عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2010, 02:28 PM   رقم المشاركة : 17
الكاتب

fateemah

الاعضاء

fateemah غير متواجد حالياً


الملف الشخصي









fateemah غير متواجد حالياً


رد: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح بن قيم الجوزية

اللهم إني أسألك الرضا بعد القضاء و برد العيش بعد الموت و لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة فصل و أما حديث عبادة بن الصامت ففي مسند أحمد من حديث بقية حدثنا يحيى ابن سعيد عن خالد بن معدان عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت عن النبي انه قال قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا إن مسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد اعور مطموس العين ليست بناتئة و لا جحراء فإن التبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور و إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا و أما حديث الرجل من أصحاب النبي فقال الصنعاني حدثنا روح بن عبادة حدثنا عباد بن منصور قال سمعت عدي بن ارطاة يخطب على المنبر بالمدائن فجعل يعظ حتى بكى و أبكانا ثم قال كونوا كرجل قال لابنه و هو يعظه يا بني أوصيك أن لا تصلي صلاة إلا ظننت أنك إلا تصلي بعدها غيرها حتى تموت و تعال يا بني نعمل عمل رجلين كأنهما قد وقفا على النار ثم سألا الكرة و لقد سمعت فلانا نسي عباد اسمه ما بيني و بين رسول الله غيره فقال أن رسول الله قال إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافتة ما منهم ملك تقطر دمعته من عينه إلا وقعت ملكا يسبح الله تعالى قال و ملائكة سجود منذ خلق الله السماوات و الأرض لم يرفعوا رؤوسهم و لا يرفعونها إلى يوم القيامة و صفوف لم ينصرفوا عن مصافهم و لا ينصرفون إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة وتجلى لهم ربهم فنظروا إليه قالوا سبحانك ما عبدناك كما ينبغي لك أن نعبدك فصل و هاك بعض ما قاله بعض أصحاب رسول الله و التابعون و أئمة الإسلام بعدهم قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال أبو إسحاق عن عامر بن سعد


قرأ أبو بكر الصديق للذين احسنوا الحسنى و زيادة فقالوا ما الزيادة يا خليفة رسول الله قال النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا علي بن ميسرة الهمداني حدثنا صالح ابن أبي خالد العنبري عن أبي الاحوص عن أبي إسحاق الهمداني عن عمارة ابن عبيد قال سمعت عليا يقول من تمام النعمة دخول الجنة و النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى في جنته قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم عن زيد عن حذيفة قال الزيادة النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى قول عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم ذكر أبو عوانة عن هلال عن عبد الله بن عكيم قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول في هذا المسجد مسجد الكوفة يبدأ باليمين قبل أن يحدثنا فقال و الله ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر قال فيقول ما غرك بي يا ابن آدم ثلاث مرات ماذا أجبت المرسلين ثلاثا كيف عملت فيما علمت و قال ابن أبي داود حدثنا احمد بن الأزهر حدثنا إبراهيم بن الحكم حدثنا أبي عن عكرمة قال قيل لابن عباس كل من دخل الجنة يرى الله عز و جل قال نعم وقال أسباط بن نصر عن إسماعيل السدي عن أبي ملك و أبي صالح عن ابن عباس و عن مرة الهمداني عن ابن مسعود لزيادة النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى قول معاذ بن جبل قال عبد الرحمن بن أبي حاتم أنبانا إسحاق بن احمد الخراز حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن المغيرة بن مسلم عن ميمون بن أبي حمزة قال كنت جالسا عند أبي وائل فدخل علينا رجل يقال له أبو عفيف فقال له شقيق بن سلمة يا أبا عفيف إلا تحدثنا عن معاذ بن جبل قال بلى سمعته يقول يحشر الناس يوم القيامة في صعيد واحد فينادي أين المتقون فيقومون في كنف واحد من الرحمن لا يحتجب الله منهم و لا يستتر قلت من المتقون قال قوم اتقوا الشرك و عبادة الأوثان و اخلصوا لله في العبادة فيمرون إلى الجنة قول أبي هريرة رضي الله عنه قال ابن وهب اخبرني ابن لهيعة عن أبي النصر أن أبا هريرة كان يقول لن تروا ربكم حتى تذوقوا الموت قول عبد الله بن عمر قال حسين الجعفي عن عبد الملك بن ابجر عن ثوير عن ابن عمر قال إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه و إن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه


الله في كل يوم مرتين قول فضالة بن عبيد ذكر الدارمي عن محمد بن مهاجر عن أبي حليس عن أبي الدرداء أن فضالة بن عبيد كان يقول اللهم إني اسألك الرضا بعد القضا و برد العيش بعد الموت و لذة النظر إلى وجهك و قد تقدم قول أبي موسى الاشعري قال وكيع عن أبي بكر الهذلي عن أبي تميمة عن أبي موسى قال الزيادة النظر إلى وجه الله ويرى يزيد بن هارون و ابن أبي عدي و ابن علية عن التيمي عن اسلم العجلي عن أبي مزانة عن أبي موسى الاشعري انه كان يحدث الناس فشخصوا بأبصارهم فقال ما صرف أبصاركم عني قالوا الهلال قال فكيف بكم إذا رأيتم وجه الله جهرة قول انس بن مالك قال ابن أبي شيبة حدثنا يحيى بن يمان حدثنا شريك عن أبي اليقظان عن انس بن مالك في قوله عز و جل و لدينا مزيد قال يظهر لهم الرب تبارك و تعالى يوم القيامة قول جابر بن عبد الله قال مروان بن معاوية عن الحكم بن أبي خالد عن الحسن عن جابر قال إذا دخل أهل الجنة الجنة و أديم عليهم بالكرامة جاءتهم خيول من ياقوت احمر لا تبول و لا تروث لها أجنحة فيقعدون عليها ثم يأتون الجبار فإذا تجلى لهم خروا له سجدا فيقول يا أهل الجنة ارفعوا رؤوسكم فقد رضيت عنكم لا سخط بعده قال الطبري فتحصل في الباب ممن روى عن رسول الله من الصحابة حديث الرؤية ثلاث و عشرون نفسا منهم علي و أبو هريرة و أبو سعيد و جرير و أبو موسى و صهيب و جابر وابن عباس و انس و عمار بن ياسر و أبي ابن كعب و ابن مسعود و زيد بن ثابت و حذيفة بن اليمان و عبادة بن الصامت و عدي بن حاتم و أبو رزين العقيلي و كعب بن عجرة و فضالة بن عبيد و بريدة بن الحصيب و رجل من أصحاب النبي و قال الدارقطني أنبأنا محمد بن عبد الله حدثنا جعفر بن محمد الأزهر حدثنا مفضل بن غسان قال سمعت يحيى بن معين يقول عندي سبعة عشر حديثا في الرؤية كلها صحاح و قال البيهقي روينا في إثبات الرؤية عن أبي بكر الصديق و حذيفة بن اليمان و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس و أبي موسى و غيرهم و لم يرو عن أحد منهم نفيها و لو كانوا فيها مختلفين لنقل اختلافهم في ذلك إلينا فلما نقلت رؤية الله سبحانه و تعالى بالأبصار في الآخرة عنهم و لم ينقل عنهم في ذلك اختلاف كما نقل عنهم فيها اختلاف في الدنيا علمنا انهم كانوا على القول برؤية الله بالأبصار في الآخرة متفقين و مجتمعين

فصل وأما التابعون و نزل الإسلام و عصابة الإيمان من أئمة الحديث و الفقه و التفسير و أئمة التصوف فأقوالهم اكثر من أن يحيط بها إلا الله عز و جل قال سعيد بن المسيب الزيادة النظر إلى وجه الله رواه مالك عن يحيى عنه و قال الحسن الزيادة النظر إلى وجه الله رواه ابن ابي حاتم عنه وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى الزيادة النظر الى وجه الله تعالى رواه حماد بن زيد عن ثابت عنه و قاله عامر بن سعد البجلي ذكره سفيان عن أبي إسحاق عنه و قاله عبد الرحمن ابن سابط رواه جرير بن ليث عنه و قاله عكرمة و مجاهد و قتادة و السدي و الضحاك و كعب و كتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله أما بعد فاني أوصيك بتقوى الله و لزوم طاعته و التمسك بأمره و المعاهدة على ما حملك الله من دينه و استحفظك من كتابه فإن بتقوى الله نجا أولياء الله من سخطه و بها رافقوا أنبياءه و بها نضرت وجوههم و نظروا إلى خالقهم و هي عصمة في الدنيا ومن الفتن و من كرب يوم القيامة و قال الحسن لو علم العابدون في الدنيا انهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا و قال الأعمش و سعيد بن جبير أن اشرف أهل الجنة لمن ينظر إلى الله تبارك و تعالى غدوة و عشية و قال كعب ما نظر الله سبحانه إلى الجنة قط إلا قال طيبي لأهلك فزادت ضعفا على ما كانت حتى يأتيها أهلها و ما من يوم كان لهم عيد في الدنيا إلا و يخرجون في مقداره في رياض الجنة فيبرز لهم الرب تبارك و تعالى فينظرون إليه و تسفى عليهم الريح المسك و لا يسألون الرب تعالى شيئا إلا أعطاهم حتى يرجعوا و قد ازدادوا على ما كانوا عليه من الحسن و الجمال سبعين ضعفا ثم يرجعون إلى أزواجهم و قد ازددن مثل ذلك و قال هشام بن حسان أن الله سبحانه و تعالى يتجلى لأهل الجنة فإذا رآه أهل الجنة نسوا نعيم الجنة و قال طاووس أصحاب المراء و المقاييس لا يزال بهم المراء و المقاييس حتى يجحدوا الرؤية و يخالفوا أهل السنة و قال شريك عن أبي إسحاق السبيعي الزيادة النظر إلى وجه الرحمن تبارك و تعالى و قال حماد بن زيد عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى انه تلى هذه الآية للذين احسنوا الحسنى و زيادة قال إذا دخل أهل الجنة الجنة أعطوا فيها ما سألوا و ما شاؤا فيقول الله عز و جل لهم انه قد بقي من حقكم شيء لم تعطوه فتجلى لهم ربهم فلا يكون ما أعطوه عند ذلك بشيء فالحسنى الجنة

و الزيادة النظر إلى وجه ربهم عز و جل و لا يرهق وجوههم قتر و لا ذلة بعد نظرهم إلى ربهم تبارك و تعالى و قال علي بن المديني سألت عبد الله بن المبارك عن قوله تعالى فمن كانا يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا قال عبد الله من أراد النظر إلى وجه الله تبارك و تعالى خالقه فليعمل عملا صالحا و لا يخبر به أحدا و قال نعيم بن حماد سمعت ابن المبارك يقول ما حجب الله عز و جل أحدا عنه إلا عذبه ثم قرأ ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم انهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ^ قال بالرؤية ذكره ابن أبي الدنيا عن يعقوب عن إسحاق عن نعيم و قال عباد بن العوام قدم علينا شريك بن عبد الله منذ خمسين سنة فقلت له يا أبا عبد الله أن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث أن الله ينزل إلى السماء الدنيا وأن أهل الجنة يرون ربهم فحدثني بنحو عشرة أحاديث في هذا و قال أما نحن قد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله فهم عمن اخذوا و قال عقبة بن قبيصة أتينا أبا نعيم يوما فنزل إلينا من الدرجة التي في داره فجلس وسطها كأنه مغضب فقال حدثنا سفيان ابن سعيد و منذر الثوري و زهير بن معاوية و حدثنا حسن بن صالح بن حي و حدثنا شريك بن عبد الله النخعي هؤلاء أبناء المهاجرين يحدثوننا عن رسول الله أن الله تبارك و تعالى يرى في الآخرة حتى جاء ابن يهودي صباغ يزعم أن الله تعالى لا يرى يعني بشر المريسي فصل في المنقول عن الأئمة الاربعة ونظائرهم وشيوخهم و اتباعهم على طريقهم ومناهجهم ذكر قول إمام دار الهجرة مالك بن انس قال احمد بن صالح المصري حدثنا عبد الله بن وهب قال قال مالك بن انس الناس ينظرون إلى ربهم عز و جل يوم القيامة بأعينهم و قال الحارث بن مسكين حدثنا أشهب قال سئل مالك بن انس عن قوله عز و جل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ أتنظر إلى الله عز و جل قال نعم فقلت إن أقواما يقولون تنظر ما عنده قال بل تنظر إليه نظرا و قد قال موسى يا رب ارني انظر إليك قال لن تراني و قال الله تعالى ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ و ذكر الطبري و غيره انه قيل لمالك بن انس انهم يزعمون أن الله لا يرى فقال مالك السيف السيف ذكر قول ابن الماجشون قال أبو حاتم الرازي

قال أبو صالح كاتب الليث أملى على ابن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون و سألته عما جحدت الجهمية فقال لم يزل يملي الشيطان حتى جحدوا قوله تعالى ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ فقالوا لا يراه أحد يوم القيامة فجحدوا و الله افضل كرامة الله التي اكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه و نضرته إياهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر فورب السماء و الأرض ليجعلن رؤيته يوم القيامة للمخلصين له ثوابا لينضر بها وجههم دون المجرمين و تفلح بها حجتهم على الجاحدين و هم عن ربهم يومئذ لمحجوبون لا يرونه كما زعموا أنه لا يرى و لا يكلمهم و لا ينظر إليهم و لهم عذاب اليم ذكر قول الاوزاعي ذكر ابن أبي حاتم عنه قال إني لأرجو أن يحجب الله عز و جل جهما و أصحابه عن افضل ثوابه الذي وعده الله عز و جل أولياءه حين يقول وجوه يومئذ ناضرة إلى بها ناظرة فجحد جهم و أصحابه افضل ثوابه الذي وعده الله أولياءه ذكر قول الليث بن سعد قال ابن أبي حاتم حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث حدثنا الهيثم بن خارجة قال سمعت الوليد بن مسلم يقول سالت الاوزاعي و سفيان الثوري و مالك بن انس و الليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي فيها الرؤية فقالوا تمر بلا كيف قول سفيان بن عيينة ذكر الطبري و غيره عنه انه قال من لم يقل أن القران كلام الله و أن الله يرى في الجنة فهو جهمي و ذكر عنه ابن أبي حاتم انه قال يصلي خلف الجهمي و الجهمي الذي يقول لا يرى ربه يوم القيامة قول جرير بن عبد الحميد ذكر ابن أبي حاتم عنه انه ذكر حديث ابن سابط في الزيادة إنها النظر إلى وجه الله فأنكره رجل فصاح به و أخرجه من مجلسه قول عبد الله بن المبارك ذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم عنه إن رجلا من الجهمية قال له يا أبا عبد الرحمن خدارا بان جهان جون ببيند و معناه كيف يرى الله يوم القيامة فقال بالعين و قال ابن أبي الدنيا حدثنا يعقوب بن إسحاق قال سمعت نعيم بن حماد يقول سمعت بن المبارك يقول ما حجب الله عنه أحدا إلا عذبه ثم قرأ ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ^ قال ابن المبارك بالرؤية قول وكيع بن الجراح ذكر ابن أبي حاتم عنه أنه قال يراه تبارك و تعالى المؤمنون في الجنة و لا يراه إلا المؤمنون قول قتيبة بن سعيد ذكر ابن أبي حاتم عنه قال قول الأئمة المأخوذ في الإسلام و السنة و الإيمان بالرؤية و التصديق بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله

في الرؤية قول أبي عبيد القاسم بن سلام ذكر ابن بطة و غيره عنه انه إذا ذكرت عنده هذه الأحاديث التي في الرؤية فقال هي عندنا حق و رواها الثقات عن الثقات إلى أن صارت إلينا إلا أنا إذا قيل لنا فسروها لنا قلنا لا نفسر منها شيئا و لكن نمضيها كما جاءت قول اسود بن سالم شيخ الإمام احمد قال المروزي حدثنا عبد الوهاب الوراق قال سألت اسود بن سالم عن أحاديث الرؤية فقال احلف عليها بالطلاق و بالمشي إنها حق قول محمد ابن إدريس الشافعي قد تقدم رواية الربيع عنه انه قال في قوله تعالى ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ لما حجب هؤلاء في السخط كان في هذا دليل على ان اولياءه يرونه في الرضا قال الربيع فقلب يا ابا عبد الله ونقول به قال نعم وبه ابن الله ولو لم يوقن محمد بن ادريس انه يرى الله عز و جل لما عبده و قال ابن بطة حدثنا ابن الانباري حدثنا أبو القاسم الأنماطي صاحب المزني قال قال الشافعي رحمه الله ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ دلالة على إن أولياء الله يرونه يوم القيامة بأبصارهم و وجوههم قول إمام السنة احمد بن حنبل قال إسحاق بن منصور قلت لأحمد أليس ربنا تبارك و تعالى يراه أهل الجنة أليس تقول بهذه الأحاديث قال احمد صحيح قال ابن منصور و قال إسحاق بن راهويه صحيح و لا يدعه إلا كل مبتدع أو ضعيف الرأي و قال الفضل بن زياد سمعت أبا عبد الله و قيل له تقول بالرؤية فقال من لم يقل بالرؤية فهو جهمي قال سمعت أبا عبد الله و بلغه عن رجل انه قال إن الله لا يرى في الآخرة فغضب غضبا شديدا ثم قال من قال إن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر عليه لعنة الله وغضبه من كان من الناس أليس يقول الله عز وجل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ وقال ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ وقال أبو داود سمعت احمد وذكر له عن رجل شيء في الرؤية فغضب وقال من قال إن الله لا يرى فهو كافر وقال أبو داود وسمعت احمد بن حنبل وقيل له في رجل يحدث بحديث عن رجل عن أبي العطوف إن الله لا يرى في الآخرة فقال لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ثم قال أخزى الله هذا وقال أبو بكر المرزوي قيل لأبي عبد الله تعرف عن يزيد بن هارون عن أبي العطوف عن أبي الزبير عن جابر إن استقر الجبل فسوف تراني وإن لم يستقر فلا تراني في الدنيا ولا

في الآخرة فغضب أبو عبد الله غضبا شديدا حتى تبين في وجهه وكان قاعدا و الناس حوله فأخذ نعله و انتعل و قال أخزى الله هذا لا ينبغي ان يكتب و دفع ان يكون يزيد بن هارون رواه أو حدث به و قال هذا جهمي كافر خالف ما قال الله عز وجل ^ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ^ و قال ^ كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ^ أخزى الله هذا الخبيث قال أبو عبد الله و من زعم ان الله لا يرى في الآخرة فقد كفر و قال ابو طالب قال ابو عبد الله قول الله عز وجل هل ينظرون الا ان بأتيهم الله في ظل من الغمام والملائكة وجاء ربك والملك صفا صفا فمن قال ان الله لا يرى فقد كفر وقال إسحاق بن ابراهيم بن هانئ سمعت ابا عبد الله يقول من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي و الجهمي كافر و قال يوسف بن موسى بن محمد القطان قيل لأبي عبد الله أهل الجنة ينظرون إلى ربهم تبارك و تعالى و يكلمونه و يكلمهم قال نعم ينظر اليهم و ينظرون اليه و يكلمهم و يكلمونه كيف شاؤوا إذا شاءوا قال حنبل ابن اسحاق سمعت ابا عبد الله يقول القوم يرجعون إلى التعطيل في اقوالهم ينكرون الرؤرية و الاثار كلها و ما ظننتم على هذا حتى سمعت مقالاتهم قال حنبل و سمعت ابا عبد الله يقول من زعم ان الله لا يرى في الاخرة فهو جهمي فقد كفر و رد على الله و على الرسول و من زعم ان الله لم يتخذ ابراهيم خليلا فقد كفر و رد على الله قوله قال ابو عبد الله فنحن نؤمن بهذه الاحاديث و نقرها و نمرها كما جاءت و قال الاثرم سمعت ابا عبد الله يقول فأما من يقول ان الله لا يرى في الاخرة فهو جهمي قال ابو عبد الله و إنما تكلم من تكلم في رؤية الدنيا و قال ابراهيم بن زياد الصائغ سمعت احمد بن حنبل يقول الرؤية من كذب بها فهو زنديق و قال حنبل سمعت ابا عبد الله يقول ادركنا الناس و ما ينكرون من هذه الاحاديث شيئا احاديث الرؤية و كانوا يحدثون بها على الجملة يمرونها على حالها غير منكرين لذلك و لا مرتابين و قال ابو عبد الله قال الله تعالى و ما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا و كلم الله موسى من وراء حجاب فقال رب ارني انظر اليك قال لن تراني و لكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فاخبر الله عز و جل ان موسى يراه في الآخرة و قال كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون و لا يكون حجاب إلا لرؤية اخبر الله سبحانه و تعالى ان من

شاء الله و من اراد ان يراه و الكفار لا يرونه قال حنبل و سمعت ابا عبد الله يقول قال الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة و الاحاديث التي تروى في النظر إلى الله تعالى حديث جابر بن عبد الله و غيره و تنظرون إلى ربكم احاديث صحاح و قال للذين احسنوا الحسنى و زيادة النظر إلى وجه الله تعالى قال ابو عبد الله نؤمن بها و نعلم انها حق احاديث الرؤية و نؤمن بأن الله يرى نرى ربنا يوم القيامة لانشك فيه ولا نرتاب قال وسمعت ابا عبد الله يقول و من زعم ان الله لا يرى في الاخرة فقد كفر بالله و كذب بالقرآن ورد على الله امره يستتاب فإن تاب و إلا قتل قال حنبل قلت لأبي عبد الله في احاديث الرؤية فقال هذه صحاح نؤمن بها و نقر بها و كلما روى عن النبي اسناده جيد اقررنا به قال ابو عبد الله إذا لم نقر بما جاء عن النبي و دفعناه و رددنا على الله امره قال الله عز و جل و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا قول اسحاق بن راهويه ذكر الحاكم و شيخ الاسلام و غيرهما عنه ان عبد الله بن طاهر امير خراسان سأله فقال يا ابا يعقوب هذه الاحاديث التي يروونها في النزول و الرؤية ما هن فقال رواها من روى الطهارة و الغسل و الصلاة و الاحكام و ذكر اشياء فان يكونوا في هذه عدولا و إلا فقد ارتفعت الاحكام و بطل الشرع فقال شفاك الله كما شفيتني أو كما قال قول جميع أهل الايمان قال امام الأئمة محمد بن اسحاق بن خزيمة في كتابه ان المؤمنين لم يختلفوا أن المؤمنين يرون خالقهم يوم المعاد و من انكر ذلك فليس بمؤمن عند المؤمنين قول المزني ذكر الطبري في السنة عن ابراهيم عن أبي داود المصري قال كنا عند نعيم بن حماد جلوسا فقال نعيم للمزني ما تقول في القرآن فقال اقول انه كلام الله فقال غير مخلوق فقال غير مخلوق قال و تقول ان الله يرى يوم القيامة قال نعم فلما افترق الناس قام اليه المزني فقال يا ابا عبد الله شهرتني على رؤوس الناس فقال إن الناس قد اكثروا فيك فأردت ان ابرئك قول جميع أهل اللغة قال ابو عبد الله بن بطة سمعت ابا عمر محمد بن عبد الواحد صاحب اللغة يقول سمعت ابا العباس احمد بن يحيى ثعلبا يقول في قوله تعالى و كان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه فيها سلام اجمع أهل اللغة على ان اللقاء هاهنا لا يكون إلا معاينة و نظرا بالابصار و حسبك بهذا الاسناد صحة و اللقاء ثابت بنص القران كما تقدم و بالتواتر عن النبي و كل احاديث اللقاء

صحيحة كحديث انس في قصة حديث بئر معونة انا قد لقينا ربنا فرضي عنا و ارضانا و حديث عبادة و عائشة و أبي هريرة و ابن مسعود من احب لقاء الله احب الله لقاءه و حديث انس انكم ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تلقوا الله و رسوله و حديث أبي ذر لو لقيني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة و حديث أبي موسى من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة و غير ذلك من احاديث اللقاء التي اطردت كلها بلفظ واحد فصل في وعيد منكري الرؤية قد تقدم قوله تعالى كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون و قول عبد الله ابن المبارك ما حجب الله عنه احدا إلا عذبه ثم قرأ قوله تعالى ثم انهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون قال بالرؤية و روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست فيها سحابة قالوا لا قال هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس فيه سحابة قالوا لا قال فوالذي نفس محمد بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية احدهما فيلقى العبد فيقول أي قل الم اكرمك و اسودك و ازوجك و اسخر لك الخيل و الابل و اذرك ترأس و ترفع فيقول بلى فيقول أفظننت انك ملاقى فيقول لا فيقول فاني انساك كما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول أي فل الم اكرمك و اسودك و ازوجك و اسخر لك الخيل و الابل و اذرك تراس و ترفع فيقول بلى أي ربي فيقول أفظننت انك ملاقي فيقول لا فيقول اني انساك كما نسيتني ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب امنت بك و بكتبك و رسلك و صليت و صمت و تصدقت و يثني بخير ما استطاع فيقول ها هنا إذا ثم يقال الان نبعث شاهدا عليك فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه و يقال لفخذه انطقي فينطق فخذه و لحمه و عظامه بعمله و ذلك ليعذر من نفسه و ذلك المنافق و ذلك الذي يسخط الله عليه فاجمع بين قوله فانكم سترون ربكم و قوله لمن ظن انه غير ملاقيه فإني انساك كما نسيتني و اجماع أهل اللغة على ان اللقاء المعاينة بالابصار يحصل لك العلم بان منكر الرؤية احق بهذا الوعيد

و من تراجم أهل السنة على هذا الحديث باب في الوعيد لمنكري الرؤية كما فعل شيخ الاسلام و غيره و بالله التوفيق فصل قد دل القران و السنة المتواترة و اجماع الصحابة و ائمة الاسلام و أهل الحديث عصابة الاسلام و نزل الايمان و خاصة رسول الله على ان الله سبحانه و تعالى يرى يوم القيامة بالابصار عيانا كما يرى القمر ليلة البدر صحوا و كما ترى الشمس في الظهيرة فإن كان لما اخبر به الله و رسوله عنه من ذلك حقيقة و ان له و الله حق الحقيقة فلا يمكن ان يروه إلا من فوقهم لاستحالة ان يروه من اسفل منهم أو خلفهم أو امامهم أو عن يمينهم أو عن شمالهم و ان لم يكن لما اخبر به حقيقة كما يقوله افراخ الصابئة و الفلاسفة و المجوس و الفرعونية بطل الشرع و القران فان الذي جاء بهذه الاحاديث هو الذي جاء بالقران والشريعة والذي بلغها هو الذي بلغ الدين فلا يجوز ان يجعل الله و رسوله عضين بحيث يؤمن ببعض معانيه و يكفر ببعضها فلا يجتمع في قلب العبد بعدد الاطلاع على هذه الاحاديث و فهم معناها و انكارها و الشهادة بأن محمد رسول الله ابدا و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كان لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق و المنحرفون في باب رؤية الرب تبارك و تعالى نوعان احدهما من يزعم انه يرى في الدنيا و يحاضر و يسامر و الثاني من يزعم انه لا يرى في الاخرة البتة و لا يكلم عباده و ما اخبر الله به ورسوله و اجمع عليه الصحابة و الائمة يكذب الفريقين و بالله التوفيق
الباب السادس و الستون
في تكليمه سبحانه و تعالى لأهل الجنة و خطابه لهم و محاضرته اياهم و سلامه عليهم قال تعالى ان الذين يشترون بعهد الله و ايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة و لا يكلمهم الله و لا ينظر اليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و قال في حق الذين يكتمون ما انزل الله من البينات و الهدى و لا يكلمهم الله يوم القيامة فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين لكانوا في ذلك هم و اعداؤه سواء و لم يكن في تخصيص اعدائه بانه لا يكلمهم فائدة اصلا إذ تكليمه لعباده عند الفرعونية و المعطلة مثل ان يقال يؤاكلهم و يشاربهم و نحو ذلك تعالى الله عما يقولون و قد اخبر الله

سبحانه انه يسلم على أهل الجنة و ان ذلك السلام حقيقة و هو قول من رب رحيم و تقدم تفسير النبي لهذه الاية في حديث جابر في الرؤية و انه يشرف عليهم من فوقهم و يقول سلام عليكم يا أهل الجنة فيرونه عياينا و في هذا اثبات الرؤية و التكليم و العلو و المعطلة تنكر هذه الامور الثلاثة و تكفر القائل بها و تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه في سوق الجنة و قول النبي ولا يبقى أحد في ذلك المجلس إلا حاضره الله محاضرة فيقول يا فلان اتذكر يوم فعلت كذا و كذا الحديث و تقدم حديث عدي بن حاتم ما منكم إلا من سيكلمه ربه يوم القيامة و حديث أبي هريرة في الرؤية و فيه يقول الرب تبارك و تعالى للعبد الم اكرمك و اسودك الحديث و حديث بريدة ما منكم من أحد إلا سيخلوا به ربه و ليس بينه و بينه ترجمان و لا حجاب الحديث و حديث انس في يوم المزيد و مخاطبته فيه لأهل الجنة مرارا و بالجملة فتامل احاديث الرؤية تجد في اكثرها ذكر التكليم قال البخاري في صحيحه باب كلام الرب تبارك و تعالى مع أهل الجنة وساق فيه عدة أخاديث فأفضل نعيم أهل الجنة رؤية وجهه تنارك وتعالى تكليمه لهم فانكار ذلك انكار لروح الجنة و اعلى نعيمها و افضله الذي ما طابت لأهلها إلا به و الله المستعان
الباب السابع و الستون
في ابدية الجنة و اها وأنها لا تفنى و لا تبيد هذا مما يعلم بالاضطرارا ان الرسول اخبر به قال تعالى و أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات و الارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ أي مقطوع و لا تنافي بين هذا و بين قوله إلا ما شاء ربك و اختلف السلف في هذا الاستثناء فقال معمر عن الضحاك هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة يقول سبحانه و تعالى انهم خالدون في الجنة ما دامت السماوات و الارض إلا مدة مكثهم في النار قلت و هذا يحتمل امرين احدهما ام يكون الاخبار عن الذين سعدوا وقع عن قوم مخصوصين و هم هؤلاء و الثاني و هو الاظهر ان يكون وقع عن جملة السعداء و التخصيص بالمذكورين هو في الاستثناء و ما دل عليه و احسن من هذين التقديرين ان ترد المشيئة إلى الجميع حيث لم يكونوا في الجنة في الموقف و على هذا فلا يبقى في الاية تخصيص و قالت فرقة اخرى هو استثناء استثناه الرب تعالى

و لا يفعله كما تقول و الله لاضربنك إلا ان ارى غير ذلك و أنت لا تراه بل تجزم بضربه و قالت فرقة اخرى العرب إذا استثنت شيئا كثيرا مع مثله و مع ما هو اكثر منه كان معنى إلا في ذلك و معنى الواو سواء و المعنى عى هذا سوا ما شاء الله من الزيادة على مدة دوام السماوات و الارض هذا قول الفراء و سيبويه يجعل إلا بمعنى لكن قالوا و نظير ذلك لان تقول لي عليك الف إلا الالفين الذين قبلها أي سوى الالفين قال ابن جرير و هذا احب الوجهين إلى ان الله تعالى لا خلف لوعده و قد وصل الاستثناء بقوله عطاء غير مجذوذ قالوا و نظيره ان تقول اسكنتك داري حولا إلا ما شئت أي سوى ما شئت أو لكن ما شئت من الزيادة عليه و قالت فرقة اخرى هذا الاستثناء انما هو مدة احتباسهم عن الجنة ما بين الموت و البعث و البرزخ إلى ان يصيروا إلى الجنة ثم هو الخلود الابد فلم يغيبوا عن الجنة إلا بمقدار اقامتهم في البرزخ و قالت فرقة اخرى العزيمة قد وقعت لهم من الله بالخلود الدائم إلى ان يشاء الله خلاف ذلك اعلاما لهم بأنهم مع خلودهم في مشيئته و هذا كما قال لنبيه و لئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليك و قوله ^ فان يشا الله يختم على قلبك ^ و قوله قل لو شاء الله ما تلوته علكم و نظائره و اخبر عباده سبحانه و ان الامور كلها بمشيئته ما شاء الله كان و ما شاء لم يكن و قالت فرقة اخرى الرماد بمدة دوام السماوات و الارض في هذا العالم فأخبر سبحانه أنهم خالدون في الجنة مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله ان يزيدهم عليه و لعل هذا قول من قال ان إلا بمعنى سوى و لكن اختلفت عبارته و هذا اختيار بن قتيبة قال المعنى خالدين فيها مدة العالم سوى ما شاء ان يزيدهم من الخلود على مدة العالم و قالت فرقة اخرى ما بمعنى من قوله ^ فانكحوا ما طاب لكم من النساء ^ و المعنى إلا من شاء ربك ان يدخله النار بذنوبه من السعداء و الفرق بين هذا القول و بين اول الاقوال ان الاستثناء على هذا القول من المدة و على ذلك القول من الاعيان و قالت فرقة اخرى المراد بالسماوات و الارض سماء الجنة و ارضها و هما باقيتان ابدا و قوله ^ إلا ما شاء ربك ^ ان كانت ما بمعنى من فهم الذين يدخلون النار ثم يخرجون منها و ان كانت بمعنى الوقت فهو مدة احتباسهم في البرزخ و الموقف قال الجعفي سالت عبد الله بن وهب عن هذا الاستثناء فقال سمعت

فيه انه قدر وقوفهم في الموقف يوم القيامة إلى ان يقضي بين الناس و قالت فرقة اخرى الاستثناء راجع إلى مدة لبثهم في الدنيا و هذه الاقوال متقاربة و يمكن الجمع بينها بان يقال اخبر سبحانه وعن خلودهم في الجنة كل وقت إلا وقتا يشاء ان لا يكونوا فيها و ذلك يتناول وقت كونهم في الدنيا و في البرزخ و في موقف يوم القيامة و على الصراط و كون بعضهم في النار مدة و على كل تقدير فهذه الاية من المتشابه و قوله فيها ^ عطاء غير مجذوذ ^ محكم و كذلك قوله و ما هم منها وقوله ان هذا لرزقنا ما له من نفاد و قوله اكلها دائم وظلها وقوله دمائهم منها بخرجين و قد اكد الله سبحانه و تعالى خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القران و اخبر انهما لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى و هذا الاستثناء منقطع و إذا ضممته إلى الاستثناء في قوله إلا ما شاء ربك تبين لك المراد من الايتين و استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الاولى من جملة الموت فهذه موتة تقدمت على حياتهم الابدية و ذاك مفارقة للجنة تقدم على خلودهم فيها و بالله التوفيق و قد تقدم قول النبي من يدخل الجنة ينعم و لا يبؤس و يخلد و لا يموت و قوله ينادي مناد يا أهل الجنة ان لكم ان تصحوا فلا تسقموا ابدا و ان تشبوا فلا تهرموا ابدا و ان تحيوا فلا تموتوا ابدا و ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي انه قال يجاء بالموت في صورة كبش املح فيوقف بين الجنة والنار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون مشفقين و يقال يا أهل النار فيطلعون فرحين فيقال هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت فيذبح بين الجنة و النار ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت و يا أهل النار خلود فلا موت فصل و هذا موضع اختلف فيه المتاخرون على ثلاثة اقوال احدها ان الجنة و النار فانيتان غير ابدتيين بل كما هما حادثتان فهما فانيتان و القول الثاني انهما باقيتان دائمتان لا يفنيان ابدا و القول الثالث ان الجنة باقية ابدية و النار فانية و نحن نذكر هذه الاقوال و ما قابلها و ما احتج به ارباب كل قوله و نرد ما خالف كتاب الله و سنة رسوله فاما القول بفنائهما فهو قول قاله جهم بن صفوان امام المعطلة الجهمية و ليس له فيه سلف قط من الصحابة و لا من التابعين و لا أحد

من ائمة الاسلام و لا قال به أحد من أهل السنة و هذا القول مما انكره عليه و على اتباعه ائمة الاسلام و كفروهم به و صاحوا بهم من اقطار الارض كما ذكره عبد الله بن الامام احمد في كتاب السنة عن خارجة بن مصعب انه قال كفرت الجهمية بثلاث ايات من كتاب الله عز و جل بقول الله سبحانه و تعالى اكلها دائم و ظلها و هم يقولون لا يدوم و بقول الله تعالى ان هذا لرزقنا ما له من نفاد و هم يقولون ينفد و بقول الله عز وجل ما عندكم ينفد و ما عند الله باق قال شيخ الاسلام و هذا قاله جهم لا صلة الذي اعتقده و هو امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث و جعلوا ذلك عمدتهم في حدوث العالم فراى الجهم ان ما يمنع من حوادث لا اول لها في الماضي يمنع في المستقبل كما هو ممتنع عنده عليه في الماضي و ابو الهذيل العلاف شيخ المعتزلة وافقه على هذا الاصل لكن قال ان هذا يقتضي فناء الحركات لكونها متعاقبة شيئا بعد شيء فقال بفناء حركات أهل الجنة و النار حتى يصيروا في سكون دائم لا يقدر احد منهم على حركة و زعمت فرقة ممن وافقهم على امتناع حوادث لا نهاية لها ان هذا القول مقتضى العقل لكن لما جاء السمع ببقاء الجنة و النار قلنا بذلك و كان هؤلاء لم يعلموا ان ما كان ممتنعا في العقل لا يجيء في الشرع بوقوعه إذ يستحيل عليه ان يخبر بوجود ما هو ممتنع في العقل و كانهم لم يفرقوا بين محالات العقول ومجازاتها فالسمع يجيء بالثاني لا بالاول فالسمع يجيء بما يعجز العقل عن ادراكه و لا يستقل به و لا يجيء بما لا يعلم العقل احالته و الاكثرون الذين وافقوا جهما و ابا الهذيل على هذا الاصل فرقوا بين الماضي و المستقبل و قالوا الماضي قد دخل في الوجود بخلاف المستقبل و الممتنع انما هو دخول ما لا يتناهى في الوجود لا تقدير دخوله شيئا بعد شيء قالوا أو هذا نظيران يقول القائل لا أعطيك درهما إلا وأعطيتك بعده درهما آخر فهذا ممكن والأول نظير أن يقول لا أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله درهما فهذا محال و هؤلاء عندهم وجود ما لا يتناهى في الماضي محال و وجوده في المستقبل واجب و نازعهم في ذلك آخرون فقالوا بل الامر في الماضي كهو في المستقبل و لا فرق بينهما بل الماضي و الاستقبال امر نسبي فكل ما يكون مستقبلا

يصير ماضيا و كل ماض فقد كان مستقبلا فلا يعقل امكان الدوام في أحد الطرفين و احالته في الطرف الآخر الاخر قالوا و هذه مسألة دوام فاعلية الرب تبارك و تعالى و هو لم يزل ربا قادرا فاعل فانه لم يزل حيا عليما قديرا و من المحال ان يكون الفعل ممتنعا عليه لذاته ثم ينقلب فيصير ممكنا لذاته من غير تجدد شيء و ليس للازل حد محدود حتى يصير الفعل ممكنا له عند ذلك الحد و يكون قبله ممتنعا عليه فهذا القول تصوره كاف في الجزم بفساده و يكفي في فساده ان الواقت الذي انقلب فيه الفعل من الاحالة الذاتيه إلى الأماكن الذات إما ان يصح أن يفرض قبله وقت يمكن فيه الفعل اولا لا يصح فان قلتم لا يصح كان هذا تحكما غير معقول و هو من جنس الهوس و ان قلتم يصح قيل و كذلك ما يفرض قبله لا إلى غاية فما من زمن محقق أو مقدر إلا و الفعل مكن فيه و هو صفة كمال و احسان و متعلق حمد الرب وتعالى و ربوبيته و ملكه و هو لم يزل ربا حميدا ملكا قادرا لم تتجدد له هذه الاوصاف كما انه لم يزل حيا مريدا عليما و الحياة و الارادة و العلم و القدرة تقتضي آثارها و متعلقاتها فكيف يعقل حي قدير عليم مريد ليس له مانع و لا قاهر يقهره يستحيل عليه ان يفعل شيئا البتة و كيف يجعل هذا اصل من اصول الدين و يجعل معيارا على ما اخبرالله به و رسوله و يفرق به بين جائزات العقول و محالاتها فإذا كان وهذا شان الميزان فكيف يستقيم الموزون به و أما قول من فرق بان الماضي قد دخل في الوجود دون المستقبل فكلام لا تحقيق وراءه فان الذي يحصره الوجود من الحركات هو المتناهي ثم يعدم فيصير ماضيا كما كان معدوما لما كان مستقبلا فوجوده بين عدمين و كلما انقضت جملة حدثت بعدها جملة اخرى فالذي صار ماضيا هو بعينه الذي كان مستقبلا فان دل الدليل على امتناع ما لا يتناهى شيئا قبل شيء فهو بعينه دال على امتناعه شيئا بعد شيء و أما تفريقكم بقولكم المستقبل نظير قوله ما أعطيك درهما إلا وأعطيك بعده درهما فهذا ممكن والماضي نظير قوله ما أعطيك درهما إلا و أعطيك قبله درهما فهذا الفرق فيه تلبيس لا يخفى و ليس بنظير ما نحن فيه بل نظيره ان يقول ما أعطيك درهما إلا و قد تقدم مني أعطاء درهم قبله فهذا ممكن الدوام في الماضي على حد امكانه في المستقبل و لا فرق في العقل الصحيح بينهما البتة و لما لم يجد الجهم و ابو الهذيل و اتباعهما بين الامرين فرقا قالوا بوجوب تناهي الحركات في المستقبل كما يجب ابتداؤها عندهم

في الماضي و قال أهل الحديث بل هما سواء في الامكان و الوقوع و لم يزل الرب سبحانه تعالى فعالا لما يريد و لم يزل و لا يزال موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال و ليس المتمكن من الفعل كل وقت كالذي لا يمكنه الفعل إلا في وقت معين و ليس من يخلق كمن لا يخلق و من يحسن كمن لا يحسن و من يدبر الامر كمن لا يدبر و أي كمال في ان يكون رب العالمين معطلا عن الفعل في مدة مقدرة أو محققة لا تتناهى يستحيل منه الفعل و حقيقة ذلك انه لا يقدر عليه وإن أبيتم هذا الاطلاق و قلتم ان المحال لا يوصف بكونه غير مقدور عليه فجمعتم بين محالين الحكم باباحة الفعل من غير موجب لاحالته و انقلابه من الاحالة الذاتية إلى الامكان الذاتي من غير تجدد سبب و زعمتم ان هذا هو الاصل الذي تثبتون به وجود الصانع و حدوث العالم و قيامه إلابدان فجنيتم علىالعقل الشرع و الرب تعالى لم يزل قادرا على الفعل و الكلام بمشيئته و لم يزل فعالا لما يريد و لم يزل ربا محسنا و المقصود ان القول بفناء الجنة و النار قول مبتدع لم يقله أحد من الصحابة و لا التابعين و لا أحد من ائمة المسلمين و الذين قالوه انما تلقوه عن قياس فاسد كما اشتبه اصله على كثير من الناس فاعتقدوه حقا وبنوا عليه القول بخلق القران و نفي الصفات و قد دل القرآن و السنة و العقل الصريح على ان كلمات الله وافعاله لا تتناهى و لا تنقطع باخر و لا تحد باول قال تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي و لو جئنا بمثله مددا و قال تعالى و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم فاخبر عن عدم نفاد كلماته لعزته و حكمته و هذان وصفان ذاتيان له سبحانه و تعالى لا يكون إلا كذلك و ذكر ابن أبي حاتم في تفسيره عن سليمان بن عامر قال سمعت الربيع بن انس يقول ان مثل علم العباد كلهم في علم الله عز و جل كقطرة من هذه البحور كلها و قد انزل الله سبحانه و تعالى في ذلك و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام الاية و قوله قل لو كان البحر مدادا الاية يقول سبحانه و تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات الله و الشحرة كلها اقلام لانكسرت الاقلام و فني ماء البحر وكلمات الله تعالى باقية لا يفنيها شيء لان احدا لا يستطيع ان يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي بل هو كما اثنى على نفسه ان

ربنا كما يقول وفوق ما يقول ثم ان مثل نعيم الدنيا اوله و آخره وفي نعيم الاخر كحبة من خردل في خلال الارض كلها فصل وأما ابدية النار ودوامها فقال فيها شيخ الاسلام فيها قولان معروفان عن السلف و الخلف و النزاع في ذلك معروف عن التابعين قلت ههنا اقوال سبعة احدها ان من دخلها لا يخرج منها ابدا بل كل من دخلها مخلد فيها ابد الاباد باذن الله و هذا قول الخوارج و المعتزلة و الثاني ان أهلها يعذبون فيها مدة ثم تنقلب عليهم وتبقى طبيعة نارية لهم يتلذذون بها لموافقتها لطبيعتهم و هذا قول امام الاتحادية ابن عربي الطائي قال في فصوصه الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد و الحضرة الالهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ولم يقل وعيده بل قال ويتجاوز عن سيئاتهم مع انه توعد على ذلك واثنى على اسماعيل بانه كان صادق الوعد و قد زال الامكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح فلم يبق إلا صادق الوعد وحده % وما لوعيد الحق عين تعاين وان دخلوا دار الشقاء فانهم % على لذة فيها نعيم مباين نعيم جنان الخلد و الامر واحد % وبينهما عند التجلي تباين يسمى عذابا من عذوبة طعمه % وذاك له كالقشر والقشر صاين وهذا في طرف والمعتزلة الذين يقولون لا يجوز على الله ان يخلف وعيده بل يجب عليه تعذيب من توعده بالعذاب في طرف فاولئك عندهم لا ينجو من النار من دخلها اصلا و هذا عنده لا يعذب بها أحد اصلا والفريقان مخالفان لما علم بالاضطرار ان الرسول جاء به واخبر به عن الله عز وجل الثالث قول من يقول ان أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود ثم يخرجون منها ويخلفهم فيها قوم اخرون وهذا القول حكاه اليهود للنبي فاكذبهم فيه وقد اكذبهم الله تعالى في القران فيه فقال تعالى وقالوا لن تمسنا النار إلا اياما معدودة قل اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده ام تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة واحاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون وقال تعالى الم تر إلى اوتوا نصيبا من الكتاب

يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون فهذا القول إنما هو قول أعداء الله اليهود فهم شيوخ أر بابه والقائلين به وقد دل القران والسنة وإجماع الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام على فساده قال تعالى ^ وما هم بخارجين من النار ^ وقال ^ وما هم منها بمخرجين ^ وقال ^ كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها ^ وقال تعالى كلما ارادوا ان يخرجوا منها اعيدوا فيها وقال تعالى ^ لا يقضي عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ^ و قال تعالى ^ ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ^ وهذا ابلغ ما يكون في الإخبارعن استحالة دخولهم الجنة الرابع قول من يقول يخرجون منها وتبقى نارا على حالها ليس فيها أحد يعذب حكاه شيخ الإسلام والقران والسنة أيضا يردان على هذا القول كما تقدم الخامس قول من يقول بل تفنى بنفسها لأنها حادثة بعد أن لم تكن وما ثبت حدوثه استحال بقاؤه وأبديته وهذا قول جهنم بن صفوان و شيعته ولا فرق عنده في ذلك بين الجنة والنار السادس قول من يقول تفنى حياتهم وحركاتهم ويصيرون جمادا لا يتحركون ولا يحسون بألم وهذا قول أبى الهذيل العلاف إمام المعتزلة طردا لامتناع حوادث لا نهاية لها والجنة والنارعنده سواء في هذا الحكم السابع قول من يقول بل يفنيها ربها وخالقها تبارك وتعالى فانه جعل لها أمدا تنتهي إليه ثم تفنى ويزول عذابها قال شيخ الإسلام وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبى هريرة وأبى سعيد وغيرهم وقد روى عبد بن حميد وهو من اجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الحسن قال قال عمر لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه وقال حدثنا حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون منه ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى ^ لابثين فيها أحقابا ^ فقد رواه عبد وهو من الأئمة الحفاظ وعلماء السنة عن هذين الجليلين سليمان بن حرب وحجاج ابن منهال وكلاهما عن حماد بن سلمة وحسبك به وحماد يرويه عن ثابت وحميد

وكلاهما يرويه عن الحسن وحسبك بهذا الإسناد جلالة والحسن وإن لم يسمع من عمر فإنما رواه عن بعض التابعين ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال عمر بن الخطاب ولو قدر انه لم يحفظ عن عمر فتداول هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد مع انهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا فلو كان خذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله و سنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أول منكر له قال ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر و نقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها فأما قوم أصيبوا بذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم انهم يخرجون منها وانهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه ولفظ أهل النار لا يختص بالموحدين بل يختص بمن عداهم كما قال النبي أما أهل النار الذين هم أهلها فانهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولا يناقض هذا قوله تعالى ^ خالدين فيها ^ وقوله ^ وما هم منها بمخرجين ^ بل ما اخبر الله به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه لكن إذا انقضى اجلها وفنيت تفنى الدنيا لم تبق نارا ولم يبق فيها عذاب قال أرباب هذا القول وفي تفسير علي بن ابي طلحة الوالبي عن ابن عباس في قوله تعالى ^ قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ^ قال لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه ولا ينزلهم جنة ولا نارا قالوا وهذا الوعيد في هذه الآية ليس مختصا بأهل القبلة فانه سبحانه ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال اولياء وهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله انم ربك حكيم عليم وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون وأولياء الجن من الإنس يدخل فيه الكفار قطعا فانهم أحق بموالاتهم من عصاة المسلمين كما قال تعالى إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون وقال تعالى انه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وقال تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون وقال تعالى افتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو وقال تعالى فقاتلوا أولياء الشيطان وقال تعالى أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون

251 وقال تعالى وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون والاستثناء وقع في الآية التي أخبرت عن دخول أولياء الشياطين النار فمن ههنا قال ابن عباس لا ينبغي لاحد أن يحكم على الله في خلقه قالوا قول من قال أن إلا بمعنى سوى أي سوى ما شاء الله أن يزيدهم من أنواع العذاب وزمنه لا تخفى منافرته للمستثنى والمستثنى منه وإن الذي يفهمه المخاطب مخالفة ما بعد لما قبلها قالوا وقول من قال انه لإخراج ما قبل دخولهم إليها من الزمان كزمان البرزخ والموقف ومدة الدنيا أيضا لا يساعد عليه وجه الكلام فانه استثناء من جملة خبرية مضمونها انهم إذا دخلوا النار لبثوا فيها مدة دوام السموات والأرض إلا ما شاء الله وليس المراد الاستثناء قبل الدخول هذا ما لا يفهمه المخاطب ألا ترى انه سبحانه يخاطبهم بهذا في النار حين يقولون ربنا استمتع بعضنا ببعض و بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا فيقول لهم حينئذ النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله و في قوله ربنا استمتع بعضنا ببعض و بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا نوع اعتراف واستسلام وتحسر أي استمتع الجن بنا و استمتعنا بهم فاشتركنا في الشرك ودواعيه وأسبابه و آثرنا الاستمتاع على طاعتك و طاعة رسلك و انقضت آجالنا و ذهبت أعمارنا في ذلك و لم نكتسب فيها رضاك و إنما كان غاية امرنا في مدة آجالنا استمتاع بعضنا ببعض فتأمل ما في هذا القول من الاعتراف بحقيقة ما هم عليه و كيف بدت لهم تلك الحقيقة ذلك اليوم وعلموا أن الذي كانوا فيه في مدة آجالهم هو حظهم من استمتاع بعضهم ببعض ولم يستمتعوا بعبادة ربهم و معرفته وتوحيده ومحبته و إيثارمرضاته وهذامن نمط قولهم لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير و قوله فاعترفوا بذنبهم و قوله فعلموا أن الحق لله و نظائرة والمقصود أن قوله إلا ما شاء الله عائد إلى هؤلاء المذكورين مختصا بهم أو شاملا لهم و لعصاة الموحدين وأما اختصاصه بعصاة المسلمين دون هؤلاء فلا وجه له ولما رأت طائفة ضعف هذا القول قالوا الاستثناء يرجع الى مدة البرزخ والموقف وقد تبين ضعف هذا القول و رأت طائفة أخرى أن الاستثناء يرجع إلى نوع آخر من العذاب غير النار قالوا والمعنى أنكم في النار أبدا إلا ما شاء الله أن يعذبكم بغيرها وهو الزمهرير وقد قال تعالى أن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا قالوا وإلا بدلا يقدر بالأحقاب و قد


رد مع اقتباس