفرا متوسطا فهذا مذهب المستحقين لهذه البشرى قولا و عملا و اعتقادا و بالله التوفيق فصل و نختم الكتابي بما ابتدأنا به أولا وهو خاتمة دعوى أهل الجنة قال تعالى أن الذين آمنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار

في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم و تحيتهم فيها سلام و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين قال حجاج عن ابن جريج أخبرت أن قوله دعواهم فيها سبحانك اللهم قال إذا مر بهم الطير ليشتهونه قالوا سبحانك اللهم وذلك دعواهم فيأتيهم الملك بما اشتهوا فيسلم عليهم فيردون عليه فذلك قوله تعالى و تحيتهم فيها سلام قال فإذا أكلوا حمدوا الله ربهم فذلك قوله تعالى و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين قال سعيد عن قتادة قوله تعالى دعواهم فيها سبحانك اللهم يقول ذلك دعاؤهم فيها و تحيتهم فيها سلام و قال الاشجعي سمعت سفيان الثوري يقول إذا أرادوا الشيء قالوا سبحانك اللهم فيأتيهم ما دعوا به و معنى هذه الكلمة تنزيه الرب تعالى و تعظيمه و إجلاله عما لا يليق به و ذكر سفيان عن عبد الله بن موهب سمعت موسى بن طلحة قال سئل رسول الله عن سبحان الله فقال تنزيه الله عن السوء و سال بن الكواء عليا عنها فقال كلمة رضيها الله تعالى لنفسه و قال حفص بن سليمان بن طلحة ابن يحيى بن طلحة عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله قال سالت رسول الله عن تفسير سبحان الله فقال هو تنزيه الله عن كل سوء فأخبر الله تعالى عن أول دعواهم إذا استدعوا شيئا قالوا سبحان الله و عن آخر دعواهم عند ما يحصل لهم هو قولهم الحمد لله رب العالمين و معنى الآية اعم من هذا و الدعوى مثل الدعاء و الدعاء يراد به الثناء و يراد به المسالة و في الحديث افضل الدعاء الحمد لله رب العالمين فهذا دعاء ثناء و ذكر يلهمه الله أهل الجنة فأخبر سبحانه و عن أوله و آخره فأوله تسبيح و آخره حمد يلهمونهما كما يلهمون النفس و في هذا إشارة إلى أن التكاليف في الجنة يسقط عنهم و لا تبقى عبادتهم إلا هذه الدعوى التي يلهمونها و في لفظ اللهم إشارة إلى صريح الدعاء فإنها متضمنة لمعنى يا الله فهي متضمنة للسؤال و الثناء و هذا هو الذي فهمه من قال إذا أرادوا شيئا قالوا سبحانك اللهم فذكروا بعض المعنى و لم يستوفوه مع انهم قصروا به فانهم اوهموا انهم إنما يقولون ذلك عندما يريدون الشيء و ليس في الآية ما يدل على ذلك بل يدل على أن أول دعائهم التسبيح و آخره الحمد و قد دل الحديث الصحيح على انهم يلهمون ذلك كما يلهمون النفس فلا تختص الدعوى المذكورة بوقت إرادة الشيء و هذا كما انه لا يليق بمعنى الآية فهو لا يليق بحالهم و الله تعالى اعلم بالصواب


التوقيع :



اللهم أغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين
والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والاموات


رد مع اقتباس