منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة

منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة (http://www.afaqdubai.ae/vb/index.php)
-   اللغة العربية فصاحة وبيانEloquence of the Arabic language (http://www.afaqdubai.ae/vb/forumdisplay.php?f=60)
-   -   من اساسيات الثقافه اللغة الام ولغتنا العربية لغة القرأن الشيخ محمد بن راشد (http://www.afaqdubai.ae/vb/showthread.php?t=38269)

OM_SULTAN 03-28-2019 12:22 PM

من اساسيات الثقافه اللغة الام ولغتنا العربية لغة القرأن الشيخ محمد بن راشد
 
4 مرفق
من اساسيات الثقافه اللغة الام ولغتنا العربية لغة القرأن
نفخر بها ويستميلنا الادب قراءة مطرده وفقكم الله الشيخ محمد بن راشد


ومقتطفات عن اللغة العربية من هنا وهناك

HH Sheikh Mohammed@HHShkMohd

مع انطلاقة شهر القراءة .. وصلتني اليوم أرقام المشاركين في تحدي القراءة العربي في دورته الرابعة .. والذي يهدف لقراءة كل طالب ٥٠ كتاب في كل عام أكاديمي. ١٣ مليون طالب من ٤٩ دولة هي حصيلة هذه الدورة للآن .. تحدي القراءة هو تحدي عربي نجحنا فيه حضاريا ..نحن أقوياء بشباب عربي قارىء


اقتباس
اللغة العربية أصلح اللغات، وأجمع المعاني والعبارات، وأحسن إشارة وأوجز عبارة، تشنّف الأسماع وتوضّح المعاني بإبداع، وهذه اللغة يكفيها شرفًا وفضلاً ارتباطها بالقرآن تتلى، واتصالها بسنة المصطفى، فهي محفوظة بحفظ القرآن، فعلى الرغم من محارباتها في شتى المجالات وأنواع التواصلات وألوان المبيعات والتعامل والمؤسسات حتى ندر ذكرها، وقل الاعتزاز بها؛ ومع ذلك فهي محفوظة، ومكانتها محفوظة، فبقاء القرآن والسنة بقاؤها، فلا فهم لهما إلا بها، ولا إبداع في فوائدهما إلا بها حتى قيل لولا القرآن ما كانت عربية. اللغة العربية في شريعتنا لها مكانة، وفي علومنا ودروسنا لها حصانة، ولعزنا وشرفنا لها وقع وصيانة..


نشأة اللغة العربية
تُعتبر اللّغة العربيّة من أقدم اللّغات، ويعود أصلها إلى اللّغات السّامية، وتُعتبر الأقرب إليها من بين جميع اللّغات التي تعود لنفس الأصل، ويعود أصل أقدم نصوصٍ عربيّة عُثِرَ عليها إلى القرن الثّالث بعد الميلاد، وهي نصوص شعريّةٌ جاهليّةٌ تتميّز ببلاغة لغتها، وأسلوبها الرّاقي، ووزنها الشعريّ المُنتظم، وترجح أغلب الأقوال بأنّ أصل اللّغة العربيّة يعود لبلاد الحجاز في شبه الجزيرة العربيّة، وتطوّرت مع الزّمن نتيحةً لعدّة عوامل، منها تعدُّد الحضارات وتعدُّد لهجاتها، وإقامة الأسواق المُختلفة مثل سوق عكاظ. وتُعتبر الأسواق من أبرز العوامل التي أثّرت وتسبّبت في ظهور اللّغة العربية الفصيحة وتطوّرها كثيراً.[١]

أهميّة اللغة العربيّة ومكانتها
تُعتبر اللّغة بشكل عامّ من أهمّ ميّزات الإنسان الطبيعيّة والاجتماعيّة، وهي الوسيلة الأفضل للتّعبير عن المشاعر والاحتياجات الخاصّة بالفرد والجماعة، وتأتي أهميّة اللّغة العربية من أنّها من أحد مُكوّنات المُجتمع الرئيسيّة، ومن أهمّ عوامل البناء في مُختلف الحضارات والثّقافات، وهي السّبب الرئيسيّ في قيام الدّول وإنشاء المُجتمعات المُختلفة؛ لأنّ التّواصل الذي يتمّ عن طريق اللّغة هو اللّبنة الأساسيّة في عمليّة البناء هذه، وقوّة وبلاغة اللّغة يُعبّر بشكل كبير عن تماسك المجتمع النّاطق بها، واهتمامه بها وبقواعدها، وعلومها، وآدابها، وضوابطها، وهذا يُعدّ أجمل أشكال الرُقيّ في التّفكير والسّلوك لدى المُجتمعات المُحافظة على لغتها.[٢] حَظِيَت اللّغة العربيّة بما لم تحظَ بهِ أيّة لُغةٍ من الاهتمام والعناية، وهذا أمرُ الله نافذٌ فيها؛ لأنّها لُغةُ القرآن الكريم وهذا بدوره أعظم شرف وأكبرَ أهميّةٍ للّغة العربيّة؛ لأنّ الله جلّ جلاله اختارها من بين لُغات الأرض ليكون بها كلامهُ الخالد الذي أعجز بهِ من كانَ ومن سيأتي إلى قيام السّاعة، ولا يكونُ هذا الإعجاز إلاّ لكون هذهِ اللّغة تحتمل ثقل الكلام الإلهيّ وقوّة الخطاب الربّاني. سُمّيت اللّغة العربيّة بلغة القرآن والسُنّة، وقال تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)،[٣] وكل هذا يُشير إلى أهميّة اللّغة العربيّة في فهم آيات القرآن ومقاصدها ومعانيها بشكل واضح؛ لأنّ القرآن نزل بلسانٍ عربيّ فصيح ومُبِين في عصرٍ كان مُعظم النّاس يتباهون ويتفاخرون ببلاغة وفصاحة لغتهم، وإلمامهم بقواعدها، وضوابطها، وقد نزل القرآن الكريم بمعانٍ، وتراكيبَ، وجملٍ بليغة جدّاً، تحتوي على الكثير من التّشبيهات والاستعارات، والأساليب اللغويّة البليغة، ممّا أضاف لمكانة اللّغة العربيّة درجاتٍ كثيرةٍ، حتّى أصبحت اللّغة الخالدة الوحيدة في العالم.[٤] تمتدّ أهميّة اللّغة العربيّة إلى العلاقة الوطيدة بينها وبين الثّقافة والهويّة الخاصّة بالشّعوب، فهي وسيلة التّواصل بينهم، وهي التي تُعبّر عن تفكير الأمم، والوسيلة الأولى في نشر ثقافات الأمم المُختلفة حول العالم، وبما أنّ اللّغة العربيّة هي المسؤولة عن كلّ هذه الأمور فهي إذاً التي تُشكّل هويّة الأمّة الثقافيّة التي تُميّزها عن باقي الأمم[٥]. يتميّز التّاريخ العلميّ العربيّ باحتوائه على الكثير من المُؤلّفات العلميّة في شتّى المجالات العلميّة باللّغة العربيّة، وكان المُؤلّفون العرب يكتبون مُؤلَّفاتهم بطريقة مُميّزة عن غيرهم، وتكون مُؤلَّفاتهم تتحدّث في أكثر من تخصصٍّ علميّ واحد، مثل كتاب إسماعيل بن أبي بكر بن المقرّي المُسمّى (عنوان الشّرف الوافي في علم الفقه والعروض والتّاريخ والنحو والقوافي)؛ فهذا الكتاب يتحدّث عن الفقه، وعلم العروض والقوافي، وغيرها من العلوم المُختلفة، وهذا يدلّ على عبقريّة اللّغة العربيّة؛ لأنّها تُتيح المجال بشكلٍ كبير للكُتَّاب بأن يربطوا المَواضيع المُختلفة ببعضها دون أن يضعوا القارىء في دوّامة من التشتّت وعدم الفهم نتيجةً لتعدُّد المواضيع ضمن المُؤلّف الواحد.[٦] إنّ اللّغة هي الوعاء الأساسي الذي يحتوي العلوم، والتّكنولوجيا، والثّقافة، والتّاريخ، والحضارة، والهوية، والمشاعر، فإن استطاعت أمّةٌ المحافظة على لغتها ستكون من أكثر الأمم تقدُّماً وتطوّراً، ومن الواضح أيضاً أنّ هنالك مُشكلةٌ في تعليم ونشر العلوم في العصر الحاليّ باللّغة العربيّة، واعتماد اللّغة الإنجليزيّة غالباً في التّعليم في الجامعات العربيّة وأحياناً في المدارس أيضاً، وتكوّنت هذه المشكلة بسبب ضعف المُحتوى العربيّ في العلوم الجديدة، وافتقار الجانب العلميّ العربيّ للمُؤلّفات المكتوبة باللّغة العربيّة، وإن وجدت أحياناً يكون المُحتوى العلميّ قديماً جدّاً لا يُؤخذ به، أو أنّه غير صحيحٍ أو غير مُوثّقٍ، بالرّغم من أنّ تعليم العلوم باللّغة العربيّة أسهل وأكثر إمتاعاً؛ نظراً لأنّ اللّغة العربيّة تُعطي مجالاً للإيجاز والتّعبير بشكلٍ كبيرٍ عن المواضيع المُختلفة، فهي لغةٌ مَرِنةٌ جداً في شرح الأمور العلميّة في ظلّ الوفرة الكبيرة في المفردات والأساليب اللغويّة.[٧]


مزايا وخصائص العربية
تُعدّ اللّغة العربيّة لغةً خالدةً، ولن تنقرض مع مرور الزّمن أبداً حسب دراسة لجامعة برمنجهام أُجريت للبحث في بقاء اللّغات من عدمه في المُستقبل، وتتميّز اللّغة العربيّة بالكثير من الميزات التي توجد في لغة الضّاد فقط ولا توجد في غيرها من اللّغات، ويُذكَر من هذه الميزات ما يأتي:[٨] الفصاحة: وهي أن يخلو الكلام ممّا يشوبه من تنافرٍ بالكلمات، وضعف التّأليف، والتّعقيد اللفظيّ. التّرادف: وهو أن يدلّ عددٌ من الكلمات على نفس المَعنى المراد. الأصوات ودلالتها على المعاني: بمعنى أن يفهم معنى الكلمة بشكلٍ عامّ أو دقيق من خلال الصّوت فقط، وهذه من أهمّ الميزات الخاصّة باللّغة العربيّة. كثرة المُفردات: تزخر اللّغة العربيّة بعددٍ وافرٍ جدّاً من المُفردات، ولا تحتوي لغةٌ أخرى على عدد أكثر أو يُساوي العدد الذي تحتويه لغة الضّاد. علم العروض: وهو العلم الذي ينظم أوزان الشّعر وبحوره، ويضع القواعد الرئيسيّة لكتابة الشّعر، ممّا جعل الشّعر العربيّ هو الأكثر بلاغةً وفصاحةً نتيجةً لاتّباعه أوزانٍ مُحدّدة، وقواعدَ رئيسيّةٍ. الثّبات الحرّ: من أكبر التّحديات التي واجهتها العربيّة هو ثباتها وانتصارها على عامل الزّمن والتطوّر، في حين أنّ اللّغات الأخرى مثل الإنجليزية قد تطوّرت واختلفت بشكل كبير عبر الزّمن. التّخفيف: وهو أن أغلب المُفردات في اللّغة العربيّة أصلها ثلاثيّ، ثم يأتي الأصل الرباعيّ، ثمّ الخُماسيّ على التّرتيب في كثرة انتشاره في أصول المُفردات العربيّة.



تعريف الثقافة في اللغة العربية
إنَّ أصل كلمة الثقافة مستمدة من الفعل الثلاثي (ثقف)
ويقرأ بضم القاف وكسرها. وتوحي كلمة الثقافة في اللغة بعدة معانٍ ومنها: الفطنة
والذكاء والتهذيب وضبط العلم وسرعة التعلم،
ويقال قديماً: غلام ثقف أي ذو فطنة، ثابت المعرفة فيما يحتاج إليه،
وهي أيضاً كانت تستخدم للدلالة على اسم آلة الثقّافة التي كانت تستخدم
لتسوية اعوجاج الرماح والسيوف قديماً.[٢][٣]
ويشار إلى أنَّ للثقافة العربية حظوة معتبرة بين الثقافات قديماً،
ففي كتاب الثقافة العربية للكاتب عباس محمود العقاد
تأصيل مطوّل يسرد فيه التاريخ الثقافي للعرب، مبتدئاً بحقيقة أنَّ الثقافة العربية
هي أقدم من الثقافات اليونانية والعبرانية، فالأبجدية اليونانية مثلاً
ماهي إلا أحرف عربية في الشكل والمعنى.[٤]

تعريف الثقافة اصطلاحاً
ومن التعريفات المبسّطة لمفهوم الثقافة ما يصفها على أنها هي
الرقي في مختلف الأفكار النظرية، وذلك يشمل علوم السياسة
والقانون والتاريخ والفن ولا سيما الأخلاق والسلوك.

خصائص الثقافة تتمتع الثقافة بعدد من الخصائص التي تميزها عن غيرها من المفاهيم، وهي:[٥] الثقافة منتج إنساني بامتياز: فهو المخلوق الوحيد المؤهل لبناء منظومة ثقافية تشمل المعرفة وتطبيقاتها في المعتقدات والسلوكيات اليومية. الثقافة مكتسبة: فالإنسان وبشكل تلقائي فطري يكتسب ثقافته من مجتمعه الذي نشأ فيه، ويبدأ اكتساب هذه الثقافة بتنوع أشكال التعبير عنها منذ ولادة الإنسان ويتنامى مع تنامي وعيه. الثقافة حصيلة المجتمع: أي أنَّه لايمكن دراسة مفهوم الثقافة بمعزل عن المجتمع الذي نشأت فيه ثقافة ما، فهي نتاج جمعي كونه المجتمع أو جماعة معينة فيه. الثقافة قابلة للتطوير والتكامل: هي مفهوم حي، ينمو باستمرار ويتم تعديل محتواه النظري وتطبيقاته العملية دوماً فهي مرتبطه ارتباطاً وثيقاً بتطور المجتمع ووسائل تواصله ومعارفه، وهذا يقودنا إلى أنه أيضاً مفهوم تكامليّ، يلبِّي حاجات روح الإنسان وجسده وعقله وذلك يتطلب الاستمرارية في تطوير ثقافة الفرد وبالتالي المجتمع، دون عزل مراحل الثقافة الأولية التي نشأ عليها، فهي مكون أساسي يقبل التطور والنمو. الثقافة تنتقل عبر المجتمعات: فهي لا تعتبر ملكاً حصرياً لمجتمع ما أو فرد من أفراده، وإنما هي موروث اجتماعي يتمسك به المجتمع ويصعب القضاء على ثقافة ما إلا بانتهاء المجتمع المنتمي لها أو بتذويب هذا المجتمع وثقافته بثقافة أكثر إبهاراً وتنوعاً تفرض عليه بالقوة، بدلاً من ثقافته الأصلية.

الخطبة :البيان في أهمية لغة القرآن

عناصر الخطبة
1/ نعمة اللسان والتعبير عما يريده الإنسان 2/ فضائل لغة القرآن 3/ أقوال العلماء في سمو مكانة اللغة العربية 4/ تعلُّم العربية وتعليمها فرضٌ على الكفاية 5/ ثمرات تعلم اللغة العربية 6/ أقوال السلف في تعلُّم العربية 7/ منزلة علم النحو بين العلوم.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي جعل القرآن لسانًا عربيًّا وتبيانًا، وجعل اللغة العربية لفهم القرآن والسنة مفتاحًا وبيانًا، وأشهد أن لا إله إلا الله، أنعم باللسان على الإنسان منة توضيحًا وإعطاء، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفصح الناس لسانًا وأحسنهم بيانًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين سلكوا طريقته لغة وبيانًا وإعرابًا.

أما بعد: فاتقوا ربكم، فالتقوى هي العروة الوثقى. من الآيات الباهرة والنعم الظاهرة: نعمة اللسان والتعبير عما يريده الإنسان، فقال الرحيم الرحمن: (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) [الرحمن: 1- 4].

ولما خصه جل ثنائه باللسان العربي وضَّح أن لغة القرآن أعظم لغة على الإنسان.

اقتبس النحو فنعم المقتبس *** والنحو زين وجمال ملتمس

صاحبه مكرم حيث جلس *** من فاته فقد تعمى وانتكس

كأن ما فيه من العي خرس *** شتان ما بين الحمار والفرس

ومن نعمه وآلائه وقدرته وآياته: اختلاف الألسن واللغات كما يختلفون بالألوان والجنسيات (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) [الروم:22].

وكل رسول بعثه الله إلى قومه بعثه بلسان من قومه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ..) [إبراهيم:4].

ومن التنويه بشأن اللغة العربية كما في الآيات القرآنية: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف:2]، (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا)، فبيَّن أن لغة القرآن اللغة العربية واللغة الفصيحة والكتاب والسنة؛ فهمهما ومعرفتهما متوقف على معرفة اللغة (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف:3]، وامتن بإنزال القرآن أنه عربي وتبيان (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) [الشعراء: 193- 195].

ومحمد رسولنا خاتم الرسل وأفضلهم أُرسل إلى الناس كافة، وخُوطب بدعوته العرب والعجم، فبعثه الله من قريش أفصح العرب بيانا، وأسلمهم لسانا، وخُوطب الناس بالعربية جمعاء فالأمة العربية أفصح الأمم لسانا وأسرعهم إفهاما وأقدرهم بيانا.

هذه اللغة العربية أصلح اللغات، وأجمل الكلمات، وأجمع المعاني والعبارات، وأحسن إشارة وأوجز عبارة، وأسهل كلامًا وأسرع حفظًا بإلمام، تشنّف الأسماع وتوضّح المعاني بإبداع، وهذه اللغة يكفيها شرفًا وفضلاً ارتباطها بالقرآن تتلى، واتصالها بسنة المصطفى، فهي محفوظة بحفظ القرآن، فعلى الرغم من محارباتها في شتى المجالات وأنواع التواصلات وألوان المبيعات والتعامل والمؤسسات حتى ندر ذكرها، وقل الاعتزاز بها؛ ومع ذلك فهي محفوظة، ومكانتها محفوفة، فبقاء القرآن والسنة بقاؤها، فلا فهم لهما إلا بها، ولا إبداع في فوائدهما إلا بها حتى قيل لولا القرآن ما كانت عربية.

اللغة العربية في شريعتنا لها مكانة، وفي علومنا ودروسنا لها حصانة، ولعزنا وشرفنا لها وقع وصيانة، فاسمع أقوال العلماء لتعرف ثمرتها وأهميتها في كل بناء، قال شيخ الإسلام: "فإن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلِّغًا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، وصارت معرفته من الدين" ا. هـ.

ويقول أيضًا: "إن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فَهْم الكتاب والسنة فرض، ولا يُفهَم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" انتهى.

وقال أيضًا: "معلومٌ أنّ تعلمَ العربية وتعليمَ العربية فرضٌ على الكفاية، وكان السلف يؤدّبون أولادهم على اللحن، فنحن مأمورون أمرَ إيجابٍ أو أمرَ استحبابٍ أن نحفظ القانون العربي، ونُصلح الألسن المائلة عنه، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنّة، والاقتداء بالعرب في خطابها".

وقال الثعالبي رحمه الله: "من أحب الله أحب رسوله، ومن أحب النبي العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب". اهـ.

فلغتنا وقرآننا صنوان، فأين الذين عزفوا عنها، ومالوا إلى غيرها؟! بل يتبجحون باللغات الأجنبية ومعرفتها ودرسها، وتركوا اللغة العربية جانبًا وهي هويتنا ولغة قرآننا.

لغتنا أوسع اللغات وأكثرها بيانًا، وأوفاها حجة وإيضاحًا، حتى قال الشافعي مقالته الشهيرة: "لسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا، وأكثرهم ألفاظًا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي".

لغتنا غنية بثروتها لا قدرة لأحد أن يحصيها، قال الكسائي: "قد دَرَس من كلام العرب كثير"، ومع ذلك فقد وفت بالمقصود، ووسعت كل صغير وكبير ومولود، وأوعبت وأوسعت وأكبرت وألمعت.

ولهذا علم النحو علم يتوصل به إلى شيئيين: فهم القرآن والسنة وإقامة اللسان على اللسان العربي والسليقة.

ومن أهداف وثمرات اللغة: فهم الكتاب والسنة ومعرفة مدلولاتهما ومعانيهما.

ثانيًا: فهم كلام السلف الصالح.

ثالثًا: تعديل اللسان وتقويمه.

رابعًا: تعليم النطق السليم.

خامسًا: الاعتزاز باللغة وأسرارها وميزتها على غيرها.

سادسًا: أنها من الدين والإسلام المبين.

سابعًا: مواجهة ما يُحاك ضدها كاتهامها بالصعوبة والجمود، والمناداة بترك الإعراب، والتوجه إلى العامية ومزاحمتها باللغات الأخرى يُرَاد من ذلك هدم الدين أو التشكيك فيه، أو إضعاف أثره أو عدم فهمه والعمل به.

ثامنًا: أنها تخدم العلوم الأخرى، ففقهها له علاقة بالعلوم الشرعية، بدءًا بالتوحيد والعقيدة.

تاسعًا: ومن ثمار تعلم اللغة تتجلى به بلاغة القرآن وإعجازه.

عاشرًا: استقامة اللسان في الدعاء فهو عماد الكلام، وبه يستقيم المعنى، وبعدمه يختل أو يفسد، وربما انقلب الدعاء باللحن رأسًا على عقب.

الحادي عشر: استقامة اللسان في الحلال والحرام؛ لأن من اللحن ما يحيل الأحكام ويقلب الحلال والحرام.

يقول أبو بكر -رضي الله عنه-: "لتعلم إعراب القرآن أحب إليَّ من تعلم حروفه"، وقال عمر -رضي الله عنه-: "تفقهوا في السنة، وتفقهوا في اللغة العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي".

وقال "تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة"، قال شيخ الإسلام: "وهذا الذي أمر به عمر -رضي الله عنه- من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه؛ لأن الدين فيه أقوال وأعمال، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله، والسنة هو الطريق إلى فقه أعماله" ا هـ.

أين نحن من تلك التوجيهات البكرية والعمرية؟! أين أبناء المسلمين اليوم الذين زهدوا في لغتهم لغة القرآن وتفاخروا بلغة الغرب واليونان؟!

ما بال الانهزامية عند الناس؟! لغتنا هي عزنا وشرفنا وديننا، وبعض الناس يتعذر بصعوبة التعليم، ويا سبحان الله أيهما أشد تعلمًا وتفهمًا؟!

وآخرون لا يرعون لها معنى، وآخرون يلقّنون أنفسهم ويلوون ألسنتهم باللغة الأجنبية.

إن الأعداء -أيها الأوفياء- بثوا ونشروا لغتهم الأجنبية وألسنتهم الغربية في كثير من أمورنا الحياتية، فلا تكاد تجد مصنوعًا أو عملاً وملبوسًا ليصلوا إلى مطلوبهم، وينالوا أهدافهم، فلهذا قل عمل أو بضاعة أو تواصلات اجتماعية إلا وللغات الأجنبية نصيب بل ربما ليس لها بديل، وهذا الصنيع لإبعاد الشعوب المسلمة عن لغة القرآن والسنة، وبالتالي عدم فهم الكتاب والسنة، وينتج عندها عدم العمل بالكتاب والسنة.

فلغتكم -يا مسلمون، بحمد الله- محفوظة، وتعليمها في أرضنا موسومة، فهي جزء من ديننا، بل لا يقوم الإسلام إلا بها، فما أجملها وأحسنها وأرتبها وأشوقها! فينبغي أن نُعْنَى بها علمًا وتعلمًا وتفهيمًا وتدريسًا، ولهذا علماؤنا نالوا قصب السبق، فدوّنوا وعلّموا وحفظوا وألّفوا ونذروا ونظموا وحثّوا ورغّبوا في تعلم لغة القرآن والفصاحة والبيان، بل عاتبوا وعابوا من رأوه يلحن، وأدبوا، فاسمع إليهم في الخطبة الثانية بعد جلسة الاستراحة وفقكم الباري، ومنحكم الخير وأصلحكم، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين..

عُنِيَ سلف الصالح بلغتنا حثًّا وتعليمًا وترغيبًا وتدريسًا، فسبق قول الخليفتين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-، وقال شعبة: "تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل"، وقال عبدالملك بن مروان: "أصلحوا ألسنتكم؛ فإن المرء تنوبه النائبة فيستعير الثوب والدابة، ولا يمكنه أن يستعير اللسان".

وقال الشعبي: "النحو في العلم كالملح في الطعام لا يُستغنى عنه".

وقال أيوب السختياني: "تعلَّموا النَّحو فإنَّه جمالٌ للوضيع، وتركه هُجنةٌ للشَّريف".

وقال النووي: "وعلى طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف".

النحو يبسط من لسان الألكن *** والمرء تكرمه إذا لم يلحن

وإذا طلبت من العلوم أجلّها *** فأجلّها منها مُقيم الألسن

والنحو مثل الملح إن ألقيته *** في كل ضد من طعامك يحسن

بل كان السلف لأولادهم يؤدبون، وعلى اللغة يقومون، ولألسنتهم يصححون، كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يضرب أولاده على اللحن، ولا يضربهم على الخطأ، وكذا كان يصنع ابن عباس -رضي الله عنهما-.

وكان علي -رضي الله عنه- يضرب الحسن والحسين على اللحن في اللغة. ورأى عمر رجلين وهما يَتَرَاطَنَان في الطوافِ، فعلاهما بالدِّرَّةِ وقال: "لا أم لكما، ابتغيا إلى العربية سبيلا".

فعوّدوا أولادكم لغتكم، وقوّموا ألسنتهم بعزكم وشرفكم، البعض يسعى في تعليم أبنائه لغات أخرى، ويبذل المال ليدخلوا دورات، بيد أنه لا يلقي للغة العربية بالاً، ولا يرعى لها معنًى فلا حرص ولا تعليم ولا مخاطبة، ولا تفهيم، لا نقول اجعل خطابك معربًا وللناس في أحوالهم وشؤونهم مخاطبًا، لكن تعلم وخاطب ما تقوم به لسانك ولسان أبنائك، وتفهم به كلام ربك وسنة نبيك.

يا طالبا فتح رتاج العلم *** وقاصدا سهل طريق الفهم
اجنح إلى النحو تجده علما *** تجلو به المعنى الغويص المبهم

وقالوا:

النحو زين وجمال ملتمس *** فالتمس النحو ونعم الملتمس

فعلينا أن نعنى بها ونهتم بها ونخرج عن ألفاظ العامية بقدر الإمكان، وأن نحرص على الكلام بها لاسيما في الأمور الشرعية، ولغة العلم والكتابات والمخاطبات ومزاحمة اللغة بالرطانة في الإعلام، والدعايات والاحتفالات، والأزياء والبيوعات مما يقلل من شأنها واعتقاد عسرها، فعلينا أن نثبُت على لغتنا بقدر الإمكان واعتزازنا بهويتنا.

وإن مما يؤسف له أن اللغات الأجنبية قد طغت على كثير من المؤسسات والشركات والمحلات والوظائف والتجارات، ورغم ذلك فاللغة باقية، فما علينا إلا أن نهتم بها ونتعلمها، وينبغي أن تكون الأصل وغيرها -إن وُجد- الفرع.

ومن مميزات لغتنا: أنها لغة القرآن ولغة ولد عدنان، وأثنى الله عليها، وامتازت بالاشتقاق والإعراب، واستوعبت القدرات والمبتكرات، وسلمت في بنائها ودلالاتها مما يجعل الغرب والشرق يتعجب منها ورقتها ويشيد بها، ويقدمها بل ويتعلمها.

واللغة تُعد هوية كل مجتمع، فمن قدَّم لغة غير قومه، واستأثر بها فكأنه يعلن انتماءه إلى غير قومه، فاللغة العربية من أجمل اللغات وأبلغها وأدقها، وأوسعها وأرقها، وأجمعها بيسر وسهولة وجمال وفتوة:


إنّ الّذي ملأ اللغات محاسنًا *** جعلَ الجمالَ وسرّه في الضّاد

لو لم تكُنْ أمّ اللغـاتِ هيَ المُنى *** لكسرتُ أقلامي وعِفتُ مِدادي

لغةٌ إذا وقعتْ عـلى أسماعِنا *** كانتْ لنا برداً على الأكبادِ

ستظلُّ رابطةً تؤلّـفُ بيننا *** فهيَ الرجاءُ لناطـقٍ بالضّادِ

هذا، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصر دينه وان يعلي كلمته..

وقوله : قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ، وقوله : وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ ، وقوله تعالى : وَكَذَلِكَ أَنْـزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ، وقوله : وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ، وقوله : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ .

Cant See Links



الساعة الآن 02:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir