عرض مشاركة واحدة
قديم 06-29-2010, 11:19 PM   رقم المشاركة : 7
الكاتب

أفاق الفكر

مراقب

مراقب

أفاق الفكر غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








أفاق الفكر غير متواجد حالياً


رد: تاريخ الهند القديم وحضارة نهر الهندوسIndia's history and civilization of the anci


مسلمو الهند.. المنقذون.. المضطهدون (تقرير1-2)
أحمد الشجاع - عودة ودعوة


Cant See Images

منذ القدم: الهند.. أرض الرواة والحُواة.. أرض الأساطير والخرافات التي تصنعها المعتقدات
وترويها الأجيال جيلاً عن جيل.. أرض الديانات، ويكاد كل شيء فيها يعبد.. أرض الأعراق
واللغات..إنها بلاد الأصابع المحترفة كأصابع الحُواة المتلاعبة بحركات الأفاعي الراقصة،
وفيها أصابع تتلاعب بحياة الناس بكل ما تحمله من تناقض وتنوع؛ فيتشكل في النهاية
أسلوب حياة يمثل نموذجاً عملياً لعالم معاصر يحكمه منطق (القوة والمصلحة)..دخلها
الإسلام بمنهج يضبط إيقاع الحياة المليئة بالأساطير والأوهام، وحمل المسلمون إلى الهند
قوارب النجاة ومشاعل النور.ثم ضعفت أصابع المسلمين في رفع تلك المشاعل، ووهنت
سواعدهم، وخارت قواهم؛ وكانت النتيجة الحتمية (عودة الظلام وتراجع الخطوات)، وكيف
سيكون حال من يتراجع للخلف في ظلمة الليل؟، والطريق مليء بالعقبات وقطاع الطرق..
هذا هو حال الأمة الإسلامية الآن، وللمسلمين في الهند نصيب سيء من ذلك.ولشرح هذه
المقدمة نبدأ بالتعرف على الهند، ومسيرة الإسلام وسيرة المسلمين فيها.

الهند- الموقع والمساحة

تعتبر جمهورية الهند سابع أكبر دولة من حيث المساحة في العالم، حيث تغطي مساحة شاسعة
تبلغ أكثر من ثلاثة ملايين ومائة وخمسة وستين كم2، مما أدى إلى تسميتها شبه القارة
الهندية، وهي تمتد بين خطي عرض (8.4) و(37.8) درجة شمالاً، وبين خطي طول (68.7) درجة
و(97.25) درجة شرقاً، وتمتد من الشمال إلى الجنوب بطول 3200 كم، ومن الشرق إلى الغرب
بطول 2933 كم. وتحدها باكستان من الشمال الغربي والصين وأفغانستان وبوتان ونيبال من
الشمال، وميانمار وبنغلاديش وخليج البنغال من الشرق، وسريلانكا من الجنوب الشرقي عبر
مضيق بالك، وتشكل جبال الهمالايا - التي تعد أعلى جبال العالم- حدودها الشمالية، كما تحده
من الشمال أيضاً ‏المملكة النيبالية. وتنقسم جمهورية الهند إلى ثلاثة أقاليم رئيسية، هي جبال
الهمالايا، وسهل جانجتيك، وشبه الجزيرة الهندية..وكانت الهند تشمل قديمًا: الهند، وباكستان،
وبنجلاديش، وسريلانكا، والمالديف.

السكان

تعد الهند ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بعد الصين. وطبقا لتقديرات
عام 2001م بلغ عدد سكانها أكثر من مليار وتسعة وعشرين مليون نسمة. وبلغ معدل
النمو السكاني 1.55%، بينما تبلغ الكثافة السكانية 325 لكل كم2. ويعيش حوالي 28% من
سكانها في الحضر، بينما يعيش 72% في الريف، وذلك طبقا لتقديرات عام 1999م..وإذا
كانت الهند قد نجحت بعد الاستقلال في تخفيض نسبة من يعيشون تحت خط الفقر، إلا
أنها مازالت عالية، حيث بلغت عام 1994م حوالي 35% من السكان..والهند دولة متعددة
الأعراق. ويمثل الجنس الهندي 72 % من عدد السكان، ويمثل الدرافيديان 25% من السكان،
بينما تمثل الأقليات الأخرى 3 %.

وتوجد مجموعات من السكان تصنفهم الحكومة على أنهم قبائل (ويطلق عليهم قبائل التلال)
حيث يوجد منهم 300 قبيلة. وهذه القبائل منغلقة على نفسها اجتماعيا وتتمتع بحماية الحكومة.
وقد قدر عدد سكان هذه القبائل عام 1991م بـ 8 % من سكان الهند. وكبرى هذه القبائل هي
(جوند) و(بيل) إذ يزيد عدد سكان كل منها عن مليون نسمة.

الديانات

يعتبر الدين المحور الرئيسي للثقافة الهندية، وعاملا محوريا في حياة الشعب الهندي.
ويدين حوالي 82 % من سكان الهند بالهندوسية
(وهي ديانة ترجع في أصولها إلى الهند).
ويوجد حوالي 14.5 % يدينون بالإسلام خاصة من بين سكان الحضر،
و2.3 % مسيحيون، و2 % سِيخ،
و4 % بوذيون، بالإضافة إلى أقليات تدين بديانات أخرى. وعلى الرغم
من تعدد الأديان فإن الهند دولة علمانية كما جاء في مقدمة الدستور.

أهم الطوائف العرقية في الهند

ينتمي سكان الهند إلى عدد من المجموعات العرقية وأكبر مجموعتين عرقيتين هما: -

الدرافيديون - الهنود الآريون

أهم الطوائف الدينية في الهند من غير المسلمين

1- الهندوس

Cant See Images

الهندوسية هي أقدم ديانات الهند وأكبرها من حيث عدد معتنقيها، ويمكن تقسيم الهندوس
إلى ثلاث جماعات، من يعبدون الإله (شيفا)،
ومن يعبدون الإله (فيشنا) في تجسداته المختلفة، وأولئك الذين يعبدون الإله (شاكتي).
وللهندوسية عدة فرق أو جماعات لكل منها شكل
عبادة خاص..في القرن التاسع عشر ظهرت عدة حركات إصلاحية هندوسية، نتيجة لاتصال
الهند بالمسلمين أولا ثم بعد ذلك بالغرب،
وأهم تلك الحركات الإصلاحية حركة (دام موهان روي) (1772م - 1833م).
وتقوم الحياة الاجتماعية للهندوس على فكرة الطبقات، وهو نظام قديم في الهند يسمى
(فارنا)، وبناء عليه يقسم المجتمع إلى الطبقة البيضاء
وهي طبقة (البرهميين) وتضم القساوسة والعلماء، والطبقة الحمراء (الكاشتري) وهم
الحكام والجنود والإداريون، الطبقة الصفراء (الفيزية)
وهم الفلاحون والمزارعون والتجار، وأضيفت طبقة رابعة في ما بعد وهي الطبقة السوداء
(السودرا)، وهم العمال المهرة كالخزافين والنساجين
وصانعي السلال والخدم، كما ظهرت طبقة خامسة أدنى من (السودريين) وهم من يقومون
بالخدمات الحقيرة، ويعاملهم (البرهميون) بقسوة
ويتجنبون حتى لمسهم، ويعرف هؤلاء بالمنبوذين أو(الشودرا)، ورغم إلغاء هذه الطبقة
قانونيا عام 1950م وإطلاق اسم أطفال الله
عليهم فإنهم يحبذون تسمية أنفسهم بالمنبوذين.
وللهندوسية أثر كبير في كل مظاهر الحياة الهندية، وينتشر الهندوس في جميع
الولايات الهندية حيث يصل عددهم إلى 837.4 مليون نسمة
بما يمثل 81.3 % من مجموع الشعب الهندي، ويسيطر الهندوس على جميع مناحي
الحياة السياسية والاقتصادية منذ استقلال
الهند عن بريطانيا في 15 أغسطس 1947م.

البوذيون

البوذية هي ثاني أقدم ديانات الهند بعد الهندوسية، وهي حركة دينية هندية
إصلاحية ظهرت في القرن السادس قبل الميلاد، ومع ظهور
أول إمبراطورية هندية خالصة (موريا) في عام 324 ق.م، أصبحت البوذية هي ديانة
الهند الأساسية، تختلط في مظاهرها بالهندوسية،
وبدأ البوذيون الذين يقوم مذهبهم على عدم الاعتراف بالآلهة، يعترفون بها ويتقربون
إليها، لذلك لم تكن مظاهر البوذية خالصة للبوذية،
بل كانت خليطا منها ومن الهندوسية، ومن هنا أخذت البوذية تتلاشى شيئا فشيئا،
ويندمج أتباعها في تقاليد وطقوس الهندوسية وآلهتها
حتى ظهرت البوذية بمظهر الهندوسية؛ الأمر الذي مهد السبيل لانحسار موجة البوذية
من الهند ورجوع الهندوسية إلى مكانتها القديمة،
بعد أن كانت البوذية الديانة الأولى في الهند خلال ألف سنة من ظهورها، ويصل
عدد معتنقي المذهب البوذي في الهند - حاليا –
حوالي 10.3 ملايين بما يمثل 1% من مجموع الشعب الهندي، ويعيش معظمهم في
أعداد صغيرة بحبال الهيمالايا.

الجينيون

الجينية هي إحدى الديانات المنتشرة في الهند، وإن كان أتباعها حتى الآن
قليلين مثل البوذية. وقد قامت الجينية كما قامت البوذية في
وقت ثارت فيه الطبقة المحاربة على البراهمة لاستحواذهم على جميع الامتيازات،
وكان "مهاويرا" من هذه الطبقة المحاربة، فأسس
هذه الديانة التي تختلف عن البرهمية الهندوسية، لاسيما في القول بتقسيم الناس
إلى طبقات وفي عدم الاعتراف بآلهة الهندوسية الثلاثة،
وعدم الاعتراف بمسألة تناسخ الأرواح، وأهم شيء في الجينية هو الدعوة إلى
تجرد الإنسان من شرور الحياة وشهواتها حتى تدخل
النفس حالة من الجمود والخمود لا تشعر فيها بأي شيء مما حولها..ورغم قلة عدد
أتباع هذا المذهب في الهند حاليا، حيث يمثلون
أقل من 1% من مجموع السكان إلا أن معظمهم من أغنى الأغنياء وأنجح الناس
في التجارة والمداولات المالية، حتى إنهم يعتبرون
اليوم من الطبقة العليا اجتماعيا واقتصاديا وأسهموا إسهاما لا يستهان به
في تراث الهند الثقافي والعقلي.

السِيخ

إحدى الديانات الهندية، يطلق معتنقوها على أنفسهم اسم السِيخ، وتعني كلمة السيخ (التابع)،
فهم يتبعون تعاليم 10 معلمين روحيين ويحتوي
كتاب السيخ المقدس المعروف باسم (غودو حرانت حاهب) على تعاليم هؤلاء العشرة،
وبدأ أول معلم سيخي ويدعى "ناناك" بوعظ حوالي 500
فرد، وقد عارض كلا من الهندوسية والإسلام، واعتنقت السيخية الاعتقاد الهندوسي في
التناسخ..وبعد وفاة ناناك كون السِيخ قوة عسكرية
للدفاع عن أنفسهم، ففي عام 1699م قاد جونبدس ينج - المعلم العاشر- مجموعة من الجنود
السيخ في عدة معارك من أجل تحقيق الاستقلال
الديني، وحارب السيخ لإقامة مملكة مستقلة حتى عام 1849م عندما غزتهم بريطانيا.

وبعد استقلال الهند عام 1946م طالب السيخ بولاية خاصة بهم في الهند. وفي عام 1966م
أقامت الحكومة الهندية ولاية البنجاب التي يحكمها
السيخ جزئيا، حيث تقع المدينة المقدسة للسيخ "أمرتسار" في هذه الولاية..وفي
عام 1980م اتجهت بعض جماعات السيخ إلى القيام بأعمال عنف
وتصاعدت حوادث الاقتتال الطائفي بين الهندوس والسيخ في مقاطعة البنجاب، مع
ارتفاع أصوات السيخ في الإصرار على مواصلة النضال
المسلح من أجل تحقيق حلمهم الكبير في تأسيس دولة السيخ المستقلة "خالستان"؛
الأمر الذي دعا الحكومة الهندية إلى إرسال قواتها إلى البنجاب
في عام 1984م. وتبلغ نسبة السيخ 1.9% يعيشون في المناطق الريفية في إقليم البنجاب.

المسيحيون

بدأت المسيحية تنتشر في الهند مع البعثات التجارية الغربية، وبعد دخول الإنجليز
واهتمامهم بنشرها، وهي في الجنوب أكثر
منها في الشمال، وهذا لا ينفي وجود بعض المسيحيين قبل دخول الإسلام، ويقدر
عددهم بـ23.6 مليون نسمة بما يمثل 2.3% من
مجموع السكان، ويعيشون في المناطق الحضرية، ويتركزون في ولاية كيرالا،
وتاميل نادوا وجياو، ويشكل المسيحيون أغلبية
في ثلاث ولايات صغيرة في الشمال وهي "ناجلاند"، "ميزورام"، و"ميغالايا".

اللغات:

اللغة الهندية هي اللغة الرسمية طبقا لما جاء في الدستور، حيث يتحدث بها
حوالي 40 % من السكان. ويوجد حوالي 1000
لغة ولهجة مستخدمة في الهند، منها حوالي 24 لغة لا يقل عدد المتحدثين بكل
منها عن مليون نسمة، مثل اللغة البنغالية التي
يتحدث بها حوالي 8 % من السكان، والتلجو، والمارثية، والتامبلية، والأوردية،
والكانادية، وماليالم، والسنسكريتية،
والسندية، والكشميرية، والبنجابية، والأسامية، والنيبالية، والأورايا، هذا
بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية.

التقسيم المحلي:

الهند مقسمة إلى 28 ولاية وسبع مناطق اتحادية بما فيها مدينة دلهي. والعاصمة
هي نيودلهي. وكبرى المدن هي بومباي ودلهي، ومدراس، وحيدر آباد.

الإسلام في الهند:

Cant See Images
وصل الإسلام إلي الهند مبكراً، وتمثل أول قدوم للإسلام عبر (محور بحري) انتقل الإسلام
عبره عن طريق التجار العرب
الذين تعاملوا مع موانئ سواحل الهند. وحمل التجار العرب الجديد في بدايته إلى الهند،
وأصبح في كل ميناء أو مدينة اتصل
بها العرب جماعة مسلمة..وأقبلت الطبقات المنبوذة والمستضعفة على اعتناق الإسلام،
فدخلت قبيلة (تيان)، و(طبقة تشرومن)
أي (حراث الأرض) وجماعة (مكهة - ون) أو طبقة السماكين، وغيرهم من الجماعات التي

خلصها الإسلام من القيود الطبقية، ولازال الإسلام يكتسب أنصارا جدداً في مناطق الساحل
الغربي والشرقي من الطبقات المستضعفة.

في إحدى المخطوطات الهندية القديمة والمحفوظة في مكتبة المركز الهندي بالمتحف
البريطاني بمدينة لندن (تحت رقم 2807 /152 -173)
ذكر المفكر الإسلامي الدكتور محمد حميد الله أن أحد ملوك ماليبار (وهي إحدى
مقاطعات جنوب غربي الهند)، وكان اسمه شاكرواتي فارماس
شاهد انشقاق القمر على عهد رسول الله وأخذ يحدث الناس بذلك..وحدث أن مر عدد من
التجار المسلمين بولاية ماليبار وهم في طريقهم إلي
الصين، وسمعوا حديث الملك عن انشقاق القمر فأخبروه أنهم أيضا رأوا ذلك وأفهموه
أن انشقاق القمر معجزة ربنا تأييدا لخاتم المرسلين محمد،
فأمر الملك بتنصيب ابنه وولي عهده قائما بأعمال مملكة ماليبار، وتوجه إلي الجزيرة
العربية لمقابلة المصطفي صلى الله عليه وسلم، ووصل
الملك الماليباري إلي مكة المكرمة، وأعلن إسلامه أمام رسول الله وتعلم ركائز الدين
الإسلامية.. ولكن شاءت إرادة الله أن ينتهي أجله قبل مغادرته
أرض الجزيرة فمات ودفن في أرض ظفار. وحين وصل الخبر إلي ماليبار كان ذلك
حافزا لدخول أهلها الإسلام.

ويُرْوَى أن ملك (كدنغلور) زار النبي - صلى الله عليه وسلم - كما وصل الدعاة إليها.
وفي عهد الراشدين وصلت قوات إلى شمال بومباي، وفي
خلافة معاوية أرسل جيشاً إلى السند، فأُرْسِل في خلافة عبد الملك بن مروان محمد
بن قاسم الثقفي – سنة 92هـ - لغزوها، فبدأ في فتحها، وكان
ذلك بداية انتشار الإسلام فيها، وكاتَبَ عمرُ بن عبد العزيز ملوكَ السند فأسلم بعضهم،
وفي عهد هشام بن عبد الملك تم القضاء على الفتن، وفي
الخلافة العباسية ظهرت الاضطرابات؛ ففي خلافة هارون الرشيد ولَّى العديد من الولاة

على السند حتى وصل عمر الهَبَّاري إلى حكمها فأطاعه
الناس، ولما ضعفت الخلافة خضعت للسامانيِّين.
ثم جاء محمود الغزنوي ونشر الإسلام حتى أسلم ملك كشمير على يديه، وبعده تناحر
الغزنويُّون فتَمَكَّن منهم السلاجقة، ثم التركمان، ثم الْغُوريُّون،
ثم المماليك, فحفظوا الهند من هجمات المغول، ثم بدأ حُكْم الخَلْجِيِّين، وجاء في أواخر
الدعوة لإعادة الهندوسيَّة، ثم تفكَّكَت الهند إلى ستِّ دُول؛ حتى
جاءت أسرة اللوديين فاستعادت سلطنة دِهْلَى مكانتها، ثم ضعف اللوديون، فبدأ حكم
المغول وهو يُعْتَبَر الحكم الأخير للمسلمين في الهند, فقرَّب جلال الدين
أقوى ملوك المغول إلى جانبه زعماء الهنادكة، فأصبحت مملكته تشمل الهندَ كلَّها،
عدا الطرف الجنوبي فكانت تحكمه ممالك بيجابور وكولكنده الإسلاميَّتين،
وفيجايانكر الهندوسية، فأراد إنشاء عقيدة تجمع كل الأديان فوقف في وجهه العلماء.
وبدأت أطماع البرتغاليين فتمركزوا على ساحل الهند الغربي، ونشط
الهولنديُّون، وتحرَّك الفرنسيُّون، ولَحِقَ بهم الإنجليز، فأصدروا مرسومًا مَلَكِيًّا بتكوين شركة
تِجاريَّة إنجليزية في الهند، فبدأت بأكشاك صغيرة، ثم جعلوا
لها حرسًا من الإنجليز، فتكون الجيش، وبدأ القضاء على الدولة المغولية، فتمَّ الاعتراف
بحكم الشركة على البنغال وأوريسة وبهار، وتم بناء مستعْمَرَة تِجاريٍّة في كلكتا.

مقاومة الاحتلال الإنجليزي
بدأ مسلمو الهند في مقاومة المد الإنجليزي، فوقف حاكم (ميسور) في وجه الغزو الإنجليزي
، وكان الإنجليز يَعْرِفُون مكانته الحربية والعسكرية،
فلم يكونوا ليَجرُءُوا على التقدُّم والنيل منه وحدهم، فتحالفوا مع المرهتا..واجتمعت جيوشهم
في مدينة مَدارس تحت قيادة القائد الإنجليزي أيركوت،
ومنها انطلقوا للهجوم على ميسور، إلا أن السلطان حيدر علي استطاع هزيمتهم مجتمعين،
ثم طلبوا منه الهدنة فَقَبِلَ، كما عاهد حيدر علي الفرنسيين،
واتَّفق معهم على اتِّفاقية دفاع مشتَرَك..فأمَدُّوه بالسلاح والضباط المدرَّبين لجنده، فهاجم
حيدر علي مدينة مَدارس، وأوقع بالإنجليز هزيمة ساحقة،
واستنجد الإنجليز بقوَّات أيركوت، فدارت رَحَى حربٍ برية وبحرِية بين الجانبين
عام (1195هـ -1781م)، واشترك في هذه الحرب الأمير "فتح
علي خان" الشهير بتيبو، وقد أحرزت قوات حيدر علي عدة انتصارات على قوات الإنجليز، إلا أن
المنية لَحقَت بحيدرعلي عام (1160هـ - 1782م)، فاضطر "تيبو" للرجوع لمدينة سرنجابتم العاصمة.

وأعاد السلطان "تيبو" تنظيم جيشه، وبناء أسطوله بمعاونة من الْفَرنسيين، حتى عاد إلى سابق
قوته، وأصبح قوة كبرى تهدد الكيان الإنجليزي
ومعاونيه، فجمع القائد ولزلي - الذي تولى منصب الحاكم العام لشركة الهند الشرقية الإنجليزية -
كل إمكانات الإنجليز وأسلحتهم الحديثة
من الولايات التي بحوزتهم، وقاد جيوش الشركة والحلفاء في معركة شرسة عند كورج في
عام (1213هـ -1799م) فهُزم جيش تيبو،
واتَّجهوا نحو سرنجابتم وحاصروا تيبو، إلا أنه دافع عن قلعته دفاع الأبطال، لكن الخيانة هي
التي أوقعت به في نهاية الأمر بواسطة
رئيس وزراء مملكته ويُدْعَى مير صادق، ففتح لهم القلعة، ودخلت جحافل الإنجليز واستولَوْا
عليها، وسقط السلطان المجاهد شهيدًا
في عام (1213هـ -1799م)، وهو في السادسة والأربعين من عمره..وأصبح لشركة الهند
الشرقية الإنجليزية الكلمة الكبرى بعد مقتل
السلطان تيبو، وكانت الطامة الكبرى انتقال حكم الهند عام (1270هـ - 1854م) من شركة
الهند الشرقية الإنجليزية إلى التاج البريطاني.
كانت الأحداث في الهند في اطراد مستمر، والإنجليز في غرورهم وفظاظتهم تِجاه المسلمين
وغير المسلمين، فقد كان السبب الرئيسي في
اندلاع الثورة الهندية الكبرى في عام (1273هـ - 1857م) أن الانجليز قد جلبوا خراطيش كانوا
يدهنُونَها بشحم البقر والخنزِير، وكان يتعيَّن
على الجنود قطع هذا الشحم المتجمد قبل استعمال هذه الخراطيش، ولتَعنت الإنجليز واستهتارهم
بمشاعر الجنود أمروهم بقطع الشحم بأسنانهم،
ومن المعلوم أن البقر مُحَرَّم عند الهندوس، وكذلك الخِنْزِير عند المسلمين، فعصَوا الأوامر الصادرة
لهم في هذا الشأن استجابة لعقائدهم الدينيَّة،
فأمعنوا في إذلال الجنود وأنزلوا بهم أقصى أنواع العقوبة، حيث حكموا على 85 منهم
بالسجن عشر سنوات،
وتفنَّنوا بإذلالهم وتجريحهم وتعذيبهم أمام زملائهم.
وعلى الرغم من استغاثة زملائهم لهم إلا أنه لم يَسمع لرجائهم في رفع العذاب والألم عن
زملائهم أحدٌ، فصارت قلعة ميرت - القلعة التي حدثت
بها الواقعة - بركاناً يغلي بالغضب على الإنجليز، ولمَّا كانت المحاكمة في 9 مايو
عام (1273هـ - 1857م) بهذا السوء والفحش في المعاملة،
لم يأتِ اليوم الثاني إلا والجنود واثبون على قادتهم من الضباط يقتلونهم، ويدمِّرون
حصونهم، ومنها بَدَءُوا زحفهم إلى العاصمة دِهْلَى، وبدءوا في تقتيل الإنجليز وكل ما يتعلق بهم.

لكنَّ الثورة فشلت؛ لعدم وجود القيادة الراشدة التي تأخذ بزمامها نحو استقلال البلاد؛
فقد كان السلطان بهادرشاه الثاني آخر سلاطين المغول
رجلاً مسناً غير قادر على أعباء هذه الثورة، فعندما ظهرت بوادر الفشل ترك المُلْكَ -
وأولاده وأهله في قلعتهم - والتجأ إلى مقبرة همايون
خارج البلد، بعيداً عن مركز الخطر، فكان لهذه الخطوة أثرها السيِّئ في نفوس الثوار،
حيث بعث في قلوبهم الرعب والذعر، فلم يلبث الإنجليز
أن سيطروا على الموقف في دِهْلَى، بعد أن استمرَّت الثورة أربعة أشهر، فتمَّ القضاء
عليها نهائيًّا في سبتمبر من عام (1274هـ -1857م).

حركة جهاد العلماء
بدأت حركة الجهاد الإسلامية، فكانت شوكة قويَّة تُؤرِّق مَضْجَع المستعمر البريطاني،
وقد كانت المدارسُ الدينية - التي أنشأها العلماء بعد
فشل الثورة - مراكزَ قويةً تثير حميَّة الجهاد في نفوس المسلمين..ولكن الإنجليز عَمِلوا
على إثارة النزعات الطائفية، كما أثاروا النعرات
القومية، ودَعَوْا إلى القومية الهندية، ليلتَقي تحت رايتها الهندوس والمسلمون بعيدين
عن الدِينِ، وخاصّة الدين الإسلامي، فأُنْشِئ حزب
المؤتمر الهندي سنة (1303هـ - 1884م)، واندمجت فيه بعض المنظمات الإسلامية مثل:
(جمعية العلماء)، و(مؤتمر المؤمنين الهنود)،
و(مؤتمر الشيعة)، ويبدو أن هذا الحزب (حزب المؤتمر الهندي) كان يلقى دعم بريطانيا.
ومع الأيام أخذ هذا الحزب يُنادِي بتخليص الهند
من الغرباء، وإلغاء القوانين التي تَحْتَرِم شعائر المسلمين، مُعتبِرِينَ أن المسلمين هم
الغرباء كالإنجليز، ونادى الغُلاَة منهم بقتل كلِّ مَن
يُظْهِر مَيْلاً أو عطفًا على المسلمين، وهكذا فقد تحوَّل حزب المؤتمر من الأهداف الوطنية
التي تجمع مختلف الفئات إلى الأهداف الحقيقية
التي كان يخفيها، وهي محاربة الإسلام والمسلمين، وبثِّ الفتنة في صفوفهم وتفريقهم،
ثم أعلن الهندوك بعد ذلك عَدَاءَهم الصريح للمسلمين،
ووضعوا أُسُسًا ومبادئَ في هذا الاتجاه.
حزب الرابطة الإسلامية
لذلك نشأ (حزب الرابطة الإسلامية) كردِّ فعل لنشاط حزب المؤتمر وانحراف سياسته،
وكان رئيس حزب الرابطة "النواب فخار الملك"،
وظَهر محمد علي جناح ليُحاول التوفيق بين حزب الرابطة وحزب المؤتمر، ودعا إلى اجتماع في
(لكهنؤ) عام (1335هـ = 1917م)،
والذي كان يخشاه الهندوس - وهم الأكثر عددًا - ويخشاه الإنجليز من المسلمين هو عودة الرُّوح
"الجهاديَّة" إليهم، واتحادهم، وغضبة
العالم الإسلامي، ولذلك أخذت جهود الهندوس والإنجليز تتركَّز على ضرب مصادر القوَّة الحقيقية
للمسلمين في الهند..وممَّا أفزع الهندوس
والإنجليز شُيُوعُ روحِ الجهاد بين مسلمي الهند، فقام أحمد باريللي ليحارب السِيخ، وظل في
جهاده حتى قتل سنة (1247هـ -1831م)،
وتجاوب المسلمون في الهند، وقامت مظاهرات عظيمة في الهند سنة (1330هـ -1912م ) ضد
احتلال إيطاليا لليبيا، وقامت مظاهرات
عظيمة تأييداً لحق المسلمين في فلسطين وشجبًا لغدر بريطانيا بالعرب والمسلمين، وقامت
موجة سَخَط عنيفة في الرأي العام ضدَّ الحكومات
الأوروبية على إثر نشوب حرب البلقان سنة (1330هـ - 1912م).
واحتجّ محمد علي جناح باسم حزب الرابطة على معاملة هولندا الوحشية لسكان إندونيسيا
المسلمين، ولكن أكبر غضبة قام بها المسلمون في
الهند كانت ضدَّ الاعتداء على الخلافة الإسلاميَّة ومحاولة تمزيقها والقضاء عليها.




رد مع اقتباس