منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة

منتديات أفـــاق دبـــي الثقافيـــة (http://www.afaqdubai.ae/vb/index.php)
-   اللغة العربية فصاحة وبيانEloquence of the Arabic language (http://www.afaqdubai.ae/vb/forumdisplay.php?f=60)
-   -   الكناية (http://www.afaqdubai.ae/vb/showthread.php?t=12578)

أفاق الفكر 05-25-2009 04:08 PM

الكناية
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الكناية

الأمثلة :

1. تقول العرب : فلانة بعيدة مهوى القرط .

2. قالت الخنساء (1) في أخيها صخر :

طويل النجاد رفيع العماد كثير الرمــاد إذا مـا شتا . (2)

* * *

3. وقال آخر في فضل دار العلوم في إحياء لغة العرب :

وجدت فيك بنت عدنان داراً ذكـريها بداوة الأعــراب.

4. وقال آخر :

الضـاربين بكل أبيض مخدم والطـاعنين مجامع الأضغان . (3)

* * *

5. المجــد بين ثوبيــــك والكــرم ملء برديــك .

البحث :

مهوى القرط المسافة من شحمة الأذن إلي الكتف . وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أن يكون العنق طويلاً ، فكأن العربي بدل أن يقول : "أن هذه المرأة طويلة الجيد " نفحنا بتعبير جديد يفيد اتصافها بهذه الصفة .

وفي المثال الثاني تصف الخنساء أخاها بأنه طويل النجاد ، رفيع العماد ، كثير الرماد . تريد أن تدل بهذه التراكيب علي أنه شجاع ، عظيم في قومه ، جواد ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفات إلي الإشارة إليها والكناية عبها ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة ، ثم أنه يلزم من كونه رفيع العماد أن يكون عظيم المكانة في قومه وعشيرته ، كما أنه يلزم من كثرة الرماد كثرة حرق الحطب ،ثم كثرة الطبخ ، ثم كثرة الضيوف ، ثم الكرم ، ولما كان كل تركيب من التراكيب السابقة ، وهي بعيدة مهوى القرط ، وطويل النجاد ، ورفيع العماد ، وكثير الرماد ، كُني به عن صفة لازمه ، لمعناه ، كان كل تركيب من هذه وما يشبهه كناية عن صفة وفي المثال الثالث أراد الشاعر أن يقول : إن اللغة العربية وجدت فيك أيتها المدرسة مكاناً يذكرها بعهد دواتها .فعدل عن التصريح باسم اللغة العربية إلي تركيب يشير إليها ويعد كناية عنها وهو " بنت عدنان "

وفي المثال الرابع أراد الشاعر وصف ممدوحيه بأنهم يطعنون القلوب وقت الحرب فانصرف عن التعبير بالقلوب غلي ما هو أملح وأوقع في النفس وهو " مجامع الأطغان " ، لأن القلوب تفهم منه إذ هي مجتمع الحقد والبغض والحسد وغيرها .

وإذا تأملت هذين التركيبين وهما : " بنت عدنان " ، " مجامع الأطغان " رأيت أن كلاً منهما كُني به عن ذات لازمة لمعناه ، لذلك كان كل منهم كناية عن موصوف وكذلك كل تركيب يماثلها .

أما في المثال الأخير فإنك أردت أن تنسب المجد والكرم إلي من تخاطبه ، فعدلت عن نسبيهما إلي ما له أتصال به ، وهو الثوبان والبردان ‘ ويسمي هذا المثال وما يشبهه كناية عن نسبة . وأظهر علامة لهذه الكناية أن يصرح فيها بالصفة كما رأيت ، أو ربما يستلزم الصفة ، نحو : في ثوبيه أسد ، فإن هذا النثال كناية عن نسبة الشجاعة .

وإذا رجعت إلي أمثلة الكناية السابقة رأيت أن كل منها ما يجوز فيه إرادة المعني الحقيقي الذي يفهم من صريح اللفظ ومنها مالا يجوز فيه ذلك .


الساعة الآن 10:41 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir