عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2010, 01:08 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

OM_SULTAN

المشرف العام

OM_SULTAN غير متواجد حالياً


الملف الشخصي








OM_SULTAN غير متواجد حالياً


رد: كتاب البلاغة الواضحة( سؤال وجواب)


[البلاغة الواضحة سؤال وجواب الدرس السادس

تابع علم البيان

أسئلة المراجعة:

س: السؤال الأول: رتب درجات التشبيه من حيث الأبلغية ؟ مع التعليل لذلك ؟
إن التدرج يكون أولا في ثلاثة أمور أو بثلاث مراتب:
المرتبة الأولى:
كون التشبيه مرسلا مفصلا، هذا أقلها ، زيد كالبحر في العطاء ذكرنا الأركان كلها.
المرتبة الثانية أوالوسطى:
هو كونه مرسلا مجملا، أو مؤكدا مفصلا، مرسلا مجملا مثاله زيد بحر في العطاء
، لابد من ذكر الأداة، زيد كالبحر فقط مجمل، حذفنا وجه الشبه زيد كالبحر،
مثلها كونه مؤكدا زيد بحر، وفي الوقت
ذاته مفصلا، زيد بحر في العطاء هاتان مرتبتان تكادان تكونان مستويتين في الأبلغية.
المرتبة الثالثة:
وهي الأبلغ وهي كونه مؤكدا مجملا، مؤكدا من حيث حذف الأداة ومجملا من حيث حذف وجه الشبه.
س:2: أورد شاهدا بليغا على التشبيه البليغ مع بيان سر بلاغته ؟
في قوله -جل وعز- -مثلا-: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ
﴾ [النمل: 88].
فهنا على التشبيه أي الجبال تمر مرورها كمرور السحاب، فحذف الأداة وحذف
الوجه وهي مقدرة تمر كمرور السحاب، وحذف الوجه -أيضا- ، فمر السحاب ذكرها
فقط هنا للمشبه به ، ووجه الشبه السرعة والحركة وعدم الاستقرار، السحب -أيضا
- متحركة وغير مستقرة.
ـ أيضا- في الحديث الشريف: (المؤمن مرآة أخيه)؛ تشبيه بليغ حيث إن ذكر المشبه
وهو المؤمن وذكر المشبه به وهو المرآة وحذفت الأداة وحذف وجه الشبه والتشبيه
بليغ -حقيقة- وهو يعكس -حقيقة- المؤمن يجب أن يكون مرآة أخيه إذا وجد فيه عوجا
أو انحرافا أو عيبا أو قدحا أو منكر عدله بالنصح أو بالملاطفة وذلك تماما كالمرآة
عندما تعدل أنت ما ترى من عوج في وجهك أو هيئتك أو شكلك وهذا تشبيه
-أيضا- بليغ ظاهر جدًا.


س:أذكر القاعدة التي ذكرها المؤلف في تشبيه التمثيل؟
قاعدة)4)
المؤلف" تشبيه التمثيل:- القواعد: يسمى التشبيه تمثيلاً إذا كان وجه الشبه
فيه صورة منتزعة من متعدد, وغير تمثيل إذا لم يكن وجه الشبه كذلك
]س: عرف تشبيه التمثيل مع ذكر مثال عليه؟
تشبيه التمثيل: هو من أجود أنواع التشبيه وأروعها
,ووجه الشبه فيه بين المشبه والمشبه به صورة منتزعة من عدة أمور يضم بعضها
إلى بعض فتعطي صورة رائعة وغير التمثيل يكون وجه الشبه فيه مفرداً. مثال :
زيدُ كالأسد فقط في الشجاعة
مثال لتشبيه التمثيل قال تعالي:الجمعة{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ
الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا
يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة5

ويمثل الأدباء على ذلك ببيت بشار مشهور:
كأن مثار النقع فوق رءوسنا *** وأسيافنا ليلا تهاوى كواكبه.[/color
]فقد شبه صورة بصورة، فبشار -مع أنه أعمى- ، فإنه يصور المعركة التي خاضها
قومه أو التي خاضها هو -أيضا- تخيل مع قومه والغبار يتطاير فوقه، الغبار من شدة
الضرب والحرب قد تطاير فوقهم وسيوفهم أن أسيافهم وهي تهوي على رءوس القوم
على رءوس أعدائهم وهي تلمع يمنة ويسرة في وسط هذا الظلام أو هذا الغبار شبه هذه
الصورة بصورة ليل بهيم مظلم تهاوت كواكبه يمنة ويسرة، في هذا الليل البهيم، فهو
يشبه صورة بصورة، والجامع بينهما أشياء دقيقة بيضاء في شيء أسود كبير ضخم
جدا مظلم، فالحاصل: أن مجموع هذه الصورة هو التشبيه التمثيلي أو تشبيه التمثيل الوارد
هنا، فالمشبه أجزاء متعددة والمشبه به أجزاء أيضا متعددة، ووجه الشبه أيضا صور
منتزعة من تلك العناصر المتعددة تجمع وتضم بعضها إلى بعض فتعطي الصورة متكاملة.

.مثال آخر قوله -عز وجل-:

(إِنّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا
يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا
أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا ﴾ [يونس: 24]

، فالشاهد:
تمثيله الحياة الدنيا -تمثيل زخرفها وزينتها وغير ذلك- بغيث أو بمطر نزل على أرض
فكثر نباته وتنوع، ومع الأيام اخضر حتى استوى ثم هاج ثم أصبح مصفرا ثم بعد ذلك
أصبح هشيما ثم انتهى ما كان منتظرا، فإنه يصور الحياة الدنيا من حيث بهرجها
وتألقها ثم بعد ذلك انتهائها وانقضائها بهذه السرعة كما يحصل للعشب والربيع
الذي بينما الناس فرحون به ومبتهجون بزرعه ونوره فإذا به يهيج ويصبح لا شيء
وكأنه لم يكن شيئا مذكورا.

ـ مثال آخر قوله:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ
اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [النور: 39]؛ في هذه الآية شبه أعمال الكفار
من حيث ظنهم أنها تغنيهم وتنفعهم بظمآن نظر في أفق الصحراء فرأي سرابا يجتمع فكلما
لهث وذهب إليه لم يجده شيئا وكذلك أعمال الكفار يحسبون أنهم يحسنون صنعا في الحياة
الدنيا وإذا بها ليست بشيء لأنها لم تقم على توحيد الله -عز وجل- أو في الظاهر أنها
إحسان وإذا بها ظلم وإساءة لأن كل منهج أو أمر لا يقوم على منهج الله -عز وجل-
وعلى طريقته وعلى ما سنه الله -عز وجل- فإنه يكون في الغالب يكون
تخبطا ويكون ظلما وجورا.

قاعدة:
المؤلف" التشبيه الضمني :: تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من
صور التشبيه المعروفة بل يلمحان في التركيب , وهذا النوع يُؤتَى به ليفيد
أن الحكم الذي أُسنِد إلى المشبه ممكن."

س/ عرف التشبيه الضمني ولماذا سمي بذلك ؟

سمي ضمنيا لأنه لا يكون مصرحا فيه، لا بالمشبه ولا المشبه به على الطريقة المعتادة ولا
أيضا ذكر الأداة ولا الوجه، وإنما يلمح في الكلام والغرض البلاغي كما قال المؤلف يُؤتَى
به ليفيد أن الحكم الذي أُسنِد إلى المشبه ممكن

س/ ماهي بواعث استعمال التشبيه الضمني ؟

1-التفنن في أساليب التعبير،
2-، النزوع إلى التجديد والابتكار والإبداع لطريقة التشبيه،
3-إقامة البرهان والحجة على أن الذي اسند إلى المشبه أمر فعلا مقنع وممكن وقائم
4-، رغبة الأديب مثلاً في إخفاء معالم التشبيه لأنه كلما كان التشبيه خفيا ودقيقا كان أبلغ في النفس .

س/ أذكر أمثلة للتشبيه الضمني ؟

1-من أمثلته بيت أبي تمام المشهور في قوله:
لا تنكري عطل الكريم من الغِنى *** فالسيل حرب للمكان العالي.
هو يريد أن يبين أن الكريم: المال لا يستقر في يده فإنه ينفقه في وجوه
الإحسان، مثاله المرتفعات العالية إذا هطل عليها المطر ينزل إلى الأسافل،
فأجاب بالمشبه به ليكون إقناعا وبرهانا للسامع ليعلم أن ما نسب إلى
المشبه ممكن، وأنه فعلا واقع وأن هذا الذي استدل به أبو تمام حقيقة
واقعة مرئية في عالم الواقع .

2-مثال آخر : قول أبي العتاهية:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس.

يخاطب كل من يرجو السلامة والنجاة والفوز فلا يمكن أن تتحقق له النجاة كما
لا يمكن أن تجري على اليابسة كذلك من يريد أن يكون صالحا مصلحا أن يجالس
العقلاء والصلحاء والمتزنين، وفي الوقت ذاته عليه أن يأخذ بأسباب الصلاح
والفلاح والسعادة وأما أن يتمنى الصلاح والاستقامة وليس مع المستقيمين،
لا يمكن أن يكون صالحا مصلحا لأنه لم يأخذ بأسباب النجاة والفلاح، .

3-مثال آخر: قول المتنبي ولعله يخاطب سيف الدولة:

ومن الخير بطء سيبك عني *** أسرع السحب في المسير الجهام.

أي إذا تأخر عطاؤك عني فإني متفائل فهو أشبه بالسحب الهائلة الثقيلة المصحوبة
بالبرق والرعد فهي ثقيلة في جريانها لكنها غزيرة بمائها بإذن الله, كذلك عطاؤك
إن تأخر فهو كثير أما الجهام وهي السحب الخفيف فهي سريعة في سيرها وليس
فيها ماء , فقدم دليلا على تفاؤله بتأخر عطاء سيف الدولة فشبهه بالسحب الثقال
المتأخرة في سيرها ولكنها كثيرة في عطائها .

ـ مثال آخر: قول أبي تمام وينسب إلى عبد الله بن المعتز:

واصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله *** فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله

إذا رأيت حاسدا لك فتجلد واصبر ولا تأبه بحسده والدليل على هذا قال: فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، إذا لم تجد حطبا تنتهي وتصبح رمادا، كذلك الحسود إذا حسدك أو رآك وكذا فإنك لا تلق بالا لا تلق اعتبارا لحسده أو تجلد واستعن بالله -عز وجل- عليه.
قاعدة:

التشبيه المقلوب هو جعل المشبه مشبها به بإدعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر"

س/ عرف التشبيه المقلوب ؟ مع التوضيح بالمثال ؟
التشبيه المقلوب: التشبيه المقلوب كاسمه بأن يجعل الأديب المشبه مشبه به والمشبه به مشبها بإدعاء أن وجه الشبه في المشبه الذي صار مشبه به أظهر وأقوى وأمكن والقاعدة أن وجه الشبه في المشبه به أقوى وأمكن.
مثال: الأسد كزيد، الأسد كزيد في الشجاعة، أنت ادعيت أن الشجاعة أظهر وأتم في زيد منها في الأسد، فقلبت التشبيه، على سبيل الإدعاء، ومبنى الإدعاء هنا المبالغة، المبالغة في إظهار شجاعة زيد
س/ أذكر بعض الأمثلة أو الشواهد على التشبه المقلوب؟

ـ 1- قوله -جل وعز- حكاية عن المشركين في مسألة البيع والربا عندما قالوا:
إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]؛ فقال -جل وعز-: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، فهنا هم بنو كلامهم على التشبه المقلوبِ، لأنهم رأوا إن مسألة حِل الربا لا نقاش فيها، ، وإنما الشك في البيع فرد الله -جل وعز- عليهم بأسلوب الإسناد الصحيح، إسناد فعل الحل للبيع، وإسناد فعل الحرمة للربا، فقال: ﴿ وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾
2- قول البحتري في وصف بركة المتوكل:

كأنها حين لجت في تدفقها *** يد الخليفة لما سال واديه
أصل التشبيه تشبيه يد الخليفة في عطاءه ونواله وإكرامه بمياه بركة المتوكل عندما تتدفق المياه فيها وتجري يمنة ويسرة، لكن البحتري قلب التشبيه، قلب التشبيه فشبه البركة عندما تضطرب مياهها وتتدفق يمنة ويسرة شبهها بيد الخليفة في عطائه ونواله وإكرامه لمن يأتي إليه، على سبيل التشبيه المقلوب ادعاء بأن وجه الشبه في عطاء الخليفة أقوى وأمكن من مياه البركة نفسها.

3- قول محمد بن وهيب الحميري:

وبدا الصباح كأن غرته *** وجه الخليفة حين يمتدح

شبه الصباح في ضوءه وإسفاره، بوجه الخليفة في تهلله واستبشاره عندما يمتدح، والعكس صحيح، أن يشبه وجه الخليفة عند امتداحه وتهلله وابتسامته بالصباح لأن النور في الصباح أظهر وأتم والإسفار كذلك أظهر وأتم لكنه قلب التشبيه إدعاءًا بأن التهلل والإسفار في وجه الخليفة أظهر وأمكن، فشبه الصباح به، وشبه الصباح ونور الصباح وبدوه به على سبيل الإدعاء وعلى سبيل أيضًا المبالغة.
قاعدة:

المؤلف" أغراض التشبيه كثيرة منها ما يأتي:
1- بيان إمكان المشبه : وذلك حين يسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته
إلا بذكر سببه. "
س/ ماهي أغراض التشبيه ؟
بيان إمكان المشبه وذلك حين يسند إليه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له ، وهذا غالباً يكون أو كثيراً ما يكون في التشبيه الضمني، مثل قول الشاعر:
فإن تفق الأنام وأنت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال
يقول إنها ليس مستغرباً أن تكون متميزاً بين الخلق في عطاياك وفي هيئتك وفي أمور كثيرة فيك، قال: فإن المسك بعض دم الغزال، المسك المتميز بطيب رائحته وروعته فإنه بعض دم الغزال، فإن بعض المختصين يقولون: إن الغزال فيه-في أسفل بطنه- سرة، يجتمع فيها دم ويعطى الغزال نوعاً من المأكولات يجتمع دم متميز في هذا الموضع ثم تفصد، فتكون رائحته رائعة جداً وطيبة ويكون منه المسك يقول: إنك من بين الناس متميز جداً، وهذا ممكن لا خلاف فيه، وقالوا: إن المسك الذي هو بعض دم الغزال متميز لسائر الدماء، ودماء الغزال بالذات.

فوائد من أسئلة المشاهدين:
س/ ماهي اللطائف البلاغية المتعلقة بقوله تعالي ﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابلعي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أقلعي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ؟ا
للطائف البلاغية تنحصر في الآتي:
اللطيفة الأولي:
وقع في هذه الآية الحكيمة سبعة أفعال، بل إننا إذا نظرنا إلى مدلول النداء فإنها تنوب مناب فعل تقديره أدعو أو أنادي فإذا ضم أداة النداء والفعل الذي ناب عنها تكون الآية قد عمر فيها تسعة أفعال وهي: قوله: (وقيل) هذا هو الفعل الأول، الثاني: (ابلعي) خطاب الأرض، الثالث: بالنسبة للسماء (أقلعي)، بالنسبة إلى الماء (وغيض) وكيفية الماء أي وقد غاض وغار في الأرض، والخامس: قوله -جل وعز- ﴿ وَقُضِيَ الأمْرُ ﴾؛ والسادس: قوله: ﴿ وَاسْتَوَتْ﴾؛ والسابع: قوله ﴿ وَقِيلَ بُعْدًا ﴾ ، هذه أفعال سبعة فإذا أخذنا دلالة (ي) النداء في قوله يا أرض أو يا سماء يمكن أن يضم فعلان إلى الأفعال السبعة الماضية فيكون تسعة أفعال قد جرت في هذه الآية لأن الأفعال من خصائصها أنها تحكي الحدث ، فصورت هذه الأفعال التسعة الحدث الهائل العظيم الذي ذكره الله -عز وجل- في هذه الآية الحكيمة.
اللطيفة الثانية:
أن أربعة أفعال من تلك الأفعال لم يسم فاعلها ونحن نقول في الذكر الحكيم لم يسم فاعله ولا نقول مبني للمجهول هذا حق كلام الله -عز وجل- لأن الفاعل حقيقة معلوم في مثل هذه الآية، وهو الله-عز وجل- على الأظهر وعلى أصحها فهناك أربعة أفعال من هذه الأفعال لم يسم فاعلها وإن كان الفاعل هو الله -عز وجل- على الحقيقة ، ففي ذكر الفاعل وبناء الفعل لما لم يسم فاعله: تركيز الذهن على الفعل نفسه أي على الحدث وتكثيفه على الحدث نفسه فإذا ظهرت عظمة هذا الحدث الذي وقع بانت عظمة فاعله والآمر به -جل وعلا- بأسلوب الاستنتاج والنظر ، فقوله (قيل): لا شك أن القائل هو الله -عز وجل-، والآمر في قوله(ابلعي ماءك) هو أيضا الله -عز وجل-، فقوله: (قيل) وقوله (غيض الماء) وقوله: (قضي الأمر) وقوله ﴿ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾.
اللطيفة الثالثة:
في هذه الآية الحكيمة التقابل اللطيف بين الأرض وخصوصياتها وبين السماء وخصوصياتها: ﴿ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابلعي مَاءَكِ ﴾؛ من خصوصيات الأرض الماء الذي يجري عليها والطوفان الذي عمها، ثم لما وجه النداء على الأمر إلى الأرض وخصوصياتها قابله بتوجيه النداء إلى السماء وخصوصياتها ﴿ وَيَا سَمَاءُ أقلعي ﴾؛ أي توقفي أو أمسكي ماءك الذي ينزل منك عن الإرسال، فالمقابلة لا شك أنها تضفي على المعاني دقائق ولطائف لأن المعاني بأضدادها تتمايز، فهنا قابل بين الأرض وخصوصياتها ثم بين السماء وخصوصياتها.


اللطيفة الرابعة:
في هذه الآية -أيضا-: الجناس اللاحق الذي في قوله -جل وعز- ابلعي بالنسبة إلى خطاب الأرض وبالنسبة إلى السماء أقلعي، ونحن نعلم أن الجناس هو تشابه الكلمتين في اللفظ واختلافهما في المعنى، ثم إن هذا الجناس ناقص لأن هناك اختلافا في الحروف بين قوله ابلعي وأقلعي ، في (ابلعي) الباء مخرجها شفوي، والقاف في أقلعي مخرجها حلقي، فلما اختلف مخرج الحرفين فكان الأول بعيدا عن الثاني -لأن الباء مخرجها شفوي والقاف مخرجها حلقي- سمي جناسا لاحقا، ولا شك أنه يضفي على التنزيل أو على الكلام بديعا ولطافة وحسنا في اللفظ وجرسا أيضا في مؤداه.
اللطيفة الخامسة:
في هذا الآية: التجوز في النداء والتوسع فيه، فإن الأصل في النداء أن يكون لعاقل يسمع النداء ثم يجيب، هنا نلاحظ أن هذا النداء وقع على الأرض وهي في الأصل جماد، وكذلك في السماء وقع النداء عليها أو وجه النداء إليها وهي في الأصل جماد، فيكون في هذا توسع في الاستعمال في دلالة حرف النداء، ولكن -حقيقة- في هذا يمكن أن يكون النداء -هنا- موجهًا على سبيل الحقيقة، لأن المنادي هو الذي يمكن إنطاق من ناداه، فالله -عز وجل- خلق الخلق كلهم وخلق الكون كله بما فيه من سماء وأرضين، فنداؤه جل وعز للأرض كلها ونداؤه للسماء وما فيها أو لها بذاتها يمكن أن يقال إنه على سبيل الحقيقة وهذا هو الظاهر في النص، ولذلك يمكن يقال لذلك القوم القائلين بالتجوز إن هذا هو رأي مرجوح، لأن المنادي -جل وعز- يملك إنطاق وإسماع من ناداه بدليل أن جميع السموات والأرضيين كلها تسبح الله -عز وجل- ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44].
اللطيفة السادسة:
إضافة الماء إلى الأرض وقوله: ﴿ يَا أَرْضُ ابلعي مَاءَكِ ﴾؛ فكأن الأرض تملكه، ولكن الحقيقة: الماء بالنسبة للأرض ليست الأرض تملك الماء، وإنما الماء يجري على ظهرها أو يكون في جوفها، فتكون الأرض ملابسة له، فإضافة الماء إلى الأرض هنا على سبيل الملابسة، وعلى سبيل أن الأرض محله أو الأرض مكانه مثل: ﴿ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴾ [العلق: 17]؛ وقوله: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ [يوسف: 82]؛ فالتوجيه هنا على أساس أن الأرض أمكنة المياه ومحالها وهو على سبيل التجوز أو على سبيل المجاز المرسل.
اللطيفة السابعة:
التعريف في الأمر، ﴿وقضي الأمر﴾: هنا التعريف في الأمر قد تكون الألف واللام لاستغراق أنواع الأمر الصادر في الآية الحكيمة في مثل هذا الحدث العظيم، استغراق جميع أنواعه وفي الوقت ذاته هذا تعظيم لشأن هذا الأمر وتفخيم لشأنه، فيشمل أمر تعذيب القوم فقد قضي، ويشمل أيضا أمر بلع الأرض ماءها ويشمل أيضا توقف السماء عن المطر وقد قضي ويشمل أيضا غيض الماء وغوره وقد قضي كل هذه وغيرها من الأوامر التي قضيت في قوله وقضي الأمر فهو تفخيم لشأن هذا الأمر وتعظيم له واستغراق له لجميع أجناسه فيما يتعلق في هذا الحدث العظيم.
اللطيفة الثامنة:
حذف المسند إليه وطي ذكره في قوله ﴿ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ﴾؛ ما الذي استوي؟ وهو ظاهر لأن الآية في سياق تعذيب قوم نوح –عليه السلام- ومعلوم أن الناجين من المؤمنين على ظهر هذه السفينة، واستوت السفينة التي أمر الله -عز وجل- نوحا أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين فحذف المسند إليه وطي ذكره هنا لتفخيم شأن السفينة هذا أمر، لأنه كأنما أغنى عن ذكرها لم يوجد إلا هي ، وكذلك في ذلك إيجاز في العبارة، والإيجاز من أنواع البلاغة.
اللطيفة التاسعة:
تبكيت الكفار وعدم الاعتداد بهم في قوله: ﴿ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾؛ الكلمة هذه تدل على التبكيت والسخرية وعدم الاعتداد بهؤلاء فإنهم قد طغوا وتجبروا وكأنما قد وصل بهم الأمر إلى حد عال من الطغيان، لكنهم أمام قدرة الله -عز وجل- وأمام هذه الحدث العظيم والعذاب الهائل لم يكونوا شيئا مذكورا بل صاروا غثاء فسحقا لهم فهذا تبكيت لهم وفي ذلك أيضا تعريض بشأن من شابههم من الطغاة أوالظلمة أوممن تنكب منهج الله -عز وجل-.
اللطيفة العاشرة:


رد مع اقتباس