منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة

منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة (http://www.afaqdubai.ae/vb/index.php)
-   مجلة آفاق دبي الإلكترونيةAfaq Dubai Journal electronic (http://www.afaqdubai.ae/vb/forumdisplay.php?f=77)
-   -   لذاكرة والنسيان! (http://www.afaqdubai.ae/vb/showthread.php?t=32287)

abo _mohammed 01-04-2013 01:42 AM

لذاكرة والنسيان!
 
لذاكرة والنسيان!
تاريخ النشر: الجمعة 04 يناير 2013
طبياً تفسر حالة النسيان أو فقدان الذاكرة على أنها عدم القدرة على تذكر المعلومات والمهارات والخبرات التي مر بها الإنسان خلال فترات حياته السابقة، وهي حالة أو ظاهرة طبيعية تحدث لجميع البشر لأسباب لها علاقة بضغوط الحياة وكثرة الانشغالات التي لا تدع للإنسان مجالاً لترتيب ذاكرته، لكنها قد تتحول إلى حالة مرضية عند الإصابة ببعض الأمراض مثل الزهايمر أو فقدان الذاكرة الكامل أو عقب إصابة دماغية أو صدمة انفعالية!!
وبخلاف كل الكائنات الأخرى التي لا تعتمد على الذاكرة، فإن اعتمدت عليها، فإن الذاكرة تعني لها مناطق حسية مرتبطة بحواس محددة تختزن فيها بعض خبراتها وشيفرات الأحداث والمهارات، مثال الكلب مثلاً الذي تكمن ذاكرته في حاسة الشم، والقط الذي تكمن ذاكرته في سمعه ، وغير ذلك، أما الإنسان، فإن الذاكرة هي بصمته الإنسانية والوراثية التي إذا فقدها انتهى تماماً، الإنسان كما يقول الفرنسيون ابن ماضيه، وماضي الإنسان مختزن في ذاكرته، فإذا أعدمت ملفات الذاكرة لأي سبب من الأسباب، توقفت حياة الإنسان عن النمو الطبيعي!
لقد كتب الأديب العملاق جارسيا ماركيز أدباً يعادل ذاكرة أمة، فهو- كما وصف نفسه- رجل عاش ليروي ويحكي ويكتب، ظل يكتب حتى استهلك مخزون ذاكرته كلها، وعندما صحي من نومه ذات يوم كانت ذاكرته قد غادرته إلى الأبد، انتهى ماركيز أديب نوبل وصاحب الإبداعات التي لن ينساها أحد، رجل بلا ذاكرة، يجلس على كرسيه واجماً طيلة النهار، لا يعرف أحداً ولا يعي ما يدور حوله، أي عقاب أشد على أحدنا من فقدان الذاكرة؟ خاصة بالنسبة لإنسان كانت الدنيا تحط وتطير على أطراف أصابعه وتهدر الحياة كلها قاب قوسين أو أدنى من تلك الأوراق البيضاء المكدسة على طاولته.. اليوم انتهى ماركيز إلى بياض الذاكرة، حيث لا معالم ولا أسماء ولا أحداث ولا ايرينديرا وجدتها، انتهى «جنرال» ليس له من يكاتبه أو يتذكره بخطاب!!
ليس أشد ألقاً من الذاكرة القوية، احتفاؤنا بذاكرتنا هو احتفاء بالعنفوان والصفاء وصخب الحياة حين نتذكر كل تفاصيلها بمنتهى الدقة، لاشيء أكثر جمالاً من صورة دقيقة الخطوط زاهية الألوان، الذاكرة هي آلة التصوير الأكثر تطوراً وتقنية على مر التاريخ، لكن عطباً يصيب هذه الآلة المهيبة قد يؤدي بصاحبها إلى مجهول لا يستحقه، ألم ينته الرئيس الأميركي رونالد ريجان مصاباً بالزهايمر؟ لقد كان أمراً مرعباً لزوجته نانسي تلك اللحظة التي تأخذه فيها إلى شارع بنسلفانيا في العاصمة واشنطن دي سي، حيث يقع البيت الأبيض الذي كان فيما مضى سيده الأول لثماني سنوات متتالية، حكم فيها وتحكم وأدار مصائر بشر وسياسات واقتصادات، لكنه انتهى، حيث لا يميز بين البيت الأبيض وأي بيت آخر، كان ينظر إلى البيت الأبيض مبحلقاً في فضاء أبيض لا يدرك أي شيء، محيت الذاكرة والتاريخ وكل شيء!
حين نقع في عمق ضغوط الحياة ومشاكلها المتلاطمة، حين تتراكم الشدائد، حين يضيق الأفق ونفقد ثقتنا بالغد، تتخلى الذاكرة عنا بشكل تدريجي، فنصير ننسى ببساطة.. مفاتيح السيارة، النظارة، مكان إيقاف السيارة في موقف المركز التجاري، مواعيد الطبيب، أعياد ميلاد الأولاد، تاريخ تجديد جواز السفر و.... إلخ، وأحياناً ننسى ما هو أهم .. لنتدارك ذاكرتنا، فهذه النسيانات الصغيرة ليست سوى إنذار مبكر!!




اقرأ المزيد : الذاكرة والنسيان! - جريدة الاتحاد Cant See Links


الساعة الآن 05:19 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir