هايتي: زلزال مدمر يخلف الاف القتلى والمفقودين
(ايفانو ديميرس - ا ب)
هز زلزال مدمر هايتي، وهو يعتبر الأقوى الذي تشهده هذه الدولة الكاريبية الفقيرة خلال أكثر من قرن، ليسفر عن مقتل آلاف على الأرجح ويؤدي لانهيار قصر الرئاسة والأكواخ المقامة على التلال على حد سواء ويدفع الدولة الواقعة في منطقة الكاريبي لطلب المساعدة الدولية.
واستمر الزلزال لأكثر من دقيقة وخلّف دماراً كبيراً في مبان عدة، بما في ذلك القصر الرئاسي والبرلمان ووزارات عدة، في وقت أكد سفير هايتي في المكسيك روبرت مانويل أن رئيس هايتي رينيه بريفال «على قيد الحياة» بعدما أدى الزلزال إلى دمار القصر الرئاسي. وقال «كل ما يمكنني أن أؤكده هو أن الرئيس وزوجته على قيد الحياة»، مشيراً إلى أن «الوضع خطير جداً».
وعرض تلفزيون رويترز في تغطية من العاصمة بورت أو برنس لقطات للفوضى في الشوارع والناس ينتحبون ويبدو عليهم الذهول وسط الأنقاض.
وكان مركز الزلزال على بعد 16 كيلومتراً من العاصمة التي يبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة، مع هزات ارتدادية وصلت قوتها إلى 5.9 درجات، طول الليل وحتى صباح اليوم الأربعاء. وأدت مشاكل في الاتصالات إلى بطء وصول تقارير عن الضحايا والأضرار.
ولكونها أفقر دولة في نصف الكرة الأرضية الغربي، فإن هايتي غير مجهزة جيداً للتعامل مع مثل هذه الكوارث.
مواطنون على الطرقات خوفا من هزات جديدة (ادواردو مونوز - رويترز)
وفي مقابلة مع قناة (سي.إن.إن) التلفزيونية الأميركية قال ريموند ألسيدي جوزيف، سفير هايتي لدى واشنطن «أناشد العالم، وخاصة الولايات المتحدة، أن يفعل معنا ما فعله عام 2008 عندما ضربت أربعة أعاصير هايتي... آنذاك أرسلت الولايات المتحدة... سفينة مستشفى قبالة ساحل هايتي. أتمنى أن تفعل ذلك ثانية... وتساعدنا في مثل هذا الموقف الرهيب. أطلب من أبناء هايتي في الخارج العمل معاً وبذل قصارى الجهد المنسق لمساعدة سكان هايتي». وقالت المتحدثة باسم خدمات الإنقاذ الكاثوليكية سارة فاجاردو لصحيفة لوس أنجلس إن ممثلها في هايتي صرح بأن عدد القتلى يمكن أن يكون بالآلاف.وفي السياق أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن «مشاعره وصلواته» مع شعب هايتي، وتعهد بتقديم المساعدات على الفور. وعُقد اجتماع في البيت الأبيض في وقت متأخر من مساء أمس شاركت فيه أجهزة حكومية مختلفة لتنسيق الرد الأميركي.
وقال بنك التنمية للدول الأميركية إنه سيقدم معونة فورية طارئة قيمتها 200 ألف دولار. أما البنك الدولي فأشار إلى أنه مستعد لإرسال فريق إلى هايتي لتقييم حجم الأضرار، مضيفاً أن مكاتبه المحلية دمرت، إلا أن معظم موظفي البنك معروف مصيرهم.
وذكر خفر السواحل الأميركي في ميامي أنه جرت تعبئة زوارق وطائرات في مواقع قريبة من هايتي لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة.
وأعلن مكتب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بيان اليوم أن فرنسا سترسل خدمات إغاثة لمساعدة العمليات في هايتي والعثور على المواطنين الفرنسيين هناك.
وهز الزلزال هايتي الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي (2200 بتوقيت غرينتش). وتحدث شهود عيان عن ناس يجرون في الشوارع وهم يصرخون «يسوع.. يسوع» بينما انهارت مكاتب وفنادق ومنازل ومتاجر. وقال خبراء إن مركز الزلزال كان على عمق 10 كيلومترات فحسب، الأمر الذي ساعد على الأرجح في تضخيم الدمار
.
مبنى محطم جراء الزلزال (أ ب)
وتجمع الناجون الذين تلطخوا بالدماء وقد أصابهم الذهول في العراء وانحشرت الجثث تحت الأنقاض. وقالت الأمم المتحدة إن عدداً كبيراً من موظفيها في هايتي لا يعرف مصيرهم بعد انهيار مبنى من خمسة طوابق في مقر بعثة الأمم المتحدة.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن الاتصالات العادية قطعت وإن الطريقة الوحيدة للاتصال بالناس على الأرض يكون بالهواتف التي تعمل عبر الأقمار الصناعية. وتسد الأنقاض الطرق.
وقال قائد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ألان لو روي إن المبنى الرئيسي للأمم المتحدة في بورت أو برنس انهار، مضيفاً للصحافيين «لا نعلم عدد الناس الذين كانوا في المبنى.» ويتمركز هناك نحو تسعة آلاف من رجال الشرطة والجنود التابعين للأمم المتحدة للحفاظ على النظام وتحاول العديد من الدول معرفة ما حدث لقواتها.
وأضاف إدموند موليه نائب لو روي أن ما بين 200 و250 شخصاً يعملون في مبنى الأمم المتحدة خلال ساعات العمل العادية.
وفي هذا الوقت أعلن مصدر عسكري أردني مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية اليوم عن مقتل 3 جنود أردنيين والعاملين ضمن قوات حفظ السلام في هايتي جراء الزلزال. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن المسؤول العسكري تأكيده إصابة 21 فرداً من أفراد القوات المسلحة الأردنية هناك، موضحاً أن الجميع إصاباتهم خفيفة، هذا في وقت أعلنت الصين عن مقتل 8 من مواطنيها المشاركين في البعثة،
وفي باريس قال وزير الدولة الفرنسي لشؤون التعاون آلان جويانديه، إن حوالى 200 شخص يعتبرون في عداد المفقودين بعدما طمروا تحت أنقاض فندق كبير في العاصمة الهايتية. وأوضح الوزير «وصلتنا معلومات بأن فندق لو مونتانا انهار وأنه كان في داخله حوالى 300 شخص وأنه خرج منه فقط مئة شخص، وهذا الأمر يثير قلقنا الشديد».
وهايتي التي تعتبر الدولة الأفقر في الأميركيتين سبق أن شهدت سلسلة من الكوارث في الآونة الأخيرة. فقد ضربتها ثلاثة أعاصير وعاصفة استوائية في عام 2008 ما أدى إلى مقتل 793 شخصاً وفقدان أكثر من 300 آخرين بحسب أرقام الحكومة. كما شهدت البلاد توتراً سياسياً في عام 2008 نجمت عنه أعمال شغب إثر رفع أسعار المواد الغذائية في عام 2008.
(أ ف ب، رويترز)